بدايته العصر الحجري

تاريخ الجزائر في جولة بمتحف «الباردو»

الباردو متحف الجزائر الذي لابد أن يزوره الزائر لمدينة الجزائر، فالسائح من خلاله يرى شيئان مهمان في البلد، أولهما مدى تمسك هذه الأرض بالتاريخ ومدى عراقة الجذور، وثانيهما الإثنوغرافيا المتنوعة الحاملة لطريقة عيش الإنسان الجزائري الباردو متحف يختص في عرض آثار ما قبل التاريخ ومقتنيات الإثنوغرافيا، أنشئ في 16 أفريل 1930م.
هو في حد ذاته بناية أثرية مصنفة ضمن المعالم التاريخية منذ سنة 1985، فقد تم تشييد القصر في أواخر القرن الثامن عشر، ليكون إقامة صيفية «جنان» يلجأ إليه النبلاء للاستمتاع بالمواسم الجميلة، متوفرة على الحدائق والأفنية والأحواض والينابيع والفوارات، شهد القصر تغييرات وإضافات عمرانية عديدة قام بها الفرنسيون في 1879 تمثلت في بناء إسطبلات وحظائر.
يتكون المتحف من نوعين من المعروضات: آثار ما قبل التاريخ يتم جلبها عن طريق الحفريات، وهي مجموعات أثرية حصل عليها عن طريق الحفريات في المناطق العديدة من الوطن، وهي تعكس مختلف الحقب التاريخية التي مرت عبها الجزائر، ابتداء من العصور الحجرية القديمة إلى عصور ما قبل التاريخ وفجره.

«تين هينان» ترقد هناك
بالدخول إلى القاعة التي بنيت في الفترة الاستعمارية تجد قاعة الاستقبال الصغيرة وبها مقتنيات وإصدارات المعرض وبطاقات مراسلات للبيع، يقابلك مباشرة الأثاث الجنائزي للملكة «تين هينان» داخل غرفة مخصصة لها، يمكنك الدخول لتجد الهيكل العظمي والأثاث الجنائزي المكتشف بضريح «أبالسة» بتمنراست والمنسوب إلى الملكة «تين هينان».
أما على شمال قاعة الاستقبال فتوجد قاعة للنحاس المستعمل في البيوت الجزائرية ممثلا الأثنوغرافيا الحضرية، حيث تعرض الرحى، المبخرة، إبريق القهوة، الركوة، السني، الصحون بأنواعها، الطاجين، أقداح الوضوء والحمامات وإبريق الوضاية ومحبس الحمام وغيرها من مستلزمات الحياة الحضرية التي تزين أوانيها النحاسية فتدل على عبقرية ومهارة الحرفي الجزائري.

الحديث عن ملايين السنين
وعلى يمين القاعة يوجد بابان مؤديان إلى القاعة الرئيسية الكبرى، المدخل الأول يقودك إلى قاعة عرض الفخار والحلي في عصر ما قبل التاريخ، وهو فخار كان يزين بطرق تقليدية وبسيطة جدا ولكنها أدوات زينة لا تزال صامدة إلى اليوم، والحلي بدوره كان يستعمل أدوات بسيطة وحجارة وصدفات وعظام الحيوانات، وكان أغلبه يستعمل كتعاويذ للوقاية من الأخطار المختلفة، وفي آخر القاعة تتواجد أدراج بها نوع مختلف تماما عن الحضارة الجزائرية، يتمثل في تحف ومقتنيات متعلقة بالحضارة الهندية الأمريكية.
تحتوي القاعة الوسطى على معروضات كثيرة متعلقة بالعصور الحجرية القديمة التي تصل إلى ملايين السنين (الأسفل والأوسط والمتأخر ثم الحديث)، عظام حيوانات وبقايا أخرى منقرضة وجماجم بشرية، حجارة وحراب وسهام حجرية، منحوتات ورسومات ونقوش فنية، وأدوات كانت في البداية كلها مصنوعة من أنواع متعددة من الحجارة، إلى أن توصل الإنسان إلى اكتشاف المعادن واستخدام الحديد في تلك الأدوات المعروضة اليوم أيضا في قاعة «عصر المعادن» أو فجر التاريخ ابتداءا من 3000سنة ق.م والذي شهد ظهور الأشكال الأولى للكتابة، ومن بينها حروف التيفناغ الأمازيغية الأقدم في بلاد المغرب.
وفي إحدى القاعات الصغيرة الجانبية توجد نقوش خاصة بالطاسيلي ناجر، بها رسومات مختلفة وحروف التيفناغ التي تشرحها، رسومات تدل أيضا على التنوع الذي كان آنذاك في الفن الأصيل في نفوس التوارق وسكان الصحراء القدامى، وتدل على الحيوانات التي كانت موجودة في تلك العصور كالأبقار ثم الحصان ثم عصر الجمال.
بكل بساطة، يستطيع الزائر للباردو أن يخرج منه محملا بفكرتين، أن التاريخ هو من يتمسك بأرض الجزائر، وأن السياحة تبدأ من هنا حيث يتعرف الآخر على طبيعة سكانها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024