بدءاً من منتصف شهر جوان المقبل، ستطوي الاتحادية الدولية لكرة القدم، أصعب مرحلة انتقالية في تاريخية، بعد سلسلة الفضائح المالية التي ضربت مصداقيتها في الصميم، فبعد انتخاب رئيس جديد خلفا لبلاتير، سيتم ترسيم فاطمة سامورا في منصب الأمين العام للهيئة، لتكون أول امرأة تسند لها هذه المهمة وأول شخصية إفريقية تبلغ هذه المكانة.
تعيين الدبلوماسية السنغالية خلفا للفرنسي جيروم فالك، الذي تم إيقافه لمدة 12 عاما بتهمة التلاعب ببيع تذاكر مونديال البرازيل 2014، صنع الحدث في الصحافة الدولية أكثر مما كان عليه الحال مع انتخاب جياني انفانتينو رئيسا للفيفا شهر فيفري الماضي، لأن الأمر يتعلق بامرأة وهي سابقة في تاريخ الهيئة المشرفة على شؤون الساحرة المستديرة، وتنحدر من القارة السمراء.
وكان مصدر مقرب من الفيفا أكد في وقت سابق، أن فاطمة سامورا ستعين في منصب الأمين العام للفيفا خلال المؤتمر السادس والستين للاتحاد الدولي، الذي افتتح الجمعة 13 ماي الجاري. وأوضح المصدر «إسم الأمين العام سيعلن اليوم وسيكون سيدة ليست أوروبية».
وستحل سامورا، اعتبارا من منتصف جوان القادم، محلّ المدير المالي الألماني ماركوس كانتر الذي يقوم بمهام الأمين العام بالوكالة، بعد إقالة الفرنسي جيروم فالك وإيقافه لمدة 12 عاما.
ونقلت وكالات الأنباء العالمية، أن سامورا (54 عاما)، التي تم تعيينها «بعد التحقق من أهليتها» لشغل المنصب، اشتغلت في الأمم المتحدة لـ21 عاما، وتبوأت عدة مناصب في عديد البلدان الأفريقية.
ولا تملك سامورا أي خبرة مع المنظمات الرياضية، «لكنها تتمتع بشخصية كبيرة واعتادت على إدارة منظمات كبيرة ذات ميزانية مهمة»، بحسب انفانتينو.
وأضاف رئيس الاتحاد الدولي الجديد السويسري جاني انفانتينو، «ستدخل سامورا نفسا جديدا إلى الفيفا، لأنها تأتي من خارجه. إنها ليست شخصا من الماضي وإنما شخص جديد».
وكان انفانتينو، الذي انتخب أواخر فيفري خلفا لمواطنه جوزيف بلاتر، أكد في أكثر من مناسبة أن تعيين الأمين العام سيتم في موعد أقصاه الصيف المقبل.
وبعد نحو عام تقريبا على توقيفات زيوريخ لعدد من أعلى المسؤولين في كرة القدم العالمية وبداية أكبر أزمة فساد في تاريخ الفيفا، يريد انفانتينو طي صفحة المسائل القضائية.
وسيكون من أولويات المؤتمر السادس والستين، تطبيق الإصلاحات التي تم تبنيها لمعالجة الأزمة الخطرة التي تعصف بالمنظمة العالمية، وسينظر أيضا بقبول عضوية إقليم كوسوفو من عدمها بعد أن أصبح عضوا كاملا في الاتحاد الأوروبي، رغم معارضة عديد الدول، ومنها صربيا.
فاطمة سامورا... من تكون؟
إلى غاية نهاية الأسبوع المنقضي، كانت فاطمة سامورا من الشخصيات التي تقدم مجهودات هائلة للشعوب، دون أن تكون معروفة لدى العامة، فقدراتها المشهودة لدى هيئة الأمم المتحدة ظلت محل اطلاع ودراية من قبل الرسميين، خاصة رؤساء الدول والحكومات التي اشتغلت بها.
ولدت سامورا بالسنغال عام 1962، وبعد تكوين عالي المستوى بدأت مسيرتها الطويلة في هيئة الأمم المتحدة عام 1995، حيث عيّنت ممثلة لبرنامج الغذاء العالمي في دول جيبوتي، الكاميرون وإيطاليا، واشتغلت على أعقد الأزمات العالمية، على غرار كوسوفو، ليبيريا، نيكارغوا، تيمور الشرقية وسيراليون، وتعاملت مع ظروف إنسانية استعجالية وحظيت بإشادة واسعة.
في سنة 2007 ومع قدوم بان كي مون على رأس الأمم المتحدة، عيّنها كمنسقة مساعدة للشؤون الإنسانية بالتشاد، وانتقلت لتمثيل برنامج الأمم المتحدة للتطور، في عدة دول آخرها نيجيريا.
مدغشقر بداية القصة
في الوقت الذي كانت سامورا تحضر فعاليات مؤتمر إفريقيا بأبوجا لمكافحة بوكو حرام، تلقت خبر تعيينها في منصب الأمين العام للفيفا. وصرحت لوكالة فرانس برس، «أقول لمن يقولون إن خبرتي ضعيفة في كرة القدم، أعطوني الوقت اللازم وسترون ما أستطيع فعله»، وهو التصريح الذي يؤكد قوة شخصية المرأة وثقتها فيما تستطيع أن تضيفه.
المغامرة الجديدة لهذه الدبلوماسية، بدأت منتصف شهر نوفمبر 2015، بمدغشقر، أين التقت، لأول مرة، بجياني انفانتينو، الذي لم يكن مرشحا حينهما لرئاسة الفيفا وكان يقوم بحملة لصاح الفرنسي ميشال بلاتيني الذي ثبت تورطه فيما بعد.
وكانت أول المهنّئين لأنفانتينو عقب انتخابه قبل 4 أشهر، عبر رسالة نصية قصيرة، ليفاجئها بعرض تولي الأمانة العامة «وبعد مدة وجيزة استطاع إقناعي وقبلت»، تؤكد سامورا.
وعن مهمتها المقبلة، قالت: «أنتظر بشغف المساهمة في إعادة البريق لصورة كرة القدم التي اهتزت على وقع فضائح الفساد». وأضافت سأقدم 21 سنة من خبرتي في الأمم المتحدة، لتكريس الحكامة الرشيدة والشفافية وإلزامية المحاسبة أيضا.