تسويـة النزاعات بالطـرق السلمية والتدخل العسكري أمـر غـير مرغـوب فيـه
اختتمت القمة 26 للإتحاد الإفريقي، بالتأكيد على مواصلة جهود التسوية السلمية للأزمة في بورندي، والتنسيق بين الدول الأعضاء لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، والعمل على تعزيز حماية واحترام حقوق الإنسان.
حملت القمة الإفريقية، التي جرت على مدار ثلاثة أيام، بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، دلالات عميقة وذات أهمية بالغة على الصعيد القاري، ورسائل غير مباشرة وجهت للشركاء الأجانب.
الاتحاد الإفريقي أعلن قبل انطلاق الأشغال، عن اختياره لـ»حقوق الإنسان»، كشعار لسنة 2016، بعدما توقف عند « الزراعة والموارد المائية» و» مكانة المرأة في التنمية الاقتصادية» كشعارين لسنتي 2014 و2015.
ويهدف الاتحاد من وراء الاهتمام بحقوق الإنسان، إلى إثبات القيمة التي يوليها الأفارقة، للمسألة من جهة، والسعي لتعزيز مكانتها في الديمقراطية والحكم الراشد، من جهة أخرى، ويفهم من الشعار في الوقت ذاته، أنه رسالة إلى عدد من البلدان الإفريقية المقبلة على مواعيد انتخابية حاسمة (15 استحقاق رئاسي وتشريعي) ، تفيد بالتوعية وضبط النفس وتفادي كل ما قد ينجم عنه انحرافات غير محمودة العواقب يذهب ضحيتها المواطنون البسطاء.
ويحمل الشعار، في مضمونه أيضا، دلالة موجهة إلى البلدان الغربية، التي دائما ما تقمصت دور الوصية على حقوق الإنسان في القارة الإفريقية، وما متابعة محكمة الجنايات الدولية لبعض القادة والمسؤولين السامين الأفارقة إلا دليل على ذلك.
وقد حظي مشروع قرار، تقدم به الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، يقضي بالانسحاب من محكمة لاهاي، بموافقة غالبية الأعضاء، ويعد الأمر بمثابة استمرار للخطوات التي قطعتها البلدان الإفريقية، خلال الأشهر الماضية، نحو محاكمة المتورطين في جرائم ضد الإنسانية قاريا، كما حدث مع الرئيس التشادي السابق حسن حبري، الذي حوكم في العاصمة السنغالية داكار.
وفي سياق آخر، شكلت الأزمة في بورندي، الملف الأبرز الذي عالجته القمة 26 للاتحاد الإفريقي، حيث تقرر إرسال لجنة مكونة من شخصيات سياسية رفيعة، تتولى مهمة الحوار مع الرئيس بيير نكورونزيزا، قصد الحصول على موافقته لإرسال 5000 عنصر من قوات حفظ السلام.
وكان الاتحاد الإفريقي، قد أعلن نيته لإرسال، هذه القوة، شهر ديسمبر من العام الماضي، لكن حكومة بورندي، عبرت عن رفضها لأي مهمة عسكرية، دون الحصول على موافقتها.
غير أن خطوة الهيئة الإفريقية حينها، كانت ترمي، إلى تطويق الأزمة وإبقائها على الصعيد القاري، لتفادي تدخل جهات أجنبية، ويعتبر ملف بورندي، اختبارا حقيقيا، سيعكس مدى قدرة الأفارقة على معالجة قضية بهذا التعقيد.
وقررت دول القارة، في قمة 2014 بمالابو (غينيا)، المضي قدما في تجسيد مبدأ الحلول الإفريقية، للمشاكل الإفريقية، بعدما وجدت نفسها في موقف المتفرج، على التدخل الفرنسي في كل من مالي وإفريقيا الوسطى سنة 2013.
ومنذ ذلك الوقت قررت وضع آلية، تتمكن بموجبها من التدخل السريع لحل الأزمات، أو التصرف قبل وقوعها، وكذا العمل على معالجة ما خلفته من نتائج كارثية على الاقتصاد والمجتمع.
على صعيد آخر، جدد الاتحاد الإفريقي، دعمه للأطراف الليبية من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة، وشدّد على ضرورة تفادي اللجوء إلى العمل المسلح الذي ستكون له نتائج وخيمة على البلاد ودول الجوار.
ووقفت البلدان الإفريقية، مرة أخرى، على الصعاب التي تعترضها، في سبيل تجسيد المشاريع التنموية، عبر التكامل والاندماج الإفريقي، حيث يقف انتشار وارتفاع نشاط الجماعات الإرهابية، حاجزا رئيسيا.
ومن الأمثلة الحية على ذلك، امتداد نشاط جماعة بوكو حرام الإرهابية، من شمال شرق نيجيريا إلى كافة مناطق بحيرة التشاد، وهي منطلق ونهاية الطريق العابر للقارات، الذي يربطها بالجزائر ويمر على 05 بلدان، كما تعمل حركة الشباب الإرهابية بالصومال وكينيا وجزأ من أوغندا على تقويض مشروع خط السكة الحديدية الذي يربط جنوب إفريقيا بجيبوتي.
وفي السياق صرح، الرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي، فور تعيينه، بأنه يستحيل الحديث عن تنمية اقتصادية وجزأ من جسم القارة مريض، ما يعني أن ملايير الدولار ستوجه لسنوات أخرى نحو اقتناء الأسلحة ومحاربة الإرهاب، بدل إنشاء مشاريع لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
ولا يحتاج الأفارقة في الوقت الراهن، إلى الآليات، بقدر ما هم بحاجة إلى تمويل تنفيذ الخطط الأمنية والاقتصادية على الأرض، لكون ميزانية الاتحاد الإفريقي، تمول بـ 72 بالمائة من قبل الشركاء الأجانب، الأمر الذي يؤثر دون شك على استقلالية قراراته وسريان نفاذها.
وستشرع بدءا من هذه السنة، في العمل على رفع نسبة التمويل الذاتي إلى 65 بالمائة، خلال السنوات الـ05 المقبلة.