يتكوّن من حوالي 40 عشبة طبيعية

«الوزوازة».. مشروب صَيْفي مقاوم للحرارة

استطلاع: سفيان حشيفة

 يعد مشروب «الوزوازة» الشعبي بوادي سوف، أهم المشروبات المبتكرة محليا لمقاومة العطش في فصل الصيف والحر الشديد، يكثر شربه في مثل هذه الأيام التي لامست فيها درجات الحرارة بالولاية عتبة الخمسين درجة 50°، هو عبارة عن مكون عشبي طبيعي، فرض نفسه كمشروب صيفي يومي في منازل أهل وادي سوف، منافسا بذلك باقي العصائر الطبيعية والعصرية، لما يحتويه من عناصر غذائية مقاومة للعطش.
يعتبر هذا المشروب المقاوم لشدّة الحر، مشروبا منزليا قديما قدم أهل المنطقة، ومصدر علاجي مناسب للجهاز الهضمي، نظرا لمكوناته العشبية الطبية المتنوعة، التي تعطي أداء جيدا لكل أعضاء الجسم.
 عائلات كثيرة بوادي سوف أصبحت تتقن صناعة هذا المشروب المُكوّن من أعشاب طبيعية وطبية، تقوم بإعداده مع دخول فصل الصيف، كونه يعطي الجسم قوة على مقاومة الحرارة المرتفعة، ويخفف من وطأة العطش بالنسبة للأفراد الذين يقومون بأشغال وأعمال شاقة تحت أشعة الشمس الحارقة نهارا.
 لفظ كلمة «الوزوازة»، كما يطلقه سكان وادي سوف، ترجمة للانتعاش والمذاق الحامض الذي يتركه هذا الخليط عند شاربه في الفم، فكلما مرت فترة إعداد الخلطة وإضافة الماء إليها بشكل يومي لاستحلاب المكونات وشربها، تتراجع كثافة تركيزها إلى أن تضمحل عناصرها وتتحلل، لتتحول إلى ماء في مؤشر على انتهاء استخدامها وشربها.   

مكوّنات عشبية متنوّعة

يتكوّن مشروب «الوزوازة»، من مزيج متنوّع من الأعشاب الطبيعية والطبية التي يتم اقتنائها من المحلات المتخصصة في بيعها، ويتم إعدادها وتحضيرها مع حلول فصل الصيف حتى نهايته، حيث يكون مذاقها مرا في الأيام الأولى لاستحلابها وشربها، تم يتدرج الطعم إلى أن يتحوّل من حامض إلى حلو، وسبب مرارتها في بداية شربها هو كثافة المكونات العشبية ومرارة بعضها.
«سعاد» ربّة بيت، من المواظبات على اعداد مشروب «الوزوازة» كل صائفة، قالت لـ «الشعب»، بأن هذا المشروب المنزلي التقليدي القديم يتكون من أعشاب طبية متنوعة، فهناك من يفضل إدراج 30 عشبة في الخلطة، وآخرون يفضلون 40 بحسب توفر المكوّنات العشبية الأساسية بكميات ومقاييس محددة ومعينة، من أبرزها الحلبة وإكليل الجبل والقرفة ومكونات أخرى كثيرة.
في ذات السياق، أوضحت سعاد قائلة: «يتم تنقية الأعشاب جيدا من الحصى والتراب وبعض الشوائب كالعيدان الدقيقة، ثم تغسل بعد ذلك، لتأتي مرحلة استخدامها في خلطة متنوعة، ووضعها في الماء لاستحلاب العناصر المغذية، وشربها باردة في فترات مختلفة من النهار الصيفي الحار».
وأضافت «تلجأ بعض ربات البيوت أيضا الى استخدام بعض الأعشاب لتغيير مذاق المشروب التقليدي وإعطاءه نكهة، بحسب رغبة شاربه، كإضافة كمية زائدة من تمر الغرس أو ما يسمى «المريسة» بعد إزالة النوى منها، لإضفاء المذاق الحلو على الخلطة.

مقاوم للعطش

«مبروك « عامل يومي في مجال البناء، محب لـ «الوزوازة» العشبية، قال بأن هذا المشروب يجذب الرجال أكثر من النساء، نظرا لحاجتهم لمكوناته الطبيعية المقوية والمحفزة خلال فترات النهار والعمل تحت أشعة الشمس، حيث يعطيهم انتعاشا، ومناعة قوية، وجهدا مضاعفا خلال مزاولتهم لأشغالهم، ويمنحهم قدرة على مواصلة العمل دون الشعور بالإعياء.
وأشار مبروك إلى اهتمامه بنوعية وجودة الأعشاب التي تدخل في تحضير «الوزوازة» أثناء شرائها من العشّابين، كون الأعشاب القديمة تكون بمفعول ضعيف وأٌقل نفعا، معتبرا أن تناول هذا المشروب، يعطيه انتعاشا وراحة أثناء العمل أو بعد الانتهاء منه، كما يزيل عنه حالات الاحتقان الهضمي أثناء تناول وجبات دسمة.
ولا يباع هذا المشروب التقليدي في المحلات بحسب مبروك، مقارنة بالمشروبات الطبيعية الأخرى كعصير النخل «اللاقمي» الذي يباع ويلقى رواجا وإقبالا من المواطنين، أما «الوزوازة» فيتم تقديمها في الغالب كهدايا بين العائلات والجيران، خاصة في المناطق الريفية بما أنه مشروب منزلي بامتياز، قليل التكاليف والجهد، وسهل الإعداد والتحضير إذا ما توفرت الأعشاب الأساسية المكونة له.
مشروب «الوزوازة» بوادي سوف يعتبر مشروبا صيفيا بإمتياز، يتم إعداده خلال فترة الصيف وشدّة الحر، ولا يُحضّر في باقي فصول السنة، شهد أكثر زيادة في تحضيره وتناوله أثناء الفترة التي تزامن فيها شهر رمضان والصيام مع فصل الصيف والحرارة الشديدة خلال السنوات الماضية، تقريبا بين سنوات 2009 /2020.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024