عشية المولد النبوي الشريف  

احتفال وسط إجراءات وقائية للسنة الثانية

استطلاع: امينة جابالله

الطمينة، الحناء، واستذكار السيرة النبوية في الليلة المباركة 

المفرقعات خطر ينهك جيوب الأولياء

تشهد الجزائر على غرار باقي البلدان الإسلامية أجواء محفوفة بالحيطة والحذر استعدادا لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، حيث تدخل علينا هذه المناسبة الدينية وللعام الثاني على
التوالي، على ضوء انتشار جائحة كورونا، أزمة صحية نغّصت على الأسر استكمال فرحتها بسبب غياب اللمة العائلية التي تعودتها العائلة الجزائرية في المناسبات الدينية.
بالإضافة إلى فقد الكثير منها فردا او افرادا غيبهم الموت الى الابد، بل وحرمت الكثير من الأطقم الطبية لاسيما فرق الحماية المدنية وسائر المستخدمين المنتمين إلى الأجهزة الساهرة على الصحة
العمومية،من الاجتماع بأسرهم للاحتفاء بأيام وليالي مولد خير البشر، كسائر العائلات عبر كل ولايات الوطن التي لها في أنوار هذه المناسبة عادات وتقاليد منها ما يدخل في التربية الروحية، ومنها ما يدخل في قائمة متنوعة من الأكلات التقليدية التي لا يمكن أن تستغني عنها أبدا.
«ذكرى بطعم الأعياد»
يعد الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف بالنسبة للأسر الجزائرية من المناسبات الدينية التي تأتي دوما بطعم الأعياد،
 حيث لا تخلو الأعياد من التحضيرات القبلية كالتعزيل وتنظيف المنازل وكذا التفنن في إعداد أصناف عديدة من الحلويات والأطباق الشعبية، من بينها سيدة المائدة الطمينة أو ما يطلق عليها في بعض المناطق بالتقنتَّة أو البسيسة، إلى جانب كلا من طبق الشخشوخة والرشتة وغيرها من الأطباق التي ستبقى تحتل المرتبة الأولى في قائمة الأكلات الشعبية التي لا تستطيع النفس الصبر عليها.
وتعتبر إقامة مأدبة العشاء الموسومة باللحظات الحميمية تنتظرها العائلات منذ الصباح الباكر أثناء تجهيزها لتلك الجملة من الأطعمة التقليدية،
 من العادات والتقاليد التي يحتفل بها الشعب الجزائري بمناسبة المولد النبوي الشريف،فمن خلالها تجتمع الأسرة عادةً، في البيت الكبير للعائلة.
 وتقام على إثرها احتفالات لا تخلو من بصمات الأطفال المخضبة أكفهم اليمنى الصغيرة بالحناء بينما تحمل اليسرى شموع وحلوى ممزوجة بأرغفة تقليدية،
 والمتوغلين بشكل لافت ومبهج في جلسات رجالية تنبثق منها أصوات شجية  في مدح خير البرية، لاسيما مشاركتهم المميزة في ندوات إيمانية تذيب السامعين شوقا إلى الاستزادة من سيرة سيد الثقلين صلى الله عليه وسلم، إلى جانب تفاعلهم وتأثرهم بمرحلة طفولة من يحتفلون بمولده المليئة بالألم والأمل والرعاية الربانية، التي من شأنها أن تعانق أذهانهم وتساهم في إرساء قواعد
القدوة الحقة في حياتهم المستقبلية.
وتتنوع الأكلات المحضرة بل وتكاد تتشابه كلما انتقلنا من منطقة إلى أخرى، فمثلا في الشرق الجزائري كسطيف، جيجل، قسنطينة، برج بوعريريج، المسيلة، بسكرة، البويرة، غالبا ما يحضرون «الفطير» ، «الشخشوخة» ،
 أو «التريدة» ، إلى جانب صانع الأفراح وقائدها بلا منازع «الكسكسي «، أما في السهرة فيحضرون الرفيس.
 في العاصمة تحضر المرأة طبق «الرشتة «، وفي منطقة القبائل، يحضرون طبق «البركوكس»، « تكربابين «، و»سكسو»
أي الكسكسي باللهجة القبائلية، وفي الغرب أيضا يحضرون عادة طبق «الشخشوخة» الذي يختلف مذاقها نوعا ما عن شخشوخة منطقة ولايات الشرق الجزائري، بالإضافة إلى التريدة وطبق السفة بالعسل والفواكه المجفف
والمكسرات، الذي يعتبر من أشهى وألذ المسفوف على الإطلاق.
«الطمينة» سيدة السهرة وميزتها المتفرّدة
وعلى ذكر ما سبق، وقبل أن ننتقل إلى أجواء جلسات النساء في سهرات ليلة المولد النبوي الشريف، لا
 بأس أن نُعرِّج على بعض الأطباق التي تحمل دلالة تراثية، تتنافس المرأة الجزائرية في إتقانها مذاقا وشكلا وكمْا، منها سيد المائدة في كل الوطن طبق «الطمينة»، التي تحضر بالسميد والسمن أو الزبدة والعسل والمكسرات، وهناك من تحضر «الخفاف» وبعض الحلويات التقليدية المصطفة على طاولات لا تنتظر إلا حضور كلا من أباريق القهوة والشاي بالنعناع لتكتمل الصورة.
ففي سهرة ليلة المولد تتزين بعض الصبايا بالحناء وذلك في
أغلب ولايات الوطن تعبيرا عن فرحتهم بمولد الهادي الشفيع، كما تفضل بعض الأسر إشعال الشموع والعنبر في غرفة المعيشة، وتتبادل العائلات بين الجيران كل ما يطبخونه من مأكولات لذيذة وحلويات تقليدية، في جو جميل لولا الإجراءات الوقائية التي أجبرنا على احترامها.
روح التضامن والتآزر
نتمنى أن تعود للمولد نكهته الموسومة بروح التضامن والتآزر، بل وكل المناسبات الدينية التي تعودت عليها العائلات الجزائرية، لاسيما لقاءات الجيران والأحبة والأقارب قبل الجائحة بعيدا عن كل خوف أو حرج،
 هذا من جهة ومن جهة أخرى نتمنى أن تغيب تلك الصور السلبية للاحتفالات التي يتسبب فيها للأسف فئة من الشباب والمراهقين وذلك أثناء استعمالهم للمفرقعات الغريبة العجيبة، التي أصبحت تهديدا مباشرا للصحة، البيئة وجيوب أولياء انهكتها قدرة شرائية متهاوية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024