الصّحـــراء الغربيــة قضيـــة تصفيـــة استعمـار
علّق الشّعب الصّحراوي آمالا كبيرة على زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مخيمات اللاجئين، ولازال يترقب صدور التقرير الذي سيقدّمه لمجلس الأمن شهر أفريل المقبل، ويتوقّع أن يكون مغايرا للتعامل التقليدي الذي دأبت عليه الأمانة العامة للمنظمة طيلة سنوات.
ما إن غادر بان كي مون الأراضي الصحراوية المحررة باتجاه الجزائر، في الخامس من الشهر الجزائري، حتى بدأت التساؤلات تطرح بشأن مدى نجاح الزيارة من عدمه؟ وكيف ستنعكس نتائجها على النزاع الطويل؟ وما هي العناصر الجديد التي سيطلع عليها أعضاء مجلس الأمن الدولي الشهر الداخل؟
هل نجحت زيارة الأمين الأممي إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين وإلى المناطق المحررة؟ من المؤكد بالنسبة لجبهة البوليساريو، أنها ناجحة أكثر من المتوقع، بدليل أنّها أصابت المغرب بخيبة غير مسبوقة، وأدخلته في حالة هيجان دبلوماسي دفعه إلى مهاجمة بان كي مون.
ردّة فعل الاحتلال المغربي مؤشّر واضح على أن حضور بان كي مون لم يكن شكليا، ولم يستهدف تبييض صورة المنظمة فحسب، ويكفي إمعان النظر في صورة واحدة، لمعرفة سبب غضب المغرب، ودواعي تفاؤل جبهة البوليساريو، فقد التقطته عدسات المصوّرين، مبتسما رافعا إشارة النصر بيده أمام متظاهرين صحراويين كانوا في استقباله.
وحتى وإن لم يقدّم بان كي مون ضمانات أو تعهّدات للرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز، بأنّه سيقدّم تقريرا مخالفا لماكان عليه الحال سابقا، إلاّ أنّ تصريحه للصحافة قبل اختتام الزيارة يعطي الانطباع بأن الرجل متفاعل بشكل إيجابي مع القضية ككل، ومتعاطف مع معاناة الشعب الصحراوي.
لقد قال الأمين الأممي «إنّ الشّعب الصّحراوي منسي، خرج عن اهتمام المجموعة الدولية، ويرغب في أن يلفت أنظار العالم إليه»، وأبدى تفهّما كبير لحالة الغضب الذي ظهر عليه شباب صحراويون.
كلام بان كي مون يعدّ اعترافا بالتقصير في حق شعب محتل، ويؤكّد وجود نيّة للتّعاطي مع الملف بشكل أكثر فاعلية. ولعل أبرز ما شدّد عليه، هو أن الحل العادل للنزاع لن يخرج عن طريق تقرير المصير، مثلما نصّت عليه قرارات الهيئة الأممية، ولم يتطرّق ولو بالإشارة إلى الحكم الذاتي، الأمر الذي يفسّر الإرباك الهائل الذي دخل فيه المحتل المغربي.
سكان مخيّمات اللاجئين قالوا لبان كي مون: «نريد منك أن تعطينا استقلالنا»، لكن الحكومة الصّحراوية تدرك أنه لا يملك من أمره غير تقديم تقرير موضوعي، يفضح انتهاكات حقوق الإنسان ويشدّد على تقرير المصير، ويحدّد الجهة المسؤولة عن تعطيل مسار التسوية.
ويبدو أنّ المعطيات التي ظهرت في بيان الناطق الرسمي باسم بان كي مون، الذي ردّ فيه على اتهامات المغرب، تسير في هذا الاتجاه، حيث أكّد أنّ التّقرير المقبل سيحمل عناصر لم تدرج سابقا، ودافع عن استخدام كلمة «الاحتلال»، لأنّ قاطني المخيّمات ممنوعون من زيارة المناطق المحتلة، بل ويتعرّضون لخطر الموت إذا اقتربوا من الجدار العازل.
أسابيع قليلة ويتّضح ما إذا استطاع بان كي مون فعلا أن يلفت أنظار العالم، للشعب الصحراوي المنسي، ويحدّد مدى تقدّم النّضال السّلمي للممثّل الشّرعي والوحيد لآخر مستعمرة في إفريقيا.