تحويسة DZ

«الحجرة المباصية».. عندما يُحكم بالاعدام على صخرة في 1852

واقعة الصخرة الأسيرة، والمسماة الحجرة «المباصية»، التي لا تزال تنتظر من يفك قيدها بعد سنوات طويلة من الاستقلال، فالقصة أخذت طابع الحكاية عند سكان ولاية الجلفة لتعدد الروايات حولها·
غير أن أهم ما أشار إليه المؤرخون في كتاباتهم المدونة حول قصتها الغريبة، والتي تعود أحداثها إلى سنة 1852 أن صخرة أو حجرة كانت بأعالي الجبل الكائن بالمخرج الشمالي لمدينة الجلفة، وهو المكان الذي كان يلجأ إليه الجزائريون أثناء الاستعمار الفرنسي للعمل في «الصخرة « أي تكسير الصخور ونزع الحجارة من الجبل لاستغلالها في عمليات البناء، حيث حدث أن سقطت حجرة من أعلى قمة الجبل فقتلت أحد ضباط الاستعمار يدعى «ميشال» على الفور·
 وأمام ما جرى لجأ الاستعمار إلى محاكمة الحجرة، حيث حكموا عليها بالإعدام أولا قبل أن يخفف الحكم ليتم معاقبتها بالأسر لمدة 35 سنة، انتقاما لما حدث للجندي الفرنسي، حيث تم تقييدها بالأغلال ووضع أوتاد بمحيطها، لتتم معاقبتها في كل سنة مع تزامن تاريخ وموعد الحادثة، حيث يقوم جنود الاستعمار بإطلاق النار عليها انتقاما لما تسببت فيه من جرم·
ويرى كثير من المهتمين بالتاريخ الثقافي للمنطقة أن ما حدث للحجرة «المباصية» من عقاب وتعذيب خلال الفترة الاستعمارية كان بغرض ترهيب سكان المنطقة وتخويفهم وجعلهم يخضعون لفرنسا من جهة، وادعاء الديمقراطية وإظهار عدالة الاستعمار حتى في حق الجماد من جهة أخرى·
جرائم الاستعمار لم تطل الجماد فقط، بل امتدت إلى بني البشر فالذاكرة الشعبية لا تزال تحفظ مذكرات مجرمي فرنسا وبشاعتهم في التعذيب والقتل الجماعي، كما حدث سنة 1861، بعد انتفاضة القائد «بوشندوقة» بناحية الجلفة، حيث تم القبض على 16 مجاهدا أسرى دفنوا، وهم أحياء بعد أن حفر لهم العدو خندق الموت وهم مكبلون·
ففي ليلة 15 أفريل سنة 1861 قاد «الطيب بوشندوقة» هجوما شجاعاً برفقة أولاد سي احمد وأولاد أم هاني والسحاري على البرج المقام بمدينة الجلفة التي كانت منطقة عسكرية آنذاك، إذ قام هؤلاء بهجوم مفاجئ على المدينة فقتلوا عددا من الفرنسيين ثم لاذوا بالفرار. فتبعهم الجيش الفرنسي وتم إلقاء القبض على بعضهم. وأقام لهم القائد الفرنسي «دي سوني» محاكمة عسكرية مستعجلة قررت إعدامهم صبيحة 19 أفريل وتقول الروايات أنهم دفنوا أحياء بالمكان المسمى «مطمورة 16» وسط مدينة الجلفة.
 وكأن العدو أراد أن يسكت صوت هؤلاء الأبطال إلى الأبد بالرمل الذي صب من فوقهم، إن الأيدي التي نفذت جريمة ما يعرف بالجهة «بمطمورة سطاش» الواقعة حاليا تحت جدار حديقة المتحف البلدي لبلدية الجلفة لها نفس الأساليب التي نفذت بها المقابر الجماعية أثناء أحداث 08 ماي 45 بكل من قالمة وسطيف وخراطة·
 وأمام هذا النسيان يتساءل كثير من مثقفي المنطقة عن المنقذ الذي ينفض الغبار عن التاريخ ويعيد ترسيخ ذاكرة هذه الأحداث في عقول الجيل الناشئ·

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024