التداوي بالرمال الساخنة

«تاغيت» مقصد الباحثين عن العلاج الطبيعي

أكثر الأنواع السياحية استقطابا للسواح المحليين والأجانب

زيارة العلاجية وفرصة للاستمتاع بهندسة الصحراء الساحرة

على خلاف خيارات الكثير من المواطنين في الصيف يضطر البعض إلى التوجّه جنوبا إلى الصحراء الجزائرية التي تعرّف درجات حرارة مرتفعة، بحثا عن علاج طبيعي يخفف آلام أمراض مزمنة.. «تاغيت» إحدى المناطق المعروفة بالحمامات الرملية والتي تعرف توافدا لمرضى الروماتيزم في هذه الفترة من السنة.

طريقة تقليدية للتداوي
تقع جوهرة الجنوب الغربي تاغيت، البلدية السياحية، على بعد 91 كلم عن مقر الولاية بشار، ولا تزال وعلى مدى سنين طويلة، تشهد تهافت الكثير من الذين سبق لهم وأن زاروا المنطقة، وعلى وجه الخصوص، العارفين بالمنافع الصحية لحمامات الرمال الساخنة طيلة أيام الصيف، تهافت لازال يصنع الحدث في عز الصيف بهذه المنطقة الصحراوية السياحية، أين تُصبح الكثبان الرملية الذهبية اللون، خلال هذه الفترة وجهة لكثير من مرضى الروماتيزم من الذين اعتادوا على عملية الردم، أو الدفن تحت الرمال الساخنة كل سنة، وذلك قصد التداوي بهذه الطريقة التقليدية التي توارثها أبناء المنطقة أبا عن جد وأثبتت فعاليتها.
الكثبان الرملية التي تحتضن واحة وقصور جوهرة الجنوب، لازال الكثير من أهل المنطقة من أصحاب الخبرة في طريقة الردم، ومعالجة داء الروماتيزم بالأعشاب الطبية المحلية، يلجئون إليها، حيث يلجأ الأهالي إلى نصب خيمهم لاستقبال الوافدين من كل ربوع الوطن، قصد المعالجة من هذا الداء الذي استعصى علاجه على الطب الحديث حسب تصريحات الكثير من الوافدين على منطقة تاغيت والذين أكدوا بأن الكثير منهم استرجع عافيته وقوته، بل ارتاح من مرض الروماتيزم بنسبة كبيرة، الأمر الذي جعل الكثير منهم يعيد التجربة كل صيف للسياحة الطبية كما يحلو للكثير تسميتها.
وحسب ما أفاد به الكثير من كبار السن بمنطقة تاغيت، فإن طريقة الردم تحت الرمال الساخنة، تعود إلى سنين غابرة بمنطقة الجنوب الكبير، بحيث يؤكد الكثير على أن العديد من الأمراض ظلت تُعالج بالطرق التقليدية المبنية على خلطات الأعشاب الموجودة بالمنطقة، أو ما بات يُعرف حاليا بالطب البديل، كمرض الروماتيزم الذي لازال يُعالج بطريقة الردم تحت الرمال الساخنة التي أثبتت نجاعتها وفعاليتها لهذا الداء الذي اقعد الكثير من كبار السن، لتبقى بذلك عملية الردم تحت الرمال الساخنة المعروفة بحمامات الرمال، حرفة تدخل في السياحة الطبية التي تجلب السياح من مختلف مناطق الوطن.

 الردم.. لصحة أفضل
يتمّ تحضير الحمام الرملي من خلال حفر فوهات كبيرة وسط الرمال الساخنة، أين تحدّد فترة البقاء فيها بحسب حالة المريض الصحية، وسنه، وطبيعة مرضه، وقد تصل عند القادر على التحمل إلى 35 دقيقة، فيما لا تتجاوز 15 دقيقة بالنسبة للعجزة، تمتص خلالها الرمال كميات كبيرة من الماء الزائد في الجسم، ومباشرة بعد الانتهاء من تغطية الجسم بالرمل، تنصب خيمة أو شمسية تقي الأجزاء الظاهرة منه، سيما الرأس من الأشعة الحارقة، كما يزود بالماء كلما طلب، ويجب أن يعلم كل مهتم بأن الحمام الرملي لا يكون إلا بعد استشارة طبية.
وينصح الأطباء بمثل هذا العلاج الطبيعي الأشخاص المصابين بالروماتيزم فتراهم في كل سنة وخلال الصيف يتوافدون على المنطقة طلبا للراحة وبحثا عن الصحة، ولن يستثنى من المرضى الأطباء الذين يأتون بأنفسهم للعلاج بحمامات الرمال.

 الفحص الطبي ضروري
يجب أن تخضع هذه الحمامات الرملية إلى المراقبة الطبية، كما يجب أن تشرف عليها، مديرية الصحة ومصالح الحماية المدنية وكذلك مصالح البلدية، لأنها لا ينصح بها لبعض الامراض فهي ممنوعة على المصابين بأمراض القلب والضغط الدموي، لذلك فاستعمال هذه الحمامات الرملية لا يكون الا بعد اطلاع الجهات المختصة على الحالة الصحية للمريض حتى يتفادى تعرضهم لازمة ولتحدّد له الرعاية الطبية المناسبة.
وحسب طبيبة مختصة، فإن الأمراض التي تعالجها حمامات الرمال هي الروماتيزم والأمراض المرتبطة بها والروماتويد وآلام المفاصل وتنشيط الدورة الدموية وعلاج الدهون على الكبد، كما أن الحمامات الرملية تزيد مناعة الجسم ولكن نصحت المهتمين بهذا النوع من العلاج الطبيعي بإجراء فحص طبي شامل يثبت من خلاله أن المريض غير مصاب بمرض القلب أو ارتفاع ضغط الدم.
وأضافت قائلة: «كل شخص يعاني من أمراض الروماتيزم، الروماتويد المفصلي النقرس، الأمراض الجلدية (الصدفية والبهاق)، قصور الشرايين، السمنة الزائدة، ألام الظهر، عرق النسا، آلام الأعصاب والعضلات، التهاب المفاصل واحتقانها بإمكانه إتباع هذا العلاج الطبيعي بالردم تحت الرمال، حيث أثبتت الأبحاث العلمية أن الرمال الموجودة في الصحراء تعتبر كأحد أنواع العلاج بالطب البديل حيث تنشط الرمال الساخنة الدورة الدموية، كما أن المشي على الرمال حافي القدمين ضروري لتفريغ الشحنات السلبية والموجات الكهرومغناطيسية التي يتعرض لها الإنسان نتيجة تعامله مع وسائل التكنولوجيا الحديثة»:
 ويلزم المريض خلال فترة العلاج بإرشادات معينة تتلخص في عدم التعرض لتيارات هوائية مباشرة، الابتعاد عن أجهزة التكييف، تفادي المشروبات الغازية، التقليل من أكل المواد التي بها نسبة عالية من الدسم، عدم الآكل قبل وبعد الردم بحوالي ساعة على الأقل، بالإضافة إلى ممارسة المشي لمدة ساعة يوميا .
وقد لا يعلم الكثيرون أن الأوربيون هم الأكثر إقبالا على هذا النوع من العلاج وعلى رأسهم الألمان والروس والإنجليز والفرنسيون والبولنديون، ورغم كل هذه الفوائد التي ارتبطت بالدفن في الرمال إلا أنه لا يصلح لعلاج كل الحالات فهو غير مناسب لكل من يعاني سرعة النزيف، الفشل الكلوي، الأمراض القلبية، الضغط الدموي، القرح وضيق التنفس.
إلى جانب تلك المزايا الصحية، تفيد رمال الصحراء في هدوء النفس وصفاء الروح، لذا على من يبحث عن التخلّص من القلق والضغوطات النفسية ينصح بحمام رمل ساخن فيعود صافي الدهن والنفس، ويشار أن العالم عرف استخدام الدفن في الرمال الناعمة كوسيلة للعلاج عن القدماء المصريين ومثبت ذلك في أوراق البردي.
يساهم توفر شبكة الطرقات وإمكانيات الإيواء والأنشطة السياحية المتكاملة، إضافة إلى التكفل الجيّد بممارسي هذه الحمامات عبر المواقع الطبيعية الساحرة التي تتمتع بها دائرة «تاغيت»، فتضافرت كل هذه العوامل في شهرة هذه الحمامات الرملية التي عادة ما يتم إقامتها بعد صلاة العصر وسط الكثبان الرملية ذات اللون الذهبي التي تزخر بها المنطقة ومساحاتها المترامية الأطراف خلف ظلال لؤلؤة الجنوب الغربي «بني عباس» التي يتطلّع مسئولوها، إلى اتخاذ الحمامات الرملية كمورد اقتصادي يضفي ديناميكية في شتى المناطق المجاورة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024