لهـيب الأسعـار

الأوليـاء فــي دائرة مغلقــة

الشلف: و - ي - أعرايبي

تحوّلت يوميات العائلات المعوزة ومعظم سكان ولاية الشلف إلى صراع يومي مع ملء القفة بالخضروات التي ارتفع لهيب أسعارها بشكل لم يكن مسبوقا بالمقارنة مع السنة الفارطة برأي العائلات وحتى تجار التجزئة أنفسهم، ممّا يطرح تساؤلات كثيرة عن سر هذا الارتفاع الفاحش في الأسعار، خاصة ونحن أمام دخول مدرسي مثقل بمصاريف باهضة.
 وقفة ترصدها «الشعب» مع الدخول الاجتماعي، وما يخلفه من إرهاق نفسي وشق للطرقات بحثا عن تاجر تكون أسعاره أقل ممن اختاروا المزايدة على السعر العادي بالأغلى، ليجد المواطن نفسه أمام خيارات صعبة زادتها المضاربة والاحتكار وعدم الاحتكام لقانون العرض والطلب، حتى أصبحت «مهمة» ملء قفة المشتريات الخضراوات الموسمية مستحيلة بسبب أسعارها المرتفعة.
ارتفاع زاد من «ضنك» عيش العائلات المعوزة التي ذاقت ذرعا بسبب دخلها المحدود جدا أو الذي يكون لدى البعض منعدما تماما حسب تصريحات البعض ممن تحدثت إليهم «الشعب». انتفض «عمي عيسى»، 63 عاما، رفقة سي قويدر «الروجي»، 71 سنة، كما يحلو لسكان حي السلام تسميته بسبب ارتفاع سعر الخضر، حيث قال عمي عيسى إنه لم يعد قادرا على شرائها لأحد الباعة: «ألا تأخذكم رأفة ورحمة في هؤلاء، الذين يكتفي أغلبهم بالنظر دون اقتناء مستلزماته من الخضر»، ولم يجد ذات البائع جوابا سوى تكرار لفظ: «الله غالب سوق الجملة يتحكم في الأسعار ولست أنا أو من بجواري لهم السيطرة وتنظيمها أو تسقيفها»، يقول ذات التاجر الذي اشتكى هو الآخر من التكاليف التي يدفعها يوميا.
وبخصوص هذا الالتهاب، تساءل أحد الواقفين أمام المتجر أن سعر الطماطم بـ 100 دج، الفاصوليا بـ 170 دج، البطاطا بـ 80 دج، الجزر بـ 75 دج، السلاطة بـ 220 دج، الفلفل 170 دج، الطرشي بين 90 و100دج والقرعة بـ 130 دج، إن كانت هذه الأسعار في متناول الطبقات الهشة أم هي موجهة الى فئة قليلة من السكان.
وأضاف ذات المتحدث أينما اتجهت تُكوى بنار الغلاء الفاحش لكل أنواع الخضروات الموسمية وغير الموسمية، إنّه الصراع اليومي الذي يطاردنا، تقول فاطمة التي تتكفل منذ 9 سنوات باليتامى البالغ عددهم 5 أولاد وبنت، والذين فقدوا أباهم في حادث مرور مروع بإحدى الحافلات على حد قول فاطمة التي لم تتمالك نفسها قائلة: «كل المشتريات ارتفع سعرها وأصبحت السلع التي كانت المهرب للفقراء والمعوزين بعيدة المنال بسبب غلائها»، وتساءلت: «لمن يلجأ هؤلاء البسطاء واصحاب الدخل المحدود؟ ارحمونا».  
لا تختلف الوضعية والواقع المعاش في البلديات التي عايناها من تراب ولاية الشلف إلا بفارق ضئيل جدا، وهو الانطباع الذي سجلناها ونحن نتفقد المتاجر سواء التي كانت تمارس نشاطها بشكل فوضوي أو عن طريق سجل تجاري قانوني.
 الكل يتهرّب من نار الأسعار
   فضول الأسعار ولهيبها حفّزنا لمعاينة سوق الجملة بمخرج الشمال الشرقي لعاصمة الولاية، حيث تجاذبنا أطراف الحديث حول يوميات هؤلاء التجار الموزعين بسوق الجملة الذي يقصده آلاف تجار التجزئة من ولاية الشلف، عين الدفلى، تسمسيلت وواد رهيو بغليزان يوميا.
وعن السبب الذي يقف وراء عدم استقرار الاسعار من موزع إلى آخر، حيث رموا الكرة في ملعب الوسطاء بين الفلاح وسوق الجملة، معتبرين أن الضغط يفرضه هؤلاء أما «هامش ربحنا فمعقول جدا»، يقول أحدهم بنبرة الواثق من نفسه. ومن جانب آخر «يجد بعض من يتنقل إلى سوق الجملة الفرصة فيما يعرضه الفلاحون الذين يمارسون نشاط البيع مباشرة للزبون بفرق ضئيل في السعر المعلن بسوق الجملةو الذي مازال بحاجة إلى تنظيم ومراقبة وبناء هياكل لتوسيعه حتى يستوعب الكم الهائل من التجار والفلاحين الذين يقصدونه يوميا»، يشير أحد المنتجين من منطقة القصور وسلفيتة وسوق لثنين ببلدية تاشتة بعين الدفلى المختصة في الزراعة البلاستيكية.
«لم تتوقف المتاعب وصعوبة يوميات الكثير من العائلات التي أنهكتها مصاريف الدخول المدرسي من خلال اقتناء الملابس وشراء المحافظ والمآزر لفلذات كبدهم»، تقول نجلاء التي كانت تتوسط بناتها زبيدة، شهرازاد وسمية، اللواتي يزاولنّ الدراسة في المستوى الابتدائي، «فشلت، لم أعد قادرة على تلبية المطالب»، تقول ذات الأم بنبرة متقطعة.
هذا مشهد من مشاهد يوميات بعض العائلات التي وقفنا عليها ورافقناها في مواقع عدة، نترصد لحركتهم ومواقفهم، وهم يصارعون لقمة العيش ومصاريف التمدرس بعد مصارعتهم للوباء الذي لم تنته الحكاية معه، يقول هؤلاء.
ولم يتوان محدثونا في مطالبة الجهات المعنية بالنظر إلى ظروفهم القاسية، والتي لم يعد لهم القدرة على تحملها مادام لهيب الاسعار لم يتوقف بل فرض منطقه في غياب التنظيم والمراقبة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024