بالرّغم من النّظرة الضيّقة

نماذج ناجحة لنساء رفعن تحدّي الأسرة المنتجة

غرداية: عمر علوط (بتصرف)

 ثبتت المرأة الجزائرية عبر التاريخ والأزمنة أنها من نوع خاص، خلاّقة ومبدعة، تتجلى إبداعاتها أثناء الأزمات، ليس فقط في نطاق مساهمتها على مستوى المشاركات الرسمية ودورها الأسري التقليدي، بل أيضًا بمبادرات تفجّر الأمل وبأنامل تصنع المعجزات كنماذج لتحفيز الآخرين، ولن تكون المرأة الماكثة بالبيت بعيدة عن الانخراط في مشاريع تثبت أن بقاءها في المنزل لا يعني بقاءها خارج معادلة الإنتاج والركبة الاقتصادية.


 حديث جمعنا بالبعض منهنّ، وبحكم عادات وتقاليد المجتمع تفضّل الكثير منهنّ إطلاق مشاريع اقتصادية من منازلهن، عزيزة واحدة من بين كثيرات، تملك شهرة واسعة في مجال خياطة الفساتين للعرائس، عَارَضَت اعتبار «الماكثات» في البيت «عاطلات» عن العمل، فلقد حوّلت العديد منهنّ بيوتهن إلى ورش صغيرة لإنتاج مختلف أنواع المأكولات التقليدية، وحلويات الأعراس والحفلات، كما اشتهرت بعضهن بالخياطة والتطريز وصناعة الأغطية وكل ما له علاقة بالنسيج.
فيما تخصّصت أخريات في صناعة الإكسسوار التي تُستعمل في الزينة والديكور، بينما تساهم فئة أخرى من النساء بصناعة الأواني الفخارية والقفف بالحلفاء، والنعال بالجلود، ومختلف أنواع الزرابي والمنسوجات فقد وجدت هذه النسوة في نموذج الاسرة المنتجة غايتها.

المرأة الماكثة بالبيت عموده الفقري

في هذا الإطار، حاولنا رصد «مبادرات واعدة» يمكنها أن تكون نماذج إيجابية لباقي مكونات القطاع النسوي الراغبات في اقتحام العجلة الاقتصادية من خلال بوابة الإنتاج المنزلي، كون المرحلة تتطلب الإبداع والإيجابية واستثمار الطاقات في الإنتاج، ومن هذه المبادرات المشروع الخيري «إزومال ن الخير»، وهو مشروع غير ربحي يقوم على تمكين المرأة الماكثة في البيت، ودعمذوات الإنتاج، ومحاولة إيجاد فرص التسويق، لرفع مستوى الدخل للمنتفعات من المشروع، وللحفاظ على موروث الأجداد من الاندثار.
تقول مديرة المشروع الخيري – «إزومال ن الخير» يمينة باسليمان التي تنشط في بلدة بريان، «يهدف هذا المشروع بالأساس إلى نشر وتعميم ثقافة إنشاء «المؤسّسات العائلية» لدى المرأة الماكثة بالبيت، لاسيما وأن لديها من الحرف اليدوية ما يمكنها من كسب لقمة العيش بالإضافة لتنشيط السياحة المحلية، والمساهمة في تذليل أكبر مشكلة يواجهها هذا النوع من المشاريع، وهي مشكلة التسويق التي تواجهه المنتِجات».
فقد طالبت الحرفيات والمنتجات من المنازل بصورة ملحة، بضرورة توفير منصات ومعارض دائمة وليست مناسباتية لتسويق منتجاتهن اليدوية والتقليدية، وكذلك العمل على تطوير قدراتهن من خلال الخضوع لدورات تدريبية وورشات لها علاقة بمشاريعهن المنزلية مثل: تغليف المنتج وكيفية حفظه، وتوفير مستلزمات مثل العبوات بهدف تخفيف العبء على السيدات، هذه الخطوات التي تشكل متنفسا لإخراج هذه المشاريع الأسرية والمنتجات المنزلية بصورة تحظى برغبة وثقة المستهلكين، وتُعزِّز من قوة وجودة المنتجات المنزلية، وتتيحها على نطاق واسع في مختلف الأسواق».
وأضاف - مرافق المشروع - فارس داغور «انطلق المشروع من فكرة حماية الصناعات التقليدية في مجال المأكولات التراثية والشعبية وبهدف إعادة إحياء الموروث القديم من خلال المنتجات النسوية في المنازل، والعمل على إبراز الأعمال الحرفية القديمة التي اندثرت في زماننا هذا، والسعي والعمل من أجل الحفاظ عليها وإحيائها لتتعرّف عليها الأجيال اللاحقة»، لكن هذا المشروع حسب ذات المتحدث يعاني الكثير من العراقيل والصعوبات في توفير المادة الأولية، وتوفير بعض الآلات لبعض الحرفيات..».
كما أشار داغور إلى أنّ «المشروع يضم حاليا 20 سيدة من مختلف الأعمار والمؤهلات العلمية من مستويات اقتصادية متنوعة وفق حالات الأسر التي ينتمين إليها، فالمشروع والإنتاج من المنزل لا يشترطان مواصفات اجتماعية أو علمية خاصة توضع كعقبات أمام مشاركة النساء في المشروع، خاصة وأن المشروع يسعى للتوسع مستقبلاً لأنّ باب المشاركة والانضمام مفتوح لأي مُنتِجة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون السيدة منتجة، مع التركيز على أن يكون المُنتجُ ذو جودة».

«خضرة»، «منصورة» وأخريات

«لالة خضرة» واحدة من النساء اللّواتي يمتلكن شهرة واسعة في المنطقة، وجدناها في ركن معرض للحرف، منهمكة في مجال خياطة فساتين تقليدية للعرائس، وهي من اللواتي استطعن الولوج إلى عالم الأعمال بطرق بسيطة، ودون الحاجة إلى الخروج من المنزل. تقول خضرة: «مكّنتني هذه الحرفة من تحقيق استقرار مالي لعائلتي دون الخروج من المنزل، لكنها سلبتني صحتي، لأن العمل اليدوي متعب جداً، ويحتاج إلى تركيز كبير».
«منصورة»، امرأة مطلقة وأم لثلاثة أطفال، تقول: «بدأت فكرة مشروعي بصناعة الحلويات بعد أن اتفقت مع صاحب محل بالقرب من المنزل لإعالة أبنائي، إنها تجارة، فيها الربح والخسارة، أحياناً تكون المنتجات معرضة للتلف، وأحياناً يتراجع الزبائن عن أخذ الكمية المطلوبة، وهنا تبدأ المشاكل، لكن عموما الحمد لله فقد استطعت أن أكسب قوة يومي مع أبنائي، أمّا عن مشروعي فقد كسبت ثقة المستهلكين واليوم أستطيع التسويق لـ 20 محلا، بالإضافة لتشغيل 3 فتيات معي»، لكن ما يُرعِبُ فتيحة ويُخيفها تُضيف قائلة «ما يُخِيفني عندما يرفُض أصحاب المحلات استلام ما طلبوه، بحجة أن أعوان مديرية التجارة وقمع الغش، يتجولون بالمنطقة، هذه الكلمات ترعبني جدّا، إنهم أشخاص مخيفون، ويمكن أن يكونوا سببا في القضاء على مشروعي الذي أقتات منه مع أبنائي و03 مطلقات مثلي».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024