جولة فـي غابات الأرز

تهـريب الخشـــب خطـر يهـدّد أشجـار خنشلــة

خنشلة: اسكندر لحجازي

الاستغلال المدروس.. دفعة قوّية للتنمية المستدامة

تغطي ولاية خنشلة مساحات شاسعة من غابات الأرز الأطلسي أو ما يعرف بشجرة السادر النادر عالميا المتعدد الفوائد والقيم، تقدّر بـ 11 ألف هكتار مقسمة إلى كتلتين حراجيتين أي غابيتين، تمتاز بخصائص نادرة وفوائد متنوعة في مجالات السياحة، الاقتصاد، البيئة، الطب والصيدلة وغيرها من الفوائد التي تؤهّلها بامتياز لتشكّل حظيرة وطنية محمية.
تمتد فوائد شجرة الأرز وغاباتها إلى عدة مجالات سياحية، اقتصادية، طبية، ايكولوجيا وعلمية متشعّبة تجعل منها ثروة حقيقية جديرة بالاهتمام والعمل على استغلالها، حيث تعتبر شجرة الأرز موروثا طبيعيا ثقافيا تغنى به الأجداد عبر الأزمنة الغابرة ويشكل مأوى ايكولوجيا للطيور والحيوانات والنباتات، ومكانا للأبحاث والتجارب العلمية للطلبة والأساتذة، يساهم بيئيا في الحفاظ على تثبيت التربة إلى جانب طبعا امتصاص ثاني أكسيد الكربون وطرح الأكسجين.
تعرف غابة الأرز الأطلسي «شليا وأولاد يعقوب» بتنوع الأصناف النباتية والحيوانية الموجودة بغابات من جهة، وندرتها ومميزاتها المحلية كأنواع موجودة حصريا في الاوراس من جهة ثانية، حيث أبرزت بعض الدراسات وجود 58 صنفا نباتيا محليا ما يمثل 12.39 بالمائة من الأنواع المحصية، 174 نوع نادر 38 بالمائة، إلى جانب 12 نوعا نباتيا محميا بالقانون رقم 83-03 المؤرخ في 05 فيفري 1983 المتعلق بحماية البيئة.
وكذا تتوفر على مميزات غابات الأرز في مجال الطب والصيدلة، حيث تحتوي على 61 نوعا تمثل 13 بالمائة من نباتات الحظيرة ما يجعلها حقولا مهمة للبحث والاستفادة في هاذين المجالين المهمين، إلى جانب الأصناف الحيوانية المتمثلة في الطيور 115 نوع، الزواحف41  نوعا، الثدييات 33 نوعا، البرمائيات 04 أنواع.
الخطر المحدق
وأمام ظاهرة تهريب خشب السادر، تقوم محافظة الغابات على مدار السنة بنشر أعوانها من خلال دوريات مراقبة عبر الكتلتين الغابيتين المذكورتين للتصدي لمجرمي الغابة والتبليغ عنهم ومعاقبتهم من جهة، وتعمل من خلال إنشاء دوريات مختلطة مع مصالح الدرك الوطني في إطار اتفاقية التعاون بين قيادة الدرك الوطني والمديرية العامة للغابات المتعلقة بحماية الأملاك الغابية الوطنية، الموقعة سنة 2014، والتي تعد جد ايجابية من حيث النتائج المحققة في التصدي وإنهاك عصابات المهربين. وتعترض أعوان الغابات عقبات كثيرة خلال عمليات التصدي للمهربين وخطورتها في الكثير من الأحيان على حياتهم داخل الغابة كونهم غير مسلحين، وكذا اتخاذ عصابات التهريب لكل الطرق من أجل شل عمل هؤلاء الأعوان، وسرقة أكبر كمية ممكنة من خشب الأرز الذي يعاد بيعه كمادة نصف مصنعة بأثمان باهظة أو يتم صناعة «القصع» منه بسهولة لسماكة جذعه، وبيعها بأثمان تتجاوز 20 ألف دينار للقصعة الواحدة لنوعية الخشب الجيدة والصلبة ومميزاتها الجمالية. كما تكمن صعوبة القيام بهذه المهام في شساعة مساحة الغابات وتنوعها، إذ تصنف ولاية خنشلة من حيث الغطاء الغابي بالجزائر، من بين المراتب الأولى وطنيا، حيث تقدر المساحة الغابية بها بـ 146303 هكتار تتنوع إلى عدة أصناف، الصنوبر الحلبي، البلوط الأخضر، الأرز الأطلسي، العرعار، العرعار الفينيقي، الشربين وأصناف حراجية أخرى، وهو ما صعب ويصعب مهام هؤلاء. وتشكّل ثروة شجر الأرز بولاية خنشلة مقومات سياحية نادرة نظرا لجماليتها وشساعة مساحتها وامتيازاتها الساحرة، ووجود ثاني أعلى قمة جبلية بالجزائر «قمة رأس كلثوم» 2328 متر، من شأنها إن استغلت بالقدر المناسب وتضافر الجهود أن تشكل قبلة سياحية وطنية ولم لا دولية؟ وهي الشجرة التي جعلت منها دولة لبنان الشقيق رمزا للبلد بوضع صورتها بالعلم الوطني والتغني به في النشيد الوطني بعبارة تعظيمية «مجده أرزه رمزه للخلود»، وجعلت من غاباته قبلة سياحية ذات شهرة دولية بإنجاز الفنادق والمطاعم، وغيرها من الاستثمارات السياحية التي تدر مداخيل اقتصادية عالية على مدار السنة يقصدها السائح شتاءً للتزلج وصيفا هروبا من الحر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024