تجـارب ناجحـة

خالـــد آيــت الحاج نمــوذج الشاب الطمــــوح

اسكندر لحجازي

 من حديقة مهملة إلى حظيرة للتّسلية متعدّدة الفوائد

عندما تقترن الإرادة الشّبابية والطّموح مع التّسهيلات الإدارية والقوانين وتستند إلى دراسات جادّة، يتجسّد في أرض الواقع استثمار حقيقي وناجح في ظرف زمني وجيز ينتج الثّروة ويستحدث مناصب شغل، في إطار منفعة عامّة وبأبعاد اقتصادية ترفيهية وثقافية اجتماعية، هذا ما تحقّق واجتمع في مشروع الشاب خالد أيت الحاج، الذي حوّل حديقة شاسعة كانت مهملة ومهجورة إلى مؤسّسة التسليات دريم وورد «Dream world»، التي تعد عيّنة لإرادة مجسّدة وتحديات شاب من شباب الولايات الدّاخلية، ونموذجا لاستثمار محلي ناجح ببعد جهوي يرتقب أن يشغّل عشرات البطالين، ويستقبل الآلاف من الزوار في الفاتح من شهر مارس القادم.
تحصّل الشاب خالد أيت الحاج، 36 سنة، على هذه الحديقة الغابية المتربّعة على مساحة 8.40 هكتار في إطار القرار الحكومي المستحدث منتصف سنة  2018، الرّامي إلى تشجيع الاستثمار باستحداث أماكن للاستجمام وسط المساحات الغابية، وإعادة تنشيط الفضاءات المهملة في الأوساط المشجرة، وجعلها أماكن للنّزهة والترفيه لفائدة السّكان والزوار، حيث تحصّل على عقد إيجار لمدة 20 سنة قابل للتّجديد مع مديرية أملاك الدولة لولاية خنشلة بعد فوزه بالمناقصة المعلنة من طرف محافظة الغابات، كونه قدّم أحسن عرض يتضمّن أحسن مخطّط للتّهيئة والاستغلال، مع المحافظة على طبيعة الغابة وسلامة الزوار، وغيرها من الشّروط المدرجة في هذا الشّأن.

دراسة متعدّدة الأوجه
يتحدّث خالد آيت الحاج حصريا لمجلة «التنمية المحلية» عن تفاصيل مشروعه منذ بدايته، وإلى غاية إقرار فتحه يوم 01 مارس الماضي أمام الزوار، حيث حوّل هذه الحديقة الواقعة على مستوى الطريق الوطني رقم 88 الرّابط بين ولايتي خنشلة وباتنة مقابل مستشفى 120 سرير بالمخرج الغربي لمدينة خنشلة، بعدما كانت مهملة ومهجورة، إلى حظيرة عائلية للتّسلية تحتوي على مختلف الألعاب وجميع المرافق الخدماتية لكل الفئات العمرية انطلاقا من دراسة متعدّدة الأبعاد أعدّت خصيصا لهذا الغرض.
وأضاف الشاب أنّ الألعاب والخدمات المتوفّرة في الحديقة مقسّمة على ستة مناطق، وفقا لطبيعة كل فئة واحتياجاتها من الترفيه والراحة، حيث تمّ جلب 40 لعبة من دولة الصين منها 20 ميكانيكية كالسيارات، الدراجات، القطارات، الأراجيح، اللعب الهوائية والهوائية المائية المتطوّرة، مؤكّدا استفادته الإعفاءات الجمركية عند استيراده لهذه الألعاب كونه منخرطا بفرع خنشة للوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار.

حلبتان لرياضة الكارتينغ لأوّل مرّة بشرق البلاد
ما يشد الانتباه في هذه الحظيرة هو استحداث حلبيتين لرياضة «الكارتينغ» للكبار على مساحة 5500 متر مربع، وللصغار على مساحة 1000 متر مربع، وهي الرياضة الترفيهية غير المتوفّرة في حظائر التسلية لولايات شرق البلاد، وتصنّف كنوع من أنواع سباقات السيارات بأربع عجلات صغيرة تشكّل لدى ممارسيها وهوّاتها الحلقة الأولى في عالم رياضة المحركات، وهذا ما سيفتح المجال للهواة من مختلف ولايات شرق البلاد للتمتع بها، واكتشاف المواهب وصقلها وفتح الطريق أمامها في محافل المحترفين.

برنامج الطّاقات المتجدّدة حاضر
تعتمد الحظيرة في الممرات الأساسية عبر مناطقها الست على الطاقة الشّمسية في التزود بالكهرباء، حيث تمّ نصب 300 عمود كهربائي مزوّد بالصّفائح المحوّلة للطّاقة الشّمسية إلى كهربائية، وهي رغبة مسيّر المؤسّسة في الاقتصاد في استغلال الطاقة من جهة، والمساهمة في البرنامج الحكومي الرامي إلى رفع نسبة الاعتماد على الطاقات المتجدّدة حفاظا على البيئة واقتصادا للتكاليف.
تملك مؤسسة التسليات «دريم وورم» نظرة متفتّحة على مختلف الفاعلين في المجتمع المدني من خلال وضع برنامج عمل متنوّع مفتوح على مختلف أطياف المجتمع، فإلى جانب خدمة التسلية والترفيه والاستجمام، نصبّت 20 خيمة على مستوى المدخل الرئيسي لإقامة معارض مستمرة طول السنة للحرفيين وللفنانين والجمعيات من أجل المساهمة في إبراز الفعل الثقافي للولاية، وكذا المساهمة في إحياء فعاليات مختلف الأعياد الوطنية والمناسبات الدينية والتاريخية، وغيرها من النّشاطات المختلفة.
كما أنّ الحظيرة تحتوي على مسرح للهواء الطلق مزوّد بكل تجهيزات العروض لتقديم مسرحيات وألعاب سحرية، وإقامة سهرات فنية ومسابقات للزوار، خاصة فئة الأطفال بما سيعزّز برنامج العمل في شقه المتعلق بتنشيط المحيط وخلق حركية مستمرة داخل الحظيرة مدروسة تحت تأطير منشّطين مختصّين من الجنسين.
ويمكن لأي زائر وهو يتجوّل بالحظيرة أن يقف على مناظر طبيعية خلاّبة تتوسّطها تحفا اصطناعية تبهر نظر الزائر وتضعه في أجواء من الراحة والاستجمام، منها إنشاء بحيرة اصطناعية يتوسّّطها مطعما على شكل سفينة خشبية مخصصا لتقديم وجبات مميزة للزبائن، إلى جانب وادي اصطناعي يتزوّد باستمرار من مياه الخزان بواسطة مضخات خاصة، تتوسّطه طاولات وكراسي خشبية وتعبره جسيرات خشبية غابية محاطة بتحف فنية تسر الناظر وتبعث على الراحة النفسية.
كما أنّ برنامج المؤسّسة يحمل مخطّطا إشهاريا لاستقطاب زوّار ولايات الشّرق الجزائري بما يساهم في خلق اقتصاد سياحي للولاية، ويتضمّن على المدى القريب إبرام شراكة مع عدّة مؤسّسات فندقية وحمامات معدنية ووكالات سياحية لتقديم عروض سياحية متنوعة ومنفتحة على مختلف الفئات والرغبات السياحية.

مساحات لتجارب الطّلبة العلمية
من أجل أن يكون للمشروع بعدا علميا، اقترح على المستثمر الشاب غرس نباتات معيّنة بأماكن محدّدة من الحديقة تكون حقل تجارب لطلبة المدرسة العليا للغابات التي فتحت أبوابها هذه السنة وتقع بالقرب من الحظيرة، ناهيك عن قربها من منطقة التوسّع السياحي حمام الصالحين والفندق الجديد يوسف، بما يشكّل آفاقا واعدة وملموسة في المجال السياحي للولاية.
المصدر: مجلة التنمية المحلية عدد فيفري (بتصرف

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024