14 رئيســــــــا إفريقيـــــــا زاروهـــــــــا منـــــــذ بدايـــــــة السنـــــة

الجزائر قاطرة القارة السمراء

حمزة محصول

الدبلوماسية الاقتصادية تفرض نفسها في ظرف مالي صعب وتغييرات جيواستراتيجية

وضعت الجزائر، منذ مطلع السنة الجارية، إقامة شراكة اقتصادية ناجعة مع بلدان إفريقية، على رأس أولوياتها، حيث طغى الطابع الاقتصادي للرؤساء الأفارقة بشكل لافت على أجندة زياراتهم لبلادنا، في خطوة مهمة لإسناد العلاقات السياسية بدبلوماسية اقتصادية ضرورية لتعزيز الحضور والنفوذ على مستوى القارة السمراء.

بزيارة الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، تكون الجزائر قد استقبلت حوالي 14 رئيس دولة وحكومة، إفريقية، منذ جانفي 2015، وامتازت الزيارات كلها بدوامها لثلاثة أيام كاملة، حظي فيها الشق الاقتصادي بحصة الأسد من المباحثات الثنائية.
وخص عدد من الرؤساء الأفارقة، وحدات صناعية جزائرية، بالزيارة للإطلاع، على ما تنتجه من مواد مصنعة، على غرار مصنع المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية برويبة، الذي اعتبر من قبل هؤلاء تجربة ناجحة للجزائر، يمكنهم الاستفادة منها.
هذا الذي أطلق عليه « الإنزال الإفريقي في الجزائر»، حظي بتركيز إعلامي لافت وتوبع بقراءات وتحاليل، ربطت بين الدفع الجديد للدبلوماسية الجزائرية في إفريقيا، والنتائج المأمولة من هذا الحراك الذي خيمت عليه ملفات عديدة.
التمعن في زيارات الأفارقة للجزائر، يفضي إلى استنتاجات متنوعة، تصب كلها في سياسية ومنهجية متجددة تريد منها بلادنا الانفتاح بشكل أوسع على التي تقاسمها نفس القارة، وقد لا يكون صحيحا  الحديث عن « استعادة الدبلوماسية الجزائرية لمكانتها في إفريقيا»، فمن النواحي التاريخية، النضالية، السياسية والأطر الرسمية، تملك الجزائر علاقات صداقة قوية مع كافة أعضاء الاتحاد الإفريقي، بدليل الانسجام في الطرح والمواقف على مستوى الهيئات الدولية، إلى جانب التضامن والتناغم القائم حول المسائل المتعلقة بالسيادة ومبدأ « الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية».
ولا تخفي الدول الإفريقية، انبهارها من تجربة الجزائر في ميدان مكافحة الإرهاب والمصالحة الوطنية، وحل الأزمات الشائكة على مستوى القارة. كل هذا يتنافى والطرح القائل باستعادة الدبلوماسية لمكانة لم تفتقدها أصلا.
وعليه فإن أكثر ما يلفت في الزيارات المتتالية لرؤساء دول وحكومات البلدان الإفريقية، هو الشق الاقتصادي الذي بات يطرح بشكل غير مسبوق، من حيث التناول والفكرة، فالساسة يعكفون في كل مرة على وضع الأطر القانونية المسهلة للاستثمار والتعاون الاقتصادي والتجاري، لتصبح الكرة بعدها في مرمى أصحاب المؤسسات من المستمثرين ورجال الأعمال الخواص.
ويحظى هؤلاء المتعاملون الاقتصاديون، بعناية خاصة، تشجعهم على استغلال الفرص الاقتصادية المتاحة خارج بلادهم، وهي مبادرات مشجعة ليس للجزائر وشركائها فقط، وإنما للقارة الإفريقية ككل، خاصة وأن المبادلات التجارية بين دولها مازالت ضعيفة جدا ولا تتجاوز الـ 10 بالمائة مقارنة بالاتحاد الأوروبي التي تفوق الـ 90 بالمائة بين أعضائه.
الجزائر، إذا بصدد التحضير لمرحلة أخرى في علاقتها مع دول إفريقيا، محركها الاقتصاد والتجارة والشراكة الناجحة، ويؤكد هذا التوجه وزير الصناعة بوشوارب بالقول « إن الجزائر سطرت سياسة صناعية جديدة، تضع القارة الإفريقية أولوية لها»، وسبق لذات الوزير أن صرح اللقاءات بين رجال الأعمال الجزائريين ونظرائهم الأفارقة تسير في الطريق الصحيح، حيث نظمت عديد الزيارات الميدانية لبحث الفرص وتجسيدها.
وفي عالم اليوم، الذي تعود كلمة الفصل فيه للاقتصاد المتنوع القائم على المؤسسة المنتجة للثروة والخلاقة لمناصب الشغل، لا بديل للجزائر غير الدبلوماسية الاقتصادية، لدعم حضورها السياسي والتاريخي المتميز في القارة السمراء، لما في ذلك من فائدة معتبرة لها ولشركائها القاريين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024