بحثا عن الرّاحة والاستجمام

كراء المنازل والشّقق هروبا من أسعار الفنادق الغالية

تبقى الشّواطئ مقصدا مفضّلا لدى السياح في فصل الصيف بصفة خاصّة، فالبحر يقترح على زوّاره شواطئ هادئة بمياه صافية ورمال ذهبية، ولكن موسم الهجرة إلى الشّواطئ هذا العام، سيكون في ظروف استثنائية وخاصة، بسبب استمرار فرض إجراءات الوقاية الصحية تفاديا لانتشار فيروس كورنا المتحوّر، مع انفراج في حركة التّنقل الداخلي والخارجي، بعد الفتح الجزئي للحدود البرية والجوية، وما سيصاحبه من إقبال المغتربين على أرض الوطن، وهم الذين حرموا من «ريحة البلاد» طيلة أكثر من سنة.
 هيام لعيون
سيكون موسم الاصطياف لهذه السنة مغايرا للموسم الماضي على الأقل، حيث سيواكب عودة المغتربين والمهاجرين إلى أرض الوطن، لقضاء عطلة الصيف بعد فتح الحدود، بعد مرور أكثر من سنة على غلقها منذ مارس 2020 لتجنّب الانتشار الواسع لـ «كوفيد-19»، وستتغيّر معه اتجاهات المصطافين، الذين يفضّلون قضاء سهراته بين الشّواطئ والغابات.
علما أنّ شواطئ الجزائر تستقبل سنويا ملايين المصطافين، حيث يفضّل قطاع واسع من الجزائريّين قضاء الموسم داخل أرض الوطن والتجوّل بين مناطقها السياحية، وبدرجة أقل المناطق الدّاخلية التي عادة ما يقصدها المغتربون بحثا عن الدفء العائلي ولقاء الأهل والأصدقاء، فضلا عن لجوء البعض إلى مناطق جبلية، بحثا عن الهدوء المنشود، والإبتعاد عن ضجيج الملايين المترامين على أطراف السّواحل الجزائرية، وممارسة الرّياضة والطهي والمبيت في الفنادق هناك، والشاليهات المنتشرة على غرار ولايتي تيزي وزو والبليدة.

كراء المنازل السّاحلية هروبا من نار الفنادق

اعتاد جزائريّون كل سنة التّخلي عن الإقامة في الفنادق وخدماتها المتدنية، بسبب ارتفاع تكاليف الإقامة هناك، والتي تفوق الخيال في كثير من الأحيان، حيث يفضّلون اللجوء إلى كراء المنازل والمستودعات وحتى الشاليهات عبر الولايات السّاحلية.
هذه «الموضة» التي انتشرت خلال السّنوات القليلة الماضية، خاصة بعد تحسّن الوضع الأمني الذي شهدته البلاد بعد التّعافي من تبعات سنوات الجمر، أصبحت من ميزات السياحة في البلاد، وتجارة رابحة تدرّ الملايين على أصحاب المنازل السّاحلية، ويبدو أنّهم وضعوا هدف الربح السّريع نصب أعينهم، دون أن يوفّروا أبسط الخدمات أو المعايير التي تفرضها مثل هذه الظّروف في إطار خطط الارتقاء بالسياحة الداخلية.
واعتبروا أنّ موسم الصيف هو الفرصة السّانحة التي ينتظرونها طوال السنة، خاصة مع ما تشهده كافة المدن السّاحلية في هذه الفترة من حركية كبيرة، خاصة مع ظاهرة كراء سكان المدن الساحلية الممتدة على طول الشريط الساحلي لولايات جيجل، بجاية، العاصمة، تيبازة، مستغانم، وغيرها من المدن السّاحلية طيلة فترة الاصطياف مخصّصة للمصطافين الوافدين على هذه المناطق سواء من داخل الجزائر أو خارجها.

