رسالة إلى النفسانيين

العودة إلى الحياة.. خيارهم الوحيد

«سيشعر البعض أنه لا حياة بعد فقدان حقل الزيتون وموت قطيع الغنم».
من أجل التكفل بضحايا الحرائق وسكان المناطق التي تعرف ارتفاع السنة النار، كتبت الدكتورة سليمة طاجين أستاذة محاضرة أ، جامعة الجزائر 2 نداء الى كل المختصين النفسانيين جاء فيه:
« يا زملائي، يا معشر النفسانيين، أنتم الشهود على مآسي الناس وأنتم المؤتمنين عليها، هذه بعض الطرق التي يمكن أن تُسعِف نفسياً كل من هو في كرب وشدة نفسية:
تدخلوا عبر كل قنوات التواصل والإعلام، عبروا عن تعاطفكم مع كل الضحايا، صادقوا على المآسي، وشجعوا على قبول كل تعابير الألم والمعاناة.
قدموا التعازي لكل المكلومين والثكلى واليتامى، لكل الذين فقدوا أملاكهم وبيوتهم وما كانت تمثله من أمان واِنتماء.
شجعوا الناس على تحديد أكثر احتياجاتهم استعجالاً واِربطوهم بمصادر تلبيتها.
شجعوا الناس على إعادة ربط التواصل مع ذويهم في الداخل والخارج.
نبهوا المتطوعين لخدمة النازحين لأهمية ربط الوصال بين أفراد العائلة المتفرقين.
شجعوا على خلق جسر تواصل بين المصابين في المستشفيات وأهاليهم.
وجهوا الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات مرضية حادة إلى العناية المتخصصة.
شجعوا الخطاب الرسمي على أن يكون جامعاً ضاماً ومتضمنا، لا إقصاء فيه.
شجعوا الخطاب الرسمي على أن يكون متعاطف لا متجاهل، ومصادق على المعاناة لا منكراً لها.
يا معشر النفسانيين،ثمنوا قيم التضامن والفزعة، فهي عامل حماية للصحة النفسية.
ثمنوا شجاعة المتدخلين في أرض الميدان، ورسخوا قيم البذل والقوة.
اِنتبهوا إلى المتدخلين الرسميين والمتطوعين، وتدخلوا من أجل حمايتهم من الإنهاك والإنهيار.
ألحُّوا في القول إنها شدة وكرب عظيم ولا شك، ولكنها ستزول طال أو قصر الزمن.ستمطر وستخضر الغابات مهما طال الزمن.
ستندمل الحروق وستترك ندوبا في الجسم والنفس، ولكن رغم ذلك ستعود الابتسامة.
ألحُّوا في القول، أن في كل محنة منحة، نتعلم منها الكثير عن أنفسنا وعن غيرنا وعن الحياة وتزيدنا قوة وصلابة وحكمة.
يا معشر النفسانيين، خبروا الناس أنه يصعب فهم ما يحدث، ويستعصي إيجاد معنى له ولكنه ليس مستحيلاً.
أخبروهم أنه سيسيطر على بعضهم غضب لا مطفأ له،وسيسكن الإحساس بالظلم في نفوسهم، وقد يكفر البعض الآخر بمعنى الحياة والوطن، وكثير من المعاني..
سيشعر البعض أنه لا حياة بعد فقدان حقل الزيتون وموت قطيع الغنم.
سيشعر البعض أنه اقتُلع من الحياة بعد احتراق بيته،
وسيصعب التنفس على الكثيرين بمجرد رؤية الأراضي المفحمة، وقد يفزع الكثيرين من كوابيس يرون فيها ألسنة اللهب تحاصرهم وهم وحيدون متروكون لمصيرهم. قد لا يستطيع البعض النوم تماما كلما تذكر بيت جده المحروق، قد تكثر الاحزان على بعضهم فيجف دمعه، ويتحجر قبله رغما عنه ويموت من الداخل وهو يتمنى أن يبكي ويصرخ فيرتاح قد ينعزل البعض ويعيد معايشة ما رآه من هول مراراً وتكراراً قد يشعر البعض بالعجز والذنب، معتقداُ أنه كان لابد أن يفعل أكثر مما فعل.
وأنهم سيرون الخوف في عيون أطفالهم، وسيضطرون للتماسك والتظاهر بالشجاعة حتى يحمونهم.
ولكن؛ الكثيرين سيقفون على أرجلهم من جديد، الكثيرين سيخرجون البطل الذي بداخلهم، سيستعملون قيمهم، تجاربهم، إيمانهم، شجاعتهم في النهوض، سيستوفون حق أمواتهم وممتلكاتهم في الحداد ثم سيعودون إلى الحياة، لأنها اِختيارهم الوحيد.
(بتصرف)

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024