بلعروسي حكيمة..قصّة امرأة تكافح لإنقاذ المرضى

المأكولات الخاصة بالمرضى الذين يعانون من حساسية الغلوتين، لا تزال غالية الثّمن لكنّها متوفّرة

حوار: سفيان حشيفة

 أصاب فلذة كبدها «البشير» مرض السيلياك لمدة خمس سنوات، الذي يعد من الأمراض النادرة التي تصيب الجهاز الهضمي والأمعاء، فدفعها ذلك إلى التفكير في إنشاء أول جمعية لهذا النوع من المرض على مستوى الجنوب وولاية الوادي، متحدية بذلك كل الصّعاب للتكفل بانشغالات المصابين وتوفير الغذاء الصحي المناسب لهم الخالي من الغلوتين. إنّها الناشطة والمناضلة الجمعوية حكيمة بلعروسي التي حاورتها جريدة «الشعب» حول الجمعية، نشاطها، أهدافها وطموحاتها الإنسانية والتّضامنية.


لا تزال حكيمة إلى اليوم في الميدان تكافح من أجل توفير احتياجات مرضى السيلياك، والذود عن انشغالاتهم وحاجياتهم، وتنسيق الجهود مع الأطباء والمرضى وعائلاتهم، في سبيل تحقيق رغباتهم، وتوفير أدنى شروط العلاج، والغذاء المخصّص لهذه الشّريحة الهشّة.
 
الشعب: بداية، حدّثينا عن الدّواعي التي أدّت إلى إنشاء هذه الجمعية الخيرية؟
مؤسِّسة أوّل جمعية للسيلياك في الجنوب بلعروسي حكيمة: في أوّل حديثنا أبدأ بمعاناة ابني البشير بلعروسي لمدة خمس سنوات مع مرض مجهول، حتى اكتشفت أنّه مصاب بمرض يسمى السيلياك، وكانت البداية صعبة جدا لعدم توفّر المعلومات عن المرض ونقص الإمكانيات.
في الحقيقة البداية كانت صعبة جدا نظرا للتحوّل في الأكل الطبيعي لكل العائلة، ليصبح فرد منها محروما من أغلب المأكولات وأوّلها الخبز، العجائن، الحلويات  والمعلبات، وبعد مرور وقت من الزمن، وتعلّم طهي الأكل الخاص بهذا النوع من الأمراض جاءت فكرة إنشاء الجمعية سنة 2015 بعد تقاعدي من قطاع التعليم.

- ما هي العراقيل التي واجهتها في أولى خطوات النّشاط بما أنّ طبيعة المرض غير محصورة سابقا؟
 أوّل ما شرعت في التّأسيس ارتبكت بسبب تأخر إيجاد الأعضاء والمؤسّسين، وبعد عناء كبير وجهد في البحث عن المنخرطين، تأسّست بالفعل الجمعية يوم 15 مارس 2015

بحضور المرضى وأهاليهم والمهتمين بدار الثقافة محمد الأمين العمودي، والمنتجين للأغذية المخصصة لمرضى السيلياك الذين حضروا من مدينة سطيف، وحضور أطباء الأطفال سعداني عائشة، والغالية ميلودي، وخبير الأعشاب والتغذية العلاجية سالم ويرق الحنياوي، حيث تم الحصول على الاعتماد يوم 15 أكتوبر 2015. لتبدأ رحلة  التعب لعدم وجود مقر، وغياب الدعم الخاص للمرضى والمحتاجين، إلاّ من بعض الشّركات المنتجة من خارج الولاية، كما قمت عقب الاعتماد بزيارات إعلامية لبعض الأطباء الخواص، منهم أطباء الأطفال، والأمراض الباطنية لإعلامهم بوجود جمعية مرضى السيلياك لولاية الوادي، وإعطائهم رقم الهاتف للتواصل مع رئيسها، وإرشادهم ببعض النصائح والمعلومات، وتوزيع المطويات، ومعلومات عن الأدوية الممنوعة، وقائمة الأغذية المسموحة، وأحيانا أتشرّف بأهالي المرضى في بيتي ومطبخي لتعليمهم بعض إعداد الوصفات والخبز، وكانت الصدمة عند الجميع لأنّ المرض غير معروف ولا يوجد له سابق تعريفي علمي.
 
