تقام بعيدا عن الإجراءات الوقائية

طباخو ومنظمو الأعراس.. مهن تواجه كورونا

معسكر: ام الخير.س

لقيت اجراءات منع الأعراس والولائم بولاية معسكر مع تغريم منظميها واحالتهم على العدالة، نوعا من الرفض والكثير من الاستياء والتذمر المبالغ فيه، حيث يرى المعنيون بهذه المناسبات الاجتماعية أنه من المجحف منعهم وتغريمهم بسبب الجائحة الصحية، خاصة وأن الكثيرين ينتظرون بشغف ليلة زفافهم.

 إلا أن البعض منهم قرّر تأجيل موعد العمر أو الاكتفاء بتنظيم احتفال مغلق محصور بين أفراد الأسرة الصغيرة، إلى ذلك يبقى خطر تفشي العدوى قائمة، خاصة وأن تقارير التحقيقات الوبائية التي تجرى بين المصابين وأسرهم أثبتت أن أغلبية المصابين انتقلت إليهم العدوى في وسط اجتماعي على غرار الجنائز والأعراس.
فئة أخرى من المعنيين مباشرة بقرار منع الولائم والمناسبات العائلية عبرت عن تذمرها من القرار، وهي فئة العاملين في مجال تنظيم الحفلات، التي تعتبر أحد المهن غير المنظمة والتي استفحلت كثيرا بعد تفشي الوباء المشؤوم، يقتات منها عمال بسطاء أحيلوا على البطالة بعد قرار غلق قاعات الحفلات المعمول به بولاية معسكر منذ أكثر من سنة.

استثمارات في مهب الريح
عبّر أحد الشباب المستثمرين في مجال تنظيم الأفراح عن استيائه من التدابير الجديدة الخاصة بالحجر الصحي وتجميد بعض الانشطة التجارية والخدماتية، لاسيما جزئها المرتبط بمنع تنظيم الأفراح والولائم العائلية، واصفا القرارات بالمجحفة في حق المكافحين في سبيل كسب قوت يومهم.
علي -ح، شاب في الثلاثينيات من العمر، اشتغل طيلة السنوات الماضية كطباخ في قاعات الحفلات، كان حلمه الهجرة إلى الضفة الأخرى من المتوسط ولو على متن قوارب الموت، لكنه عدل عن فكرة الفرار من واقعه،
واجتهد في توفير مبلغ من المال خصّصه للاستثمار في مجال تنظيم الأفراح بدل العمل بقاعات الحفلات، التي كانت تمكنه من أجرة يومية تتراوح بين 10-15 ألف دينار يوميا.
وحسب محدثنا علي-ح، فإنه خصّص مبلغ يصل إلى 100 ألف دينار لاستئجار منزل بأحد الأحياء السكنية بمعسكر وجهزه ليصبح قاعة لتنظيم الأعراس، في وقت تمّ فيه تجميد نشاط قاعات الحفلات، وتحوّلت وجهة أغلب الأسر المحلية إلى المنازل السرية المخصصة لتنظيم الأعراس، حيث يعتبر المنزل المستأجر من طرف متحدثنا أحد هذه الأماكن السرية الناشطة بطريقة غير مرخصة في مجال تنظيم الأعراس.
حديث علي- ح إلى «الشعب»، ترك لدينا انطباع أنه استغل الظرف الصحي والقرارات التي جمدت نشاط قاعات الحفلات، ليغامر بالاستثمار في حاجة المواطنين إلى مكان لإقامة أعراسهم، لافتا أنه توقّع النجاح لتجربته الجديدة في مجال تنظيم الحفلات فهو لا يريد أن يبقى طباخا أجيرا مصيره مرهون برفع إجراءات غلق قاعات الحفلات، غير أن الموجة الثالثة للوباء المشؤوم قضت على أحلام هذا الشاب الطموح خاصة بعد صدور قرار ولائي يمنع إقامة الحفلات ويضع رقما هاتفيا تحت تصرف المواطنين للتبليغ عن المخالفين.
يقول علي.ح ممتعضا «لماذا تدفعوننا للجنون، ماذا سأعمل؟ اتركونا نعمل..» متحججا بالقول إن المجمعات التجارية والاسواق والحافلات هي أكثر الأماكن التي تساعد على انتشار العدوى بفيروس كوفيد-19.
 وبعد أخذ ورد، حاولنا أن نقنع المتحدث ان القرارات المتخذة صادرة عن سلطات عمومية كإجراء لوقاية المواطنين والحفاظ على سلامة الجميع، لكن المتحدث أصر أن يدافع عن نشاطه الاستثماري «غير المرخص»، موضحا أنه يشغل معه 4 طباخين و6 أعوان للتنظيم والتقديم، اضافة الى 2 من العاملين على الأجهزة الموسيقية، ومصور، وخلف هذا العدد من العمال عائلات تقتات من ارباح تنظيم الحفلات التي يتراوح معدلها بين 140-180 ألف دينار للسهرة الواحدة في المنزل السري المخصص لتنظيم الأعراس، ويتقاضى هؤلاء العمال بين 4-6 آلاف دينار عن كل حفل. 

أعراس تحت السرية
ويجيب متحدث «الشعب» عن تساؤلاتنا حول مدى تطبيق البرتوكول الصحي في الأعراس المنظمة سرا بعيدا عن أعين مصالح الأمن، قائلا أنه يتم التفاوض مع صاحب الوليمة حول عدد المدعوين الذي لا يجب أن يزيد عن 150 شخص والمبلغ الواجب دفعه لتغطية تكاليف الزفاف، موضحا أن بعض الأعراس والحفلات التي كانت تقام قبل حلول الجائحة كان يصل عدد المدعوين إليها الى 500 شخص، لكن تقليص العدد الى 150 مدعو حسب المتحدث ليس بسبب الجائحة والبرتوكول الصحي، انما بسبب عدم اتساع المسكن لعدد أكبر من المدعوين، ما يطرح فرضية الغياب التام لإجراءات الوقاية داخل هذه المساكن السرية لإقامة الحفلات والولائم العائلية.
ورغم انتشار العدوى بفيروس كوفيد 19 بأنواعه المتحورة، وأخبار الموت المفجعة، وما تلي ذلك من إجراءات وقائية بصيغة التنفيذ الاستعجالي على غرار منع الأعراس والولائم، ما زالت هذه المناسبات العائلية تقام دون أدنى اعتبار للإجراءات الوقائية بحكم الأعراف الاجتماعية والأسرية التي تقتضي التقبيل والعناق والمصافحة وشتى أشكال التقارب الجسدي.
وإن كانت شريحة واسعة من المواطنين تعاني من تبعات الإحباط النفسي جراء أخبار الموت والفزع من التفشي المقلق للوباء، إلا أن هناك فئة معتبرة من أفراد المجتمع مقبلة بنهم على الاحتفال لأي سبب أو أي مناسبة، غير مبالية بالوضع الصحي والاجتماعي المقلق، لاسيما داخل المستشفيات أين يصارع المرضى من أجل الحياة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024