ذاكرة مكان

توات والقصور الحربية..ثراء الذّاكرة ورموز الهويّة

«…لا تزال إلى يومنا هذا شامخة منتصبة تعكس الحضارات العريقة الفذة التي تركت لنفسها معالم لم يتمكن الزمن ولا السنون…».
«توات»…كلمة أشاعها الأمازيغ التوارق والعرب ومعناها بالبربرية «الواحات»، حيث تتموقع في الجنوب الغربي للصحراء الجزائرية تبعد عن العاصمة بحوالي 15000 كلم يحدها شمالا منطقة ڤورارة، جنوبا تيديكلت، وصحراء تنزروفت، غربا عرق شاش وشرقا هضبة تادميت، تضم المناطق التابعة إلى ولاية أدرار مثل «تمنطيط» و»رڤان».
قصور «توات»..معالم وعلوم
هي قصور مشيّدة من الطين في هذه المنطقة، يبلغ تعدادها حوالي 150 قصر، هيّئت على شكل حصون حسب شكلها الخارجي، أرّخت البيانات والمعطيات أن هذا الصرح الشامخ يعود إلى عصور قديمة نسبت إلى القبائل البربرية الأولى التي قدمت، واستقرت بالمنطقة خلال القرن السابع ميلادي مثل قصور «تاوريرت».
وتمتاز القصور بالتشكيل الفني والتكوين الهندسي، الإعتمادات الأساسية في تشييدها هي الأحجار، الطوب والطين يغلب عليها الطابع الحربي، فقد كانت تعتبر حصنا منيعا يردع الأعداء من التقرب آنذاك، وهندستها قصبة على مكان مرتفع يوجد خندق بحافتها به ماء يسمى «أحفير»، بها أربعة بروج مرتفعة العلو حتى يتسنى للمراقب لمح العدو بها باب واحد من الخشب، مميزة باللون الأحمر عن غيرها، لم يتبق من هذه القصور إلا بعض الواجهات والمباني بقيت لوحة فنية خالدة، فبعض الخنادق التي كانت حول القصابات دفنت، بسبب الإهمال واللاوعي كذا التخريب.
تمثل حرفة البناء في هذه المنطقة من أهم الحرف التي تلقن للشباب، حيث تعتبر فنا معماريا لا يزال لحد الآن فخرا لأهل المنطقة وقصر «الجديد»، «بويحيى السفلى» وقصر «سيدي ناجم العتيق» من الدلائل.
فيما تتباين الحرف والصناعات التقليدية بـ «توات» بشكل جلي، حيث يتقن سكانها النقش، أعمال النسيج، الفخار الأسود الذي أثار إعجاب السياح بطريقة صنعه، إضافة إلى صناعة الفخار على الأواني كالقدور والكساكس، صناعات الجلد، السجاد، الحلفاء أو الدوم وغيرها.
تعتمد هذه الصناعات على المواد الأولية الطبيعية، كلها محلية حيث يستغلها السكان أحسن استغلال كسعف النخيل، الجريد، القصب، إلى جانب ذلك الخشب الذي يعتبر من أهم الموارد الطبيعية والمواد التي يبرع فيها سكان المنطقة، فهم يجيدون النقش عليه، وهي الصنعة التي تحتاج جهدا وإتقانا كبيرين لتسويته.
كما نذكر في سياق الحرف النجارة كصناعة الصناديق التي تستعمل كأثاث للحفظ وصناعة الملاعق، وغيرها من القطع التي تلبّي احتياجات المرء، والتي تتواجد أيضا في عدة أبنية وقصور متحفية تحوي تحفا مميزة رائعة كمكان لحفظ الكتب القديمة التي عادة ما تحفظ في صناديق خاصة مزينة بزخارف ملونة بالأصفر والأزرق.
ولحرف المعادن حصة أيضا في منطقة «توات» تتمثل في صناعة أواني الشاي الفضية والنحاسية مثل «الصينية»، «البراد» و»المجمر»، أما صناعة النساء واحتياجاتهن حاضرة لا تغيب كالحلي من سلاسل، أقراط، خواتم وخلاخيل، حتى أثاث المنزل وتزيينه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024