«معركة باريس» ..

أمين بلعمري
16 أكتوير 2018

في الوقت الذي كان الجنرال ديغول يحاول تعزيز أركان عقيدة «الجزائر – فرنسية» و القضاء على الثورة التحريرية جاء الرد من داخل الأراضي الفرنسية و على أيدي المهاجرين الجزائريين الذين كانوا الوقود الذي غذى استراتيجية نقل الثورة إلى أرض العدو فبينما كان الجيش الاستعماري ينفذ أعتى خططه الجهنمية للقضاء على الثورة في الجبال ، المداشر و القرى كانت  قد انتقلت الى المدن و لم  يكن ذلك في الجزائر وحدها و لكن داخل الأراضي الفرنسية كذلك التي شهدت سنة 1958 وحدها 283 عملية مختلفة، مما يعني أنه كانت هناك «معركة لم تبح باسمها و هي «معركة باريس» التي كانت تدور بالتوازي و معركة الجزائر . و لعل من أهم تلك العمليات التي شهدتها العاصمة باريس هي استهداف  جاك سوستال بجادة الشانزليزيه  في اطار تنفيذ استراتيجية كانت تستهدف رموز رواية «الجزائر فرنسية» و  من ضمنهم سوستال الذي شغل  بين سنتي 1955 – 1958 حاكما عاما للجزائر و كان من أشد المتطرفين لعقيدة الجزائر فرنسية كما  أنه من مهندسي انقلاب 23 ماي 1958 الذي أنهى حكم رونيه كوتي آخر رئيس للجمهورية الفرنسية الرابعة و جاء بالجنرال ديغول كأول رئيس في الجمهورية الفرنسية الخامسة بهدف الإبقاء على السيطرة الاستعمارية على الجزائر.
باستهداف شخصية بحجم جاك سوستال وسط باريس و في عز النهار، أدركت الإدارة الاستعمارية أن الثورة أصبحت في عقر دارها و أنها ستتوسع أكثر لهذا كان عليها الاستنجاد بالدموي النازي  موريس بابون الذي اهتدى إلى فكرة عنصرية لتضييق الخناق على نشاط خلايا جبهة التحرير في العاصمة باريس فقام بفرض إجراء عنصري نازي تمثل في فرض حظر التجوال على الجزائريين دون سواهم من الثامنة مساء الى الخامسة صباحا ؟ و للرد على الإجراء خرج الجزائريون في مظاهرات حاشدة في مثل هذا اليوم من سنة 1961 ، حيث التحق الالاف منهم  بالعاصمة باريس قادمين من كل نواحي فرنسا استجابة لنداء جبهة التحرير الوطني ليجدوا في انتظارهم الشرطة الفرنسية التي قمعت تلك المظاهرات السلمية بوحشية مفرطة حيث قامت بإلقاء عشرات المتظاهرين أحياء و هم مكتوفي الأيدي في نهر السين ليقضوا غرقا كما تم التخلص من جثث القتلى بنفس الطريقة و الحصيلة كانت المئات من الشهداء و مثل هذا العدد من المفقودين ، بينما تكلم تقرير شرطة بابون عن 4 قتلى فقط و كان لا بد من انتظار سنة 1998 لتعترف السلطات الفرنسية بسقوط 40 شهيدا في مجازر 17 أكتوبر 1961 و في السنة نفسها تم محاكمة موريس بابون و إدانته بارتكاب جرائم إبادة و جرائم ضد الإنسانية بعد اعترافه بما اقترفه و هو على كرسي متحرك في عقده التاسع ؟ !.
إن الشهداء الذين سقطوا من أجل تبقى أن الجزائر جزائرية في مجازر 17 أكتوبر ١٩٦١هو فصل مشرق كتبه المهاجرون الجزائريون بحروف من ذهب  في حب هذا الوطن و الاعتزاز بشرف الانتماء إليه و هذا الفصل مايزال مستمر الى اليوم و أبناء المهاجرين  ورغم أنهم من الجيل الرابع و الخامس تجد حب الجزائر يسري في دمائهم و المنتخب الوطني لكرة القدم يثبت أنهم لا يفوتون فرصة الا و عبروا فيها عن الانتماء لهذا الوطن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024