جميلة فلاح باحثة في التّراث اللاّمادي لـ «الشعب»:

عادة «القرش» لاستقبال أول يوم من رمضان

خنشلة: اسكندر لحجازي

 «التويزة» جمعت النّسوة على مدى أجيال

دعت جميلة فلاح، كاتبة وباحثة في مجال التراث اللامادي، لها عدة إصدارات في هذا المجال ورئيسة جمعية جواهر الثقافية لولاية خنشلة، الباحثين إلى الاهتمام بعادات العائلات الاوراسية والخنشلية خاصة، المتعلقة بمرحلة التحضير لاستقبال شهر رمضان الكريم وبعض الأطباق الرمضانية، كونها آخذة في الاندثار شيئا فشيئا على الرغم من أهميتها من النواحي الصحية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، ما يستدعي الاهتمام بها ودراستها والعمل من أجل الحفاظ على ما تبقى منها لبعثها من جديد.

أبرزت فلاح في حديثها لـ «الشعب»، أنّ بعض العادات التي تتميّز بها المنطقة والتي ما زالت تمارس إلى حد الساعة، تحضيرا لشهر رمضان المعظم، منها عادة تنظيف البيوت، بصفة كلية مع طلائها وترميمها، وهي العادة المنتشرة في عدة مناطق بالجزائر. هذا إلى جانب، تغيير أواني الطبخ مع التركيز على الأواني الفخارية ومنها القدر المصنوع من الفخار، والذي يستعمل في تحضير طبق الشوربة ويعطيها نكهة خاصة.
وأضافت أنّ العائلات الخنشلية على غرار عائلات الشرق الجزائري تشتري أجود أنواع القمح الأخضر أو ما يسمى بـ «الفريك» المنتشر زراعته بكثرة في مناطق الشرق الجزائري، ويعد مادة أساسية لتحضير «الشوربة» التي لا تفارق أبدا موائد الإفطار لدى كل العائلات.
كما تتميّز خنشلة حسب ذات المتحدثة، بإقامة عادة التويزة الخاصة بالنساء، واللاتي كن يتجمعن لفتل الكسكس في كل بيت والذي تأخذ منه وجبة السحور سواء في شكل طبق المسفوف أو الكسكسى المسقي باللبن أو الحليب، وهي عادة توارثها المجتمع الخنشلي عن الأجداد، تتميز بكونها اقتصادية وصحية بدرجة كبيرة، إلا أنها اندثرت مع مرور الزمن وعوض اجتماع النسوة، امتهنت بعض النساء فتل الكسكس يبعنه بمقابل، في الوقت الذي تختار معظم العائلات شراء الكسكسي المصنع من المحلات. كما أن المرأة الخنشلية، تضيف محدثتنا، «تقوم باختيار التوابل والأعشاب المعطرة لاستعمالها طوال الشهر الفضيل، مستغلة كذلك بعض المواد الغذائية المدخرة منذ فصل الشتاء لصناعة عدة أطباق من بين هذه المواد الزبيب، المكسرات، المشمش المجفف، وكذا الفلفل المطحون أو ما يسمى بالبوفجوخ والهريسة».
وكشفت فلاح، عن عادة تراثية أوراسية ضاربة وجودها في أعماق تاريخ المنطقة، توشك على الاندثار تسمى الاحتفال بيوم القرش أو يوم الحوص، وهو اليوم الذي يسبق شهر رمضان الكريم، بحيث تطبخ العائلة كل الأطباق التي لا تحضّر في رمضان، مثل البركوكش، المحجوبة، الغرايف وغيرها، حيث تجتمع عليها كل العائلة لتناولها في احتفال خاص كون هذه الأكلات أو الأطباق لا تتناولها العائلة لمدة شهر كامل.
ألحّت فلاح بهذه المناسبة، على الطلبة الجامعيين قسم علم الاجتماع والجمعيات الثقافية المهتمة خاصة بهذا النوع من التراث، إلى تكثيف العمل والجهود والتنسيق مع الإعلام، للحفاظ وبعث مثل هذه العادات من تراثنا الأصيل المفيدة لمجتمعنا، والآخذة في الاندثار بسبب تغير النمط المعيشي وحلول العائلة الصغيرة مكان العائلة الكبيرة، مؤكدة في ذات السياق على الفائدة الصحية والاقتصادية للأطباق التقليدية التي تأثّرت كثيرا بالأكل السريع والطبخ العصري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024