منازل محجوزة منذ الآن

 يقول لنا صاحب أحد المنازل السياحية بولاية جيجل، إنّه يخصّص منزله كل سنة للكراء، يفضّل أن يكون موجّها للعائلات فقط، ويعمل بالدفتر العائلي تجنّبا لأي شبهات، مضيفا أنّ منزله حُجز منذ الآن من قبل عائلة جزائرية تقطن بالعاصمة، حيث يكثر الطلب على المنازل خلال العطلة الصيفية، مبرزا أنّ «الظّاهرة تعود لغياب المرافق والفنادق بأسعار معقولة في الولاية، ومحاولة من العائلات الجزائرية الحصول على الحرية في التنقل، وحتى الأكل والاعتماد في طبخها على مواد تخصّها، وتوفير مختلف اللحوم البيضاء والحمراء الطّازجة، والابتعاد عن المأكولات الخارجية، لما تسبّبه من تسمّمات في فصل الصيف، وتوفّره لهم من خصوصية وحرية في التنقل والزيارات، واستقبال معارفهم».
بينما يؤكّد أنّ سعر الإيواء لليلة واحدة خلال هذا الموسم، لا يتعدّى في الغالب 5000 دج لكل أفراد العائلة، مهما كان عدد أفرادهم، موضّحا أنّ أغلب العائلات تقيم لفترة 10 أيام إلى 15 يوما، وتأتي مجتمعة لتتفرّق مصاريف الإيواء والأكل بين الجميع، ولا تشعر بتكاليفها، فقد يصل عدد الأفراد المقيمين إلى 10 أشخاص».
وأضاف يقول إنّه يجهّز منزله «بكل الضّروريات اللاّزمة التي من شأنها توفير الرّاحة للزّبائن، كما أنّ المكان يتميّز بقربه من الواجهات البحرية».
وبذلك فقد تخلّت أعداد هائلة من الجزائريّين عن فكرة الإقامة في الفنادق، وعوّضتها بكراء منازل ومستودعات نظير تقديمها لعروض وأسعار ملائمة للإمكانات المادية للجزائريّين على ضوء التهاب أسعار الفنادق.
وتتراوح أسعار كراء المنازل خلال فصل الصيف ما بين 3000 دج و5000 دج أو ما يفوق ذلك لليلة واحدة أو خلال 24 ساعة، حسب التجهيزات المتواجدة بالبيوت من مكيفات ومطابخ ومبردات، وأسرّة وأغطية، وهو أمر استنكره المصطافون، واعتبروه تكلفة لا تتحمّلها جيوبهم، مثلما يؤكّده لنا السيد «ع - ع» قاطن بالعاصمة، حينا قال «بالرغم من تكلفتها المتدنية مقارنة بالفنادق، إلا أن الحصول على منزل كما نريد يحتاج إلى تدخّل الوساطة والمعارف، فسكان المناطق السياحية يفضّلون من يعرفونه على من لا يعرفونه، تجنّبا للوقوع في مشاكل لا قدّر الله، مثل من يتعاطون المخدرات أو حتى جلب مشروبات كحولية إلى المنازل، خاصة وأنّهم يعملون بصفة غير قانونية».

نريد رقما للشّكاوى..

على ضوء الظّروف التي تعيشها الأسر الجزائرية اليوم، ينتظر عدد من الجزائريّين، فتح الحدود للذهاب إلى تونس كما اعتادوا عليه كل سنة، علما أنّ أسعار الفنادق هناك أرخص بكثير ممّا هي عليه في الجزائر، مع تقديم خدمات أكثر جودة، بشهادة من زاروا البلد الشقيق الذي يعتمد في اقتصاده بنسب مرتفعة على مداخيل السياحة، فيما تبقى «الطبقة العليا» من أصحاب الدخل المرتفع في البلاد يفضّلون الوجهة الأوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا، غير أنّ الإجراءات التي اعتمدتها الجزائر للدخول والخروج الى البلاد، نغّصت عليهم الأمر.
في هذا الصدد يقول شاب ذو 29 سنة لـ «الشعب»، إنّ شرط تلقّي لقاح كورونا أفسد عليه خططه خلال العطلة القادمة، إذ يرفض تلقي اللقاح خوفا من تأثيراته الجانبية مستقبلا، ومن غير ذلك فكل الإجراءات الأخرى لا تهمّه، بينما استصعب الأمر على آخرين تخوّفا من الفيروس المتحوّر الأوروبي، لذلك تبقى خطط العطلة لهذا الموسم غير مسطّرة من قبل السّواد الأعظم من الجزائريّين.  
ويبقى الجزائري مع حلول كل موسم اصطياف، يعاني بين ناري «التّغيير السياحي»، و»التّغيير المالي»، يبحث عن راحته ومحاولة تغيير أجواء العمل وروتين فصل الشتاء وقر المكاتب، في انتظار حلول مواسم «ربيع سياحي» مأمول.
صدر في مجلة التنمية المحلية ـ العدد ٠٤ ـ جوان  ٢٠٢١ ـ  بتصرف

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024