- ما هو المقصود بمرض السيلياك؟ وما هي أخطاره؟
 مرض السيلياك عبارة عن حساسية مزمنة تصيب الجهاز الهضمي على مستوى الأمعاء الدقيقة، وتسبّب ضمورا للزغبات المعوية ممّا يؤدّي إلى حدوث اضطرابات في عملية الامتصاص.
والأشخاص المصابون بالسيلياك لديهم حساسية مفرطة تجاه بروتين يسمى الجلوتين، وهذا الأخير موجود في الشعير، القمح، الخبز، العجائن، الكسكسي، الحلويات والشوفان، أما عن أعراض المرض فهي كثيرة جدا أبرزها انتفاخ في البطن، كثرة الغازات، حموضة المعدة، قصر القامة، فقر الدم، الإسهال المزمن، القيء، الإمساك، والحكة وغيرها.

- كيف تبدأ أعراضه وتشخيصه في أوّل ظهوره؟
 الكشف عن المرض يتم بطريقتين الأولى هي الخزعة، والطريقة الثانية التحاليل الخاصة، والعلاج الوحيد للمرض مرتبط باتباع حمية صارمة مدى الحياة، أما خطورته قد يؤدّي إلى مضاعفات وأمراض خطيرة، أبرزها سرطان الأمعاء وتلف الخلايا الدماغية.
كما ساهم الأطباء الذين أشكرهم على مجهودهم ووقوفهم ومساندتهم، بإعطاء رقمي وحسابي على مواقع التواصل الاجتماعي للمرضى للتواصل معهم، ومن لا يتوفر عندهم انترنت كانوا يتواصلون معي عبر الهاتف أو القدوم إلى المنزل.

- كيف تواصلت مع مرضى السيلياك في البداية بما أن عددهم كان قليلا ومتباعدين في البلديات والقرى، وهل توفرت الإمكانات الآن للتواصل معهم والوقوف على أوضاعهم الصحية؟
 في بداية سنوات النشاط كان العدد قليلا جدا، والآن عدد المرضى هو 450 مريض مسجل، ويوجد من لم يلتحق بعد، حيث يزداد عدد المرضى في رمضان لتوزيع القفة المخصصة لهم التي أجمعها من الشركات المنتجة، ولها كل الفضل في إتاحة الدعم، ولولا دعمهم لما كانت القفة حاضرة، وأيضا مجهودات بعض المحسنين.

- ما هي أهم العراقيل التي تواجه نشاطهم على جميع المستويات، وما هو المطلوب من السلطات؟
 انشغالنا الأول هو توفير مقر للجمعية ليفتح أبوابه أمام المرضى وأهاليهم، يضم كل المستلزمات، ومطبخ لتعليم كيفيات الطبخ وإعداد الأكلات الخاصة بمرضى السيلياك، وغيرها من الأنشطة المرتبطة بالمرضى والمرض، كما أتمنى أن يتحقق هذا الأمل المبني على مطالب خاصة من المرضى التي راسلنا بها السلطات المحلية والوزارات المعنية، ولا حياة لمن تنادي، كما أرغب في أن تحصل الجمعية على مساعدات توزّع على المحتاجين بشكل مستمر، وتوجيه عناية واهتمام خاصين بها من السلطات، وباقي فعاليات ومكونات المجتمع.
كما أنوّه أنّ المأكولات الخاصة بالمرضى الذين يعانون من حساسية الغلوتين، لا تزال غالية الثمن لكن متوفرة، والدعوة في هذا الإطار للمحسنين ورجال الأعمال والمستثمرين لتوفير هذه الأغذية، والاستثمار في إنتاجها، وأسعار بعضها مثلا علبة دقيق 800غ خالي من الغلوتين 480 دج، الأرز 160 دج للكيلوغرام الواحد، الحلوة الخالية من الغلوتين 400 دج، الشوكولاته الخالية من الغلوتين 350 دج.
 
- كلمة أخيرة؟
 أتقدّم بالشّكر تحديدا لمحلات «نعمة» التي فتحت لمرضى السيلياك كل الخيارات وتوفير المواد الغذائية المخصصة لهذه الشريحة، وأيضا محلات بن الساسي وقالوري، وكل المحلات التي ساهمت في توفير الغذاء وتخفيف المعاناة عن هؤلاء المرضى وعائلاتهم، كما أشكر جريدة «الشعب» على إتاحة هذه الفرصة الإعلامية، ولكل قرائها الأوفياء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024