رهانات وتحديات

فضيلة بودريش
05 جانفي 2019

لم تدخّر الجزائر أي جهد من أجل تعبيد مسار التنمية، ولم تتوقّف عن إصلاحاتها الاقتصادية التي تسير بمنحى تصاعدي، فأرست البنى التحتية ودعمت مساعي إنشاء المؤسسات وأطلقت التحفيزات الجبائية وهيّأت حظائر العقار الصناعي، وراجعت التشريعات القانونية وبسطت الإجراءات البنكية لتشجيع تدفق القروض، ومن الطبيعي أن تنتظر الكثير على صعيد توسيع نسيج المؤسسات الصناعية واستحداث الثروة، ومن ثم الانفتاح على الأسواق الخارجية، بل وعازمة على مواصلة الجهود في عام 2019، في ظل عدم استقرار السوق النفطية التي صار حتى الخبراء لا يمكنهم توقع أهم مؤشراتها.. فيا ترى ما هي أهم الرهانات التنموية للسنة الجديدة..؟
لاشك أن أكبر تحدي يتمثل في نجاح المؤسسة الإنتاجية في كسب رهان التصدير نحو السوق الإفريقية وكذا العربية على وجه الخصوص، لذا المؤسسة الإنتاجية مطالبة بتكثيف منتجاتها لتغطية الطلب المحلي، وتخصيص كميات معتبرة من المنتوج للتصدير بشكل مستمر من دون انقطاع، ولا ينبغي للمؤسسة أن تقف عند نفس المستوى من الإنتاج والكلفة والجودة، بل تواصل معركة تخفيض سعر المنتوج والرفع من جودته بهدف كسب رهان المنافسة والاستحواذ على حصتها في الأسواق الخارجية.
إن المؤسسة الإنتاجية مطالبة كذلك بالتوسّع وتطوير أدوات عملها إذا خططت للصمود في وجه المنافسة، ولاشك أن تدفق القروض صار أمرا حتميا من أجل مساعدة الاقتصاد الوطني على السير بخطوات ثابتة نحو الأمام والدفع بقاطرة النمو نحو المزيد من التقدم، ولا يمكن للقروض أن تضخ بوتيرة أسرع إلا إذا اختفت جميع مظاهر البيروقراطية التي من حين لآخر تتسبب في عرقلة نمو أو بروز المشاريع الاستثمارية. وينتظر بعد ذلك المزيد من ضخ السلع الجزائرية نحو الخارج.
ويأتي تنويع الاستثمار في صدارة الاهتمام حتى لا تركز نفس المؤسسات في منطقة صناعية على إنتاج منتوج واحد، لأن التنوع ضروري، وإن كان قطاع الخدمات المنتج مثل الاستثمار في البرمجيات وكل ما له علاقة بتكنولجيات الاتصال الحديثة بات أمرا ضروريا وتعميقه لاشك أنه سوف ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني.
والجدير بالإشارة، فإن تحدي ربط الجامعة بالمؤسسة من خلال بناء جسر التواصل وخلق شراكة منتجة صار لا مفر منه، بل أن فتح مخابر بحث على مستوى المؤسسات الاقتصادية، يعد سر نجاح واستمرار تواجد المؤسسات عبر الأسواق سواء كانت داخلية أو خارجية، ومن ثم الاعتماد على الكفاءة في التسيير، وإيلاء أهمية كبيرة بعنصر الابتكار. وبما أن القدرات الطبيعية متوفرة والمورد البشري متاح، ينبغي التفكير الجدي في استحداث مؤسسات مصغرة في المجال الرقمي ودعم التجارب الاستثمارية الصغيرة وجعلها كتجارب نموذجية وتوجيهها نحو خلق الثروة وامتصاص البطالة وكذا التصدير للخارج. ولعلّ تجارب الصناعة الإلكترونية والكهرومنزلية في الجزائر يمكن أن يشجع على الرفع من سقف هذا النجاح.
من الضروري الانطلاق في استغلال المورد السياحي استغلالا امثلا يعكس القدرات المذهلة، والبداية تكون بخطوة الترويج وكذا الانفتاح على المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع الذي يمكن للجزائر أن تستقطب منه الملايير من الدولارات خارج قطاع المحروقات، وتفتح فيه استثمارا فعليا يستحدث الثروة في قطاع الخدمات، ويمكن لعام 2019، أن يكون سنة لبداية تألق الجزائر كوجهة سياحية جاذبة وساحرة.
ويمكن لقطاع الفلاحة أن يضاعف من قدراته الإنتاجية بالنظر إلى شساعة المساحات، وبالتالي الرفع من قدرات الصناعة التحويلية، حتى تكون الجزائر في مصاف الدول التي تصدّر المواد الغذائية المصنعة، نظرا لجودتها العالية والتي يمكنها أن تنافس في أفضل الأسواق الخارجية، لكن بخطى ثابتة وإنتاج قوي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024