—شارع “ميسونيي” وساحة الشهداء “قِبلة”

”كُل مَصنُــوع مَبيُــوع” في رمضان

نضيرة نسيب

عادت دروب الحياة للانتعاش مع العد التنازلي لأيام شهر رمضان المبارك، المقبل الراحل، فازداد، في الأسبوعين الأخيرين، عدد المصلين القاصدين المساجد بمختلف ربوع الوطن، لاسيما للاعتكاف والصلاة وتلاوة الذكر الحكيم، سعيا منهم التقرب إلى الله في أجواء نورانية تدعو إلى السكينة والرحمة والمغفرة، بعد أن خلت بيوت الرحمان، لزمن طال أمده في السنتين الماضيتين، من أفواج المصلين بسبب الحجر الصحّي وغيره من الاحتياطات الصحية التي تبعته، هدفت كلها إلى تفادي انتشار عدوى الفيروس النازلة على يوميات المواطنين والعالم بأسره، بعدما خيّمت رائحة الموت في كل الأرجاء، حارمة بذلك الأفراد من إنجاز أبسط أمورهم اليومية.

اليوم في المقابل تدّب الحياة من جديد لتشهد هذه الأيام توافدا كبيرا وتزاحما لأفواج من نوع آخر بأعداد كبيرة تحج نحو أسواق شعبية تترامى على أطرافها أحياء سحرت بشهرتها حد الهوس بالشراء، نساء وعائلات بمختلف أفرادها اكتظت مساراتها ذهابًا وإيابَا، ليلاً ونهارًا، أين تُعرض مقتنيات رمضانية وأخرى تخصّ تشكيلات متنوّعة من ملابس وأوانٍ منزلية وأغراض لصنع الحلوى وغيرها والقائمة تطول.
شارع “ميسونيي” بوسط العاصمة، أو ساحة الشهداء، موقعان يشكلان مفترق طرق بالنسبة للعاملين بالمنطقة والسكان القاطنين بالدوائر المجاورة، أين يزورها معظمهم دون الحاجة لتوجيه دعوة إليهم.
غير أن بعض الباعة يتعمّدون اعتراض طريق المارة القادمين من هنا وهناك، ولا يركح بعضهم حتى يأخذوا من مالهم الزهيد ولو القليل، وحينها - للأسف - كثيرا ما يدمن الزبون عليها والباعة غير مبالين، لأنها تمنحهم متعة التسوّق، ولو بالقليل فتغدو متعة مؤقتة تزول بفراغ الجيوب، مع منتصف الشهر الفضيل، عند أكثريتهم.
حقا أصبح هذان السوقان الشعبيان يسحران سكان العاصمة وضواحيها، باختلاف الفئات الاجتماعية التي تحرص على اللّجوء الى هذا النوع من الأسواق، هذا ما جعلها ترتقي لأشهر”قبلة” تتهافت عليها خصيصا النسوة، من كل حدب وصوب.
فالملاحظ أنه بعد عودة “الميترو” إلى الخدمة، غدا تدفق الزوار إليهما يوميا وبشكل هائل، سهل، وعلى الأرجح آمن، لكنه بات غير “ممتنع” إطلاقا عن هاتين الوجهتين والنتيجة ازدياد في الإقبال على شراء سلع معروضة في طرق احتكرها باعة غير رسميين، بغض النظر عن نوعياتها المتباينة التي زادتها تقنية الإشهار المفرط لها ولأثمانها من خلال أصوات الباعة المتعالية، جالبة إليها أكبر عدد ممكن من الزبائن، ومن بين العبارات الطريفة التي تبناها معظمهم “ديري لا فير يا مرا”، بمعنى “اغتنمي الفرصة فهي لا تعوّض”، وهي عبارة سائدة في عالم التسويق الفوضوي “الذّكي”، وآخرها كان إعلان أحدهم عن بيع سلعة من خياطة منزلية بسيطة، حيث كان يشهّر لها صاحبها بأنها “جُبّة” من نوعية إيطالية مختلفة والمدهش أن ثمنها لا يتعدى الألف دينار، ومع توفر مختلف الألوان لوحظ تهافت النساء على اقتنائها، لكن نجد هناك كثيرا منهم يفضلون إحكام البيع في صمت، بالرغم من اختلاف أنواع السلع ونوعياتها وخاصة أثمانها، مما جعل ربات البيوت والنساء العاملات بمحيط السوقين تجدن ضالتهن في مثل هذا النوع من الأسواق، ليبقى “كل مصنوع مبيوع”... إلى حين إفراغ الجيوب وامتلائها من جديد بعد العيد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024