«تاغيت» ببشار

المدينة الحمراء.. تُعانق الشمس للتباهي بسحر تضاريسها

في أقصى الجنوب الغربي للجزائر على بعد 1100 كلم عن العاصمة تتمدد منطقة تاغيت الواقعة بولاية بشار الحدودية، تستنشق هذه المدينة هواءها من واد يقطعها وواحات اختارت يد الإنسان أن تجعلها ميزة المكان.
«تاغيت» اسم بربري مشتق من «تاغونت» وتعني الحجرة، و»تغليت» وهي الهضبة، تختلف تأويلات التسمية ويتفق الجميع على أنها تفردت بجمالها، لتكون عروس «الساورة»، والساورة هو اسم المنطقة الجنوبية الغربية للجزائر نسبة إلى الوادي الذي يخترق المنطقة.
وكتب ابن خلدون عن تاغيت في كتابه «ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر»، وغاص في تفاصيل المنطقة التي ما زالت تسحر المارين والقاصدين وحتى سكانها الأصليين.
مدينة يسابق الليل فيها النهار
في مدينة يسابق الليل فيها النهار لا ينام سكان هذه المنطقة إلا في ساعات متأخرة لشغفهم بالحياة، حيث يعتقد سكان تاغيت أن «النوم يسرق منهم ساعات كان يجدر بهم استغلالها في الفرح»، ولا يمل هؤلاء من مدينتهم بل يزدادون عشقا لها مع طلوع كل شمس.
يروي سكانها قصة عشقهم لمدينته تاغيت بالقول إنهم لم يشعروا بالملل يوما، فهذه المدينة تحمل في جوفها ما لا نهاية من الأسرار الربانية التي لا يكفيها عمر واحد لاكتشافها، ويتمسك سكان هذه المنطقة بمدينتهم الصغيرة التي تضم ستة تجمعات سكانية تقع بين ما تعرف بـ»الزاوية التحتانية»، و»الزاوية الفوقانية».
ووسط طبيعتها الخلابة يجد زائرها صعوبة في العيش بعيدا عن سحرها، فبالنسبة لهم الهواء فيها مختلف تماما عن هواء أي مدينة أخرى بالعالم.
ولسكان منطقة تاغيت عادات خاصة، وولاء للشمس، يرون أنه من سنن الانتماء أن يستيقظوا في الصباح الباكر، يهرولون نحو «العرق» وهو كثبان رملية مرتفعة جدا، يستقبلون الشروق في هدوء وصمت.
في حين يعودون لحياتهم وأشغالهم خلال اليوم إلى أن يقترب رحيل الشمس، ويعود الجميع مهرولين نحو «العرق» لتوديعها، كل بطريقته وهي العادة التي اكتسبها السياح القادمون إلى تاغيت من مختلف دول العالم.
لهذه المدينة جغرافيا ساحرة وتاريخ يدعو للتوقف عنده، رسم الإنسان الأول في هذه المنطقة على صخور جبالها تفاصيل حياته اليومية والحيوانات التي رافقته، حيث يعود تاريخ هذه الرسوم المختصين إلى 10 آلاف سنة قبل الميلاد.
فيما يترك وادي زوزفانة -الذي يمتد من الحدود الشرقية للجزائر إلى غرب المغرب - آثار التاريخ المشترك بين البلدين، وتمسك منطقة تاغيت طرف الوادي الذي رسم ابتسامته على المدينة الحمراء، حيث يطغى اللون الدافئ على رمال المدينة الهادئة.

الدراجات النارية وسفينة الصحراء..المتعة
يعتبر وادي زوزفانة إحدى المحطات الرئيسية للسياح الذين يقصدون الجزائر نحو ولاية بشار وتاغيت تحديدا، حيث يكمل تفاصيل اللوحة الطبيعية التي يمثل سكان المنطقة جزءا لا يتجزأ من جمالها.
يعتقد الكثير من السياح الأجانب أن لـ «تاغيت سحرا يجعل زائرها في حالة من الإدمان»، ويشغل شباب المنطقة وقتهم بأسلوبهم الخاص، يتسلون بسباق الدراجات الرباعية، حيث تسمع صرخاتهم وهم يحتفلون بالسرعة التي تعطيهم جرعة زائدة من «الأدرينالين» من مدخل المدينة المبهجة.
ولا يتخلى شباب المنطقة عن عادة سباق الجمال، ويرون أنهم يتفردون فيها، وأن القادرين على ركوب «سفينة الصحراء» يعكسون قوة رجل تاغيت.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024