يخوض رئيس نيجيريا محمد بوهاري، حربا شرسة على جبهتين، الأولى معروفة تستهدف الجماعة الإرهابية الدموية «بوكو حرام»، والثانية ضد الفساد المالي الإداري.
وإذا كانت المعركة الطويلة ضد الإرهاب مدعومة من قبل الاتحاد الإفريقي، فإنه يصارع لوحده لتطهير الإدارة.
يتساءل المهتمون بالشأن الأمني الإفريقي، عن سرّ قدرات التنظيم الإرهابي «بوكو حرام» واستمرار أعماله الإجرامية واتساعها مستعينا بأقوى الأسلحة والمعدات الحربية، رغم الحملات الواسعة التي قام بها الجيش النيجيري، مدعوما بقوات الكاميرون، تشاد والنيجر.
وإذا كان التواطؤ الغربي بقيادة سماسرة الأسلحة معروفا، بدليل تصريح الرئيس التشادي إدريس ديبي، مطلع السنة الجارية، وتساؤله «كيف نحارب بوكو حرام ونحن نجد يوميا في معاقلهم أحدث الأسلحة ذات الصنع الأوروبي»، فإن عاملا آخر لعب دورا حاسما في استمرار نشاط التنظيم، يتمثل في الفساد الإداري والعسكري داخل نظام الحكم بنيجيريا.
الجنرال محمد بوهاري، الذي ترأس الدولة ذات الكثافة السكانية المرتفعة من سنة 1982 إلى 1984 عبر انقلاب عسكري وغادر بمثله، عاد منتخبا من قبل غالبية الشعب النيجيري السنة الماضية، وصرح في حملته الانتخابية «أنه تغير كثيرا وفهم معاني الديمقراطي ولديه معركة ضد بوكو حرام وأخرى لإعادة القوة الاقتصادية للبلاد».
بوهاري، صاحب القبضة الحديدة، كما يلقب من البعض، فتح جبهتين يجهل نهايتهما، خاصة على الصعيد الداخلي ومكافحة الفساد، فلا يمر يوم أو أسبوع إلا ويكتشف أرقاما مذهلة عن الدولارات التي تم تحويلها إلى جيوب مسؤولين أو صُرفت في مجالات مجهولة.
بدايته كانت بحل مجلس إدارة الشركة الوطنية للبترول، بعد الكشف عن مقدرات مالية فاقت 16 مليار دولار تبخّرت في صفقات مشبوهة، وتولى بنفسه متابعة نشاط الشركة الاستراتيجية في ظرف اقتصادي حساس، يتسم بتهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية.
لكن المفاجأة الكبرى، كانت عقب التدقيق في أنشطة حكومة الرئيس السابق غودلاك جوناثان، حيث أصدر نائب الرئيس النيجيري، يمي أوفينباغو، الأسبوع الماضي، بيانا يتحدث عن إهدار 15 مليار دولار صرفت في صفقات مغشوشة لاقتناء معدات عسكرية لمحاربة بوكو حرام.
وجاء في البيان، «لقد تبخرت... بسبب الممارسات الفاسدة والمغشوشة ومصارف كانت مخصصة للتجهيزات الأمنية». ولحد الآن استطاعت حكومة محمد بوهاري إثبات تحويل 5.5 ملايير دولار من المبلغ المالي الإجمالي المصرح به والذي يعد نصف الاحتياطات المالية الخارجية للبلاد من العملة الصعبة.
ولعل المعطى الذي يقوض الإرادة الجادة المعلنة من قبل السلطات السابقة في محاربة الإرهابي «بوكو حرام»، اتضاح أن أيادي الفساد تعود لرؤوس كبيرة جدا في هرم السلطة، أبرزها صاحب المنصب الاستراتيجي المتمثل في مستشار الأمن الوطني للرئيس السابق جوناثان غودلاك، صامبو دازوكي، الذي تم توقيفه بتهمه «تحويل أموال كانت مخصصة لاقتناء 4 طائرات و12 مروحية حربية لمكافحة الإرهاب، نحو وجهة أخرى تمثلت في دعم الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي الشعبي في رئاسيات السنة الماضية».
مثلما يُتابع قائد أركان القوات المسلحة لنيجيريا، سابقا، أليكس بداه، بتهمة الاستيلاء على ما يناهز 19.8 مليون دولار، كانت مخصصة كمكافآت وعلاوات للمستخدمين العسكريين. وامتد عمل لجان التحقيق لتضع يديها على مرحلة تسيير وزيرة البترول السابقة صاحبة 55 سنة ديزانيي آليزون، بسبب شبهة منح 115 مليون دولار لأعضاء لجنة مراقبة الانتخابات الرئاسية الماضية.
وبين توالي سقوط رؤوس الفساد، تقول أوساط نيجيرية إن معركة بوهاري لازالت طويلة جدا، خاصة وأن لها تشعبات وخلفيات سياسية، على اعتبار أن المتورطين كلهم من الدائرة القريبة للرئيس السابق جوناثان غودلاك، والذي لازال يلتزم الصمت حيال ما يجري، رغم تصريحات متهمين بأنهم تلقوا أوامر مباشرة منه.