فيما يشتاق سكانها لسهرات ايام زمان

بونـة المدينـة التي لا تنـام تفتقــــد للقعدات الرمضانيـــــة

عنابة: هدى بوعطيح

الإفطار على الشواطئ ظاهرة  تطبع يوميات العنابيين مؤجلة

 شواطئ تحن لزوارها.. ساحات عمومية تفتقد لجلسات روادها إلى ساعات متأخرة من الليل على غرار ساحة الكور.. شوارع وأزقة فارغة.. مشاهد لم تعشها بونة ولم تكن لتعيشها لولا هذا الوباء الذي جعل من «المدينة التي لا تنام» مهجورة من قبل سكانها، وضيوفها الذين كانوا يتوافدون عليها بكثرة خلال هذا الشهر الفضيل، لقضاء سهرات رمضانية ممتعة، بعد أن تعودت عنابة كل سنة أن تضع برنامجا ثريا في مختلف المجالات يلبي تطلعات جميع الفئات سواء من الناحية الثقافية أو الفنية أو الدينية..
كورونا.. هذا الوباء الخبيث جعل من الجميع يلتزمون بيوتهم لأمنهم وسلامتهم، وجعلت شوارع بونة وأزقتها تحن لذلك الضجيج الذي تعودت عليه في مثل هذه المناسبة، شباب يتسامرون هنا وهناك.. أطفال لا يتوقفون عن اللهو.. عائلات تجول من محل إلى آخر بين من تبحث عن ملابس العيد لأطفالها وأخرى تمتع نظرها بما هو معروض من ألبسة أحذية وحتى محلات الحلويات والمرطبات لا تخلو من الزبائن.

الجائحة تفقد بونة سهراتها

إن كانت الأزقة والمحلات والساحات العمومية و المسارح تحن لزوارها، فإن سكان بونة يتشوقون بدورهم للسهرات الرمضانية بهذه المدينة التي تتنفس ثقافة ودينا في هذا الشهر الفضيل.. غير أنه ما باليد حيلة ، فأمنهم وأمن وطنهم فوق كل اعتبار وهو ما جعلهم يمتثلون للحجر المنزلي إلی أن يرفع الله عنا هذا الوباء وتعود الطمأنينة لهذا البلد، ولبونة التي كانت تشهد في رمضان حركة نشيطة وطوابير لا متناهية من السيارات، وحافلات ممتلئة بالعائلات من النسوة والأطفال على وجه الخصوص، وجهتم الشواطئ، «الكور» أو وسط المدينة، فلا نوم قبل بزوغ الفجر، ولن يمر الشهر الفضيل مرور الكرام عند العائلات العنابية دون الاستمتاع بلياليه وقضاء سهرات متنوعة.
«الشعب» ، اقتربت من بعض أبناء بونة للوقوف على يومياتهم في هذا الشهر الفضيل، وكيف يقضون سهراتهم الليلية في ظل الوضع الصحي الراهن، والذي غير من بعض التقاليد التي تعودوا عليها، لاسيما منها تبادل الزيارات العائلية والتي كانت تضفي نكهة خاصة على رمضان، وتسعى لتمتين الروابط وتجسيد صلة الرحم بين الأسر الجزائرية من خلال ما يعرف بـ»لمة رمضان» حيث لا تتوانى العديد من العائلات العنابية في دعوة الأهل والأصدقاء وحتى الجيران، للالتفاف حول مائدة مزينة بمختلف الأطباق الرمضانية، ولا تتأخر هذه العائلات في تكريم ضيوفها بما لذ وطاب من مأكولات، معتبرين الهدف من هذه القعدات لم شمل الأصدقاء والأحباب..

