طب بديل ..

طرق علاجية يشكك فيها العلم ويثمّنها المجتمع

معسكر/ أم الخير.س

الدكتور بن عربة : التداوي بالأعشاب لا يقبل العشوائية

يعتبر الطب البديل من الأساليب العلاجية المتوارثة عبر كل المجتمعات، ولا ربما هو القاعدة التي انطلق منها الطب التقليدي الممارس في العيادات الطبية بحكم مسار تطور هذا الأخير عبر التاريخ.
ينتهج الطب البديل مجموعة من أساليب العلاج المتنوّعة التي لا تشكل جزءا من العلاجات التي تعتمد على وصفات الأدوية الصيدلانية الكيميائية، منها العلاج بالحجامة النبوية الشائع بين الشعوب المسلمة والعربية وغير المجاز في الجزائر بحكم تعليمة رسمية تمنع ممارسة الحجامة في العيادات الطبية ودور العبادة على غرار المساجد، لأسباب قد ترتبط بعدم وجود إثباتات علمية دقيقة لفوائد الحجامة بالنسبة للأطباء الممارسين لمهنة الطب، ولعدم توفر الشروط الصحية أيضا لممارسة الحجامة في المساجد والأماكن العامة، ورغم قرار المنع الذي يواجه احد أهم طرق التداوي المستمدة من الطب النبوي.

التداوي بالحجامة يتحوّل إلى تجارة مربحة
تحوّل نشاط الحجامة إلى ظاهرة اجتماعيه تملك جمهور واسعا من المرضى والأصحاء وممارسيها من الأطباء و حتى البعيدين كل البعد عن تخصص مهنه الطب ، فبولاية معسكر على سبيل المثال، لا يوجد رقم دقيق لعدد العيادات والأماكن التي تمارس فيها الحجامة كما لم تتمكن حملات تفتيش عيادات الأطباء الخواطر من منع هذا الأسلوب البديل في العلاج من عدة أمراض على حد ما يؤكده عدد من المواظبين على إجراء الحجامة، التي تشتهر بفوائد جمة ولم يعد استقطابها حكرا على المرضى والأصحاء من عوام الناس، إنما انتشرت بين المسؤولين والمشاهير رغم اختلاف دياناتهم وجنسياتهم.
وتكلف حصص التداوي بالحجامة مبلغ 1000 دج عند المعالجين العاديين، فيما يحتسب الأطباء الخواص الممارسين للحجامة سعر الحصة الواحدة بعدد الكؤوس المستعملة الذي يتراوح بين 500-600 دج للكأس الواحد - ويحدد الطبيب المعالج عدد الكؤوس التي يحتاجها جسم المريض أو الشخص المقبل على الحجامة الوقائية.

الدكتور طرطاق: لا بد أن نأخذ الطب البديل بعين الاعتبار
في دراسته العلمية حول القيمة المضافة التي يقدمها الطب البديل للعلوم الطبية، يقول الدكتور طرطاق العموري أن الحجامة هي طريقة قديمة استعملت من طرف العرب وبعد بعثه الرسول الكريم، لافتا أن الحجامة لابد أن تمارس من قبل أشخاص أكفاء ومؤهلين، مشيرا أن خلاصة بحوثه العلمية، أوصلته للتأكد  انه لابد أن تأخذ الطرق البديلة للتداوي حظها من الأبحاث العلمية على غرار الحجامة، الإبر الجافة، الاسترخاء وتأثير الرقية بالقران الكريم على المرضى والمصابين بالداء العضلي الخارجي الذي يرتبط كثيرا بأسباب عصبية أو نفسية وأخرى مرتبطة بنمط الحياة.

التداوي بالأعشاب في المرتبة الأولى
تحل الحجامة في المرتبة الثانية لأساليب الطب البديل بعد العلاج بالأعشاب الطبيعية المتوفرة على وجه التقريب في بيوت كل الجزائريين، أقلها بذور الكمون التي تستعمل في تهدئة الأم الجهاز الهضمي ومنقوع النعناع المضاد للقلق واضطرابات النوم إضافة إلى استعمالاته في تخفيف معدل ضغط الدم.
واستعملت الأعشاب الطبيعية في العلاج والتداوي، منذ قرون بين البشر، والحضارات المتعاقبة في العالم عملت على دراسة فعالية بعض الأعشاب والنباتات الطبيعية الطبية، على غرار الثوم الذي استعان به الفراعنة في علاج عدة أمراض وأثبتت دراسات علمية عديدة فوائده كمضاد الحيوي، ثمّ العسل الذي استعمله الإنسان منذ القدم في التداوي.
ورغم الفوائد العظيمة للأعشاب الطبيعية كأحد أساليب الطب البديل، ما زال الطب التقليدي يشكك في إمكانياتها في التخلص من الأمراض أن الكثير من الأطباء والمختصين يؤكدون من جهتهم فوائد العلاج البديل بالأعشاب الطبيعية في حال أحسن استعمالها، حيث لا يمكن أن تكون الأعشاب الطبية فعالة بدون فحص علمي أو تشخيص طبي دقيق.

التشخيص الطبي العلمي ضروري
يستعين بعض الأشخاص الذين لا صلة لهم بمهنة الطب، المعروفين - محليا - بقدراتهم في علاج بعض الأمراض العضوية، على غرار العقم، الكسور والتشنّجات العضلية، بالتشخيص الطبي الأولي لمباشرة علاج مرضاهم، حيث استقصت «الشعب» أحد أساليب علاج تأخر الحمل الذي تختص به السيدة «ستي» 80 سنة، بأحد أحياء مدينة معسكر، والتي تعمل على تشخيص حالة المريضة عن طريق تدليك بسيط لمنطقة الحوض قبل أن تقرر الأسلوب العلاجي الملائم لمريضتها، منه العلاج عن طريق «القلوشة» ووصفات بالأعشاب الطبيعية، أو التدليك بالنسبة للمريضات اللواتي سبق وأن خضعن لعمليات جراحية، حيث يمنع عليهن طريقة «القلوشة - أو القدر التي تسحب بداخلها عضلات البطن كاملة «، ومن باب الذكر أخبرتنا السيدة «ستي « أنّ طريقة القلوشة هذه أصبحت تستعمل في الطب التجميلي لنحت قوام المرأة وتكبير بعض أجزاء الجسم، مشيرة أنّ حالات كثيرة لتأخر الحمل تم علاجها باستعمال الطب البديل، خاصة في حالات انقلاب الرحم التي لا تعالج باستعمال الأدوية التي يصفها الأطباء.
وعلى غرار السيدة «ستي « التي تستعمل طرق بديلة في علاج أمراض النساء، يستعين السيد عبد اللاوي محمد، بالتشخيص الطبي الأولي لمرضاه المصابين بالكسور أو الانزلاق الغضروفي والتشنجات العضلية، بطرق متعددة وخارقة للعادة منها ما يستعمل فيها الأعشاب الطبية، الدلك والتدليك باستعمال الحلزون، ويسميها بـ « الحكمة»، ويجدر الذكر أن طرق مماثلة للعلاج تلقى الكثير من الإقبال والرضى الشعبي، لنتائجها المرضية على الباحثين عن علاج لآلامهم.

الطب البديل يكمل العلوم الطبية التقليدية
قال الدكتور الجامعي المتخصص في العلوم البيولوجية، بشير بن عربة، القائم على أبحاث مختبر العلوم البيولوجية بجامعة معسكر، أن الرصيد الوطني من الموروث اللامادي في جانبه المتعلق بالطب والتداوي، يزخر بطرق كثيرة ووسائل تستدعي التثمين والتوثيق، مؤكدا في سياق بحث لمختبر العلوم البيولوجية، أن طب الأعشاب هو سوق اقتصادية واعدة، موضحا أن 80 % من سكان العالم يستعملون النباتات الطبية في أغراض علاجية، وتحتل الصين المرتبة الأولى للدول والشعوب التي تستعمل الأعشاب الطبية، تليها الولايات المتحدة ودول صناعية متطورة أخرى، أدخلت الأعشاب الطبيعية في الصناعة الدوائية.
وأوضح المتحدث أنّ مخبر البيولوجيا بجامعة معسكر، أعد أكثر من 15 دراسة علمية وثقت النتائج العلمية لاستخدامات نحو 141 نبتة طبية، تدخل استعمالاتها في علاجات بديلة لأمراض مستعصية، يأتي مرض السرطان في مقدمتها.
مشيرا أنّ الجزائر تسخر بثروة هامة من النباتات الطبية مشكلة من 4000 نوع بري وبحري من 917 نوع عائلة نباتية، وبتأكيد منه أن 40 % من الأدوية الصيدلانية مصدرها من خلاصة النباتات والزيوت.
وأعد مخبر البيولوجيا لجامعة معسكر دراسة علمية لنبات الفاشرا، أجريت تجاربها على الفئران، حيث أثبتت المواد الفينولية المستخلصة نتائج علمية ثورية لهذا النبات ضد أنواع سرطانات الثدي بنسبة 95 % خلال 48 ساعة، وتمكن المخبر من معرفة وتحديد عمل المواد المستخلصة من نبتة الفاشرا وتأثيرها على المستقلبات الخلوية والناقلات الايونية في قتل خلايا المرض، إضافة إلى نبات «برستم»، الذي أثبتت التجارب المقامة عليه القضاء على سرطان الثدي وأربع سرطانات الدم، وعشبة «العلنده» التي تحتوي على مواد مضادة للأكسدة وتساعد هي الأخرى في الوقاية والعلاج من السرطان.
وأشار الدكتور أن استعمال النباتات الطبية لأغراض علاجية، لابد أن يكون علميا كما لابد من الارتكاز على دراسة الموروث الشعبي للطب البديل والتوثيق العلمي للثروة النباتية التي تزخر بها الجزائر والتي يمكن أن تكون مصدرا لتحقيق الثروة وبناء اقتصاد صيدلاني يعتمد على الطب البديل.
الحديث عن الدراسات العلمية التي قام بها مخبر البحث في العلوم البيولوجية بجامعة معسكر، والتي كانت محل اهتمام معاهد ومجلات علمية أوروبية، يعود بنا إلى 5 سنوات خلت، حين أعلن الباحث في النباتات الطبية توفيق زعبيط عن دواء يشفي من مرض السكري بتركيبة نباتية، وحظي المنتج بمباركة واسعة في الأوساط الشعبية وحتى الرسمية، قبل أن ينقلب الأمر ويتحول إلى هجمة على المنتج الحامل لاسم «رحمة ربي «، عقبها قرار بسحب المنتج من الصيدليات، لكن المنتج الجزائري وصاحبه لم يتوقف عند عثرة منعه وطنيا، إنما واصل في تحقيق نجاحات علمية بتركيا ودول أخرى لم تكتفي بنهل العلم من الطبيعة ورسم حدود غير قابلة للتجاوز للعلوم الطبية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024