أمي و أبي يحاربان كورونا،،و البعض مازال غير واع

جابالله أمينة

لم يكن من السهل على أبناء السلك الطبي الذين تجندوا طواعية لدرء الفيروس أن يعيشوا مايقارب الأربعة أشهر بدون أم ترعاهم و أب يسهر على حمايتهم وما عشرون يوما إلا تتمة بقية الحسبة و لسان حالهم يقول نعم اشتقنا لكما يا أمي و يا أبي ،،اشتقنا لعناقكما وللمسة حنانكما ولصوتكما عندما تنطقان به أسماءنا،ونعلم بأنكما تشتاقون إلينا أكثر ولكن دوركما الإنساني في حماية أبناء بلدي لهو الأهم الآن..
كان أكثر من صعب ذلك اليوم الذي تواصلنا فيه مع أطفال عبر الفيسبوك حاولوا أن يبعثوا برسالة إلى المجتمع شارحين فيها معاناتهم أثناء غياب أوليائهم من السلك الطبي لاسيما رسائل لأطفال عبروا لنا بتسجيلات صوتية عن مدى حزن أصدقاء لهم إثر اشتياقهم لأمهم الطبيبة أو لوالدهم الممرض ولخالتهم عاملة النظافة ولعمهم سائق سيارة الإسعاف الذين غابوا عن طاولة الافطار في رمضان و في فرحة عيد الفطر الذي كان سعيدا لولا وجود كورونا لكان أسعد .
هؤلاء الأطفال تجرعوا ألم غياب الأهل وحتى و إن تكفلت بهم العائلة الكبيرة أو فردا منها على الأقل فإنهم بقوا محرومين من لمة الأسرة وما الثلاثة أشهر من عدم رؤية الأب أو الأم إلا عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليست بالأمر الهين،،في حين أن سندان عدم الإلتزام بالحجر الصحي ناهيك عن وسائل الوقاية التي حفظها الشجر و الحجر وما اكترث لها للأسف بعض البشر فاق حدود الصبر .
فلأولـئك الذين لم يقتنعوا بأن كورونا لازال مترصدا بالعالم ولازالت ضحاياه تعاني بصبر وبصمت ..وبرميهم لنصائح الوقاية منه عرض الحائط نقول لهم
أتعرفون مامعنى كورونا ؟ كورونا ليست فقط هجمة مباغتة حولت العالم إلى ساحة حرب ،أجبرت جنودها ألا وهم السلك الطبي على عدم النوم وعلى السهر ليال طوال عند رأس المصاب وعن عدم الاقتراب من أبنائهم وذويهم وعدم احتضانهم و عدم اللعب معهم ! فهي فرصة لتثبت لنفسك بأنك إنسان و تستحق هذا اللقب وتستحق الحياة التي حرم منها غيرك ..وما عليك إلا أن ترى ماحدث في بلدان من حولك و إن لم تقتنع ففضلا لا تعدي غيرك بسموم الشك  والتغافل عن الضرر الذي تجهل مداه برعونة تصرفاتك.
كورونا لاتعني أن تكسر الحجر الصحي خلسة وتفعل مايحلو لك بحجة أنك قد ضجرت المكوث في المنزل ،،فماذا يقول الأطباء المنهكون و المتعبون من عملهم المسترسل والمتواصل ؟
كورونا لاتعني أن تخاف منها من الثامنة مساء إلى غاية الخامسة صباحا وتنسى كمامتك عند سياقتك لمركبتك أو لتواجدك في الأسواق لاقتناء حاجياتك متغافلا عن تنظيف مكان عملك سواء كان مكتبك أو محلك ..فماذا يقول الممرضون المجبرون على ارتداء ألبسة وقائية ولمدة زمنية ليست بالقليلة مستحملين الحرارة والرطوبة التي تركت على ملامحهم و على أيديهم وأقدامهم آثارا لوتكلمت حرفا لبكيت من هول المنظر .
كورونا لاتعني بأن لا تخلص في عملك وتستعجل الفرار منه تاركا بقايا أكلك و محتويات لافائدة وبدل أن تضعها في سلة المهملات جعلت منها عشا جديدا لانتشار فيروس كورونا و أخواته ، و عندما تتجاذب أطراف الحديث مع الغير عن الوضع الحالي وتقول بكل ارتياح أنا لست طبيبا كي أعالج المرضى ..نقول لك نعم أنت لست بطبيب و لكن للأسف بتصرفك الغير مسؤول أنت ناقل للمرض ومن حيث لاتدري بأنك لاتدري .
كورونا أن يموت الأطباء تاركين أسرهم لننعم نحن بنعمة العافية وإن كنت تريد أن تعرف كورونا فاسأل إبنة الطبيبة شهيدة المهنة النبيلة و هناك ستعلم أن كورونا قد قسم العالم إلى فئتين فئة غبية سيقتلها الغباء و فئة واعية سيقتلها الأغبياء.
كورونا يعني أن تكون طبيبا مخلصا صابرا مصابرا و أن تكون مواطنا واعيا بضمير متصل بزمن لازلت فيه الإنسانية تستصرخ فينا كفانا إهمالا.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024