زيارات عائلية تكاد تختفي

»سمير مصطفاوي» قال لنا في هذا الصدد بـأن الحجر المنزلي فرض عليهم التخلي عن العديد من العادات والتقاليد الراسخة لدى عائلتهم في رمضان، على غرار تبادل الزيارات العائلية، إما للإفطار أو بعد صلاة التراويح لقضاء سهرة رمضانية مع والديه على وجه الخصوص إلى غاية ساعة متأخرة من الليل والتسحر رفقتهم، ثم العودة إلى منزله مع زوجته وأطفاله، متحسرا في سياق كلامه عما خلفه هذا الوباء من شبه قطيعة بين العائلات الجزائرية.
وعبر سمير عن أمله  في  أن يرفع الله عنا هذا البلاء وتعود الحياة إلى طبيعتها، وهو ما ذهبت إليه زوجته «لامية» والتي أكدت بأن رمضان هذه السنة يختلف في نكهته عن السنوات الماضية، مشيرة إلى أنها وزوجها يحاولان خلق جو مميز داخل المنزل لتجاوز الروتين، من خلال أداء صلاة التراويح رفقة أبنائها الثلاثة الصغار لتعويدهم عليها، كما أنها تفكر خلال الأيام المقبلة في دعوة بعض المقربين إليها على الإفطار والمبيت عندهم وذلك فقط  لاسترجاع نكهة الشهر الفضيل..

شباب يبحثون عن كسر الروتين

الإفطار على الشواطئ ظاهرة  تطبع يوميات العنابيين في رمضان، خصوصا وأن بونة تزخر بشواطئ أغلبها قريب من وسط المدينة، حيث لا تجد العائلات نفسها أمام عناء الانتقال لبعد المسافة، حتى وإن تطلب الأمر الاستعانة بالمواصلات التي تكثر بها الخطوط نحو أغلب شواطئ عنابة، التي تعد بمثابة قبلة للصائمين هروبا من الروتين اليومي..
خلت شواطئ عنابة هذا الموسم من روادها، والتزم الجميع بيوتهم بسبب الجائحة، والتي قضت على ظاهرة هي بمثابة عادة سنوية لدى أغلب الصائمين في مختلف جهات الوطن، على غرار سكان بونة الذين يرون في الشواطئ ملاذهم، ليس للإبحار أو الاستجمام، وإنما للإفطار على نسمات البحر والاستمتاع بسهراته إلى وقت متأخر من الليل، خصوصا وأن شواطئ بونة كانت تشهد سهرات فنية متنوعة على مدار هذا الشهر.
محمد، سليم، عبد السلام وأمين.. شباب كانوا لا يفوتون فرصة الإفطار على شاطئ البحر أو قضاء سهراتهم الرمضانية بأحد الشواطئ التي تزخر بها بونة، في هذا الصدد قال  أمين بأن رمضان هذه السنة روتيني مقارنة بالسنوات الماضية، حيث الإفطار والسهر بالمنزل وفقط، مشيرا الى أنه كان يتقاسم ليالي الشهر الكريم بين عائلته وأصدقائه على شاطئ البحر، حيث يلتفون حول المائدة لقضاء سهرة رمضانية بعد الاستمتاع بموجات البحر دقائق قبيل الآذان. وأضاف بأنه وأصدقائه يتفننون في تزيين مائدة الإفطار بمختلف الأطباق والتي تعدها الأم أو الأخت.
 وقاطعه صديقه سليم قائلا: «بالمختصر المفيد الإفطار على شاطئ البحر له نكهة خاصة لا يعرفها إلا من جربها»، متحسرا على ما فعله هذا الوباء بسهراتهم الرمضانية، وعلى وجه الخصوص صلاة التراويح مؤكدا بأنه لا «بنة» لرمضان بدون هذه الصلاة، والتي تضفي جوا من الروحانية والخشوع في قلوب المسلمين.

وأطفال في الحجر المنزلي

»سليمة» من جهتها ،تحن للسهرات الرمضانية بساحة الثورة ، قائلة بأنها لم تفوت سنة واحدة فرصة الاستمتاع بأجواء «الكور»، والتي تشهد بعد صلاة التراويح إقبالا كبيرا لأبناء بونة، وحتى سكان الولايات المجاورة لعنابة، مشيرة إلى أن القلب النابض لبونة له أجوائه الخاصة في شهر الرحمة خاصة وأنه يعرف تنظيم جلسات شعرية يحييها شعراء بونة.
أما الأطفال فلهم حديث آخر عما فعلته بهم «كورونا»، فبالنسبة لمعاذ وأنس ذو 12 سنة فلا طعم لرمضان إذا لم يلتقيا بعد صلاة التراويح في حيهم للسهر واللعب مع بقية أصدقائهم، قائلين بأنهما لا يبرحا المنزل إلا قليلا للترفيه قليلا مع والديهما خوفا عليهما من العدوى.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024