نقطة إلى السطر

مفاتيح الجنة

فتيحة كلواز

هنّ مفاتيح الجنة بل من أراد دخولها ،عليه سوى النظر تحت أقدامهنّ، هنّ الكنز الثمين الذي جعله الله تعالى للإنسان واضحا وجليا لا حاجة له الى خريطة «الكنز» ليجد مكانه، هنّ الأمهات اللواتي سخّرن حياتهن بكل ما تحمله الكلمة من معنى طريقا ممهدا لبناء مستقبل أبناء فشلوا في استيعاب السر المكنون الساكن في قلب كل أم.
هنّ الأمهات اللواتي وجدنّ انفسهنّ عندما بلغن مرحلة الوهن ورسمت تجاعيد الحياة على وجوههنّ خطوط الصبر، التضحية والتفاني في رحلة عشنّ خلالها في الظل فقط حتى تبرز عضلات ابنائهن، وتظهر علامات النجاح على مسيرة من كانوا عند ولادتهم حلما يتحقق لنساء فطرن على أمومة لا معنى لها بعيدا عن فلذة كبد جفت وقست الى درجة رميهن في دور العجزة حيث الانانية في اسوأ صورها بل هي دور معالمها عقوق ونكران لمن وهبت نفسها لأبنائها.
عند حلول الشهر الفضيل ينزف قلوب الأمهات دما على ابن رمى بأمه هناك فقط ليرضي شريكة حياته التي تناست ان الدنيا دروسها دين سداده واجب ولو بعد سنين ، تجتمعن تلك النسوة حول مائدة الإفطار لتدعو دعوة يتناسى فيها قلب الأم كل ما عاناه من قسوة الابن وعقوقه، وتطلب الهداية له، وتتمنى خجلة لو يأتي ابنها في الغد ليحملها الى منزله حتى تسترجع «بنّة» رمضان مع احفادها الذين لم تعرف بعد تقاسيم وجوههم.
 لن تكون دور المسنين الوحيدة في استقبال أمهات غدر بهنّ الأبناء قبل الزمن لأننا اليوم أمام ظاهرة جديدة لم يعتدها المجتمع الجزائري، هي ترك الأم وحيدة في منