ذاكرة مكان

«غار الفراشيح» محرقة فرنسية بمقاييس وحشية

كرد فعل قمعي ومعاكس لانتشار هذه المقاومات قامت فرنسا بمحاولات عدة لصد هذا التمرّد المنتشر في صفوف مداشر الشعب الجزائري ولم ترّ حلا أفضل من إبادة هذه الشعوب المساندة لزعماء حركات المقاومة والمساندة بمختلف وسائل الدعم على غرار القائد بومعزة المدعو الشريف محمد بن عبد الله المحرك الفعلي لانتفاضة الغرب في جبال الونشريس وضواحيها.

كبدت حركته المقاومة خسائر فادحة داخل جيش العدو الفرنسي الأمر الذي جعله مطلوبا، هو وكل من سانده لدى تلقى الجيش الفرنسي أوامر مباشرة من الجنرال توماس روبير بيجو بتخلص من كل العقبات التي كان من بينها عقبة احتضان الشعوب لهؤلاء الزعماء والتستر عليهم وتزوييدهم بالأكل والشرب، حيث أرسل خمس كتائب عسكرية إلى المنطقة لتوزع عند وصولها عبر مختلف مناطق جبال الظهرة لمحاصرتها، خاصة تلك المناطق التي امتدت إليها نار المقاومة من بينها الكتيبة التي قادها الكولونيل «بيليسييه» المتكونة من جيش جرار قوامه 4000 جندي والتي خرجت من ثكنة «أورليان فيل» (الشلف حاليا).
محرقة الظهرة أو الفراشيح كما يسميها البعض وقعت هذه المجزرة في أولاد رياح بغار الفراشيح في ناحية الظهرة بين 18 و20 جوان 1845م، والذي ارتكبها الجلاد العقيد بيليسييه الذي أصبح جنرالا ثم مارشال ثم حاكما للجزائر فيما بعد خلال الستينات.
خلاصتها، أنه وقعت معركة كبيرة خلال شهر يناير 1845 بناحية الظهرة شاركت فيها عدة طرق صوفية، القادرية والرحمانية والدرقاوية والطيبية وعرفت عند الفرنسيين بانتفاضة الطرق الصوفية وقد شاركت معهم قبيلة أولاد رياح فغزاها بيليسيه وأحرق كل ما فيها مما استدعى فرار القبيلة وهي تحارب إلى ناحية غار الفراشيح اجتمعت به وعددها أكثر من ألف شخص رجالا ونساء وأطفالا مع حيواناتهم وكان هذا يوم 17 يونيو وتمّ محاصرة الغار من طرف الفرنسيين من جميع الجهات وطلب من القبيلة الإستسلام أو الموت اختناقا بالدخان ولكن كان ردهم هو الرصاص.
ومضى اليوم الأول 17 / 18 من الشهر، دون خروج أحد وأثناء الليل جلب العقيد تعزيزات الجيش وضيق الحصار على الغار وضاعف من إيقاد النار الذي جلب لها أكداس الحطب وأحاط بها الغار وراح يضاعف من عملية إشعال النار والتدخين في مداخل الغار وتواصلت العملية طول الليلة الثانية وأعطى القائد تعليمات باستمرار الخنق ومضاعفته وقبل طلوع النهار بنحو ساعة وقع انفجار مهول في قلب الغار وكان ذلك إشارة باختناق ما يزيد عن ألف شخص وكانت هذه المجزرة رهيبة للغاية، هزّت الجزائريين وأثارت ضجة في البرلمان الفرنسي آنذاك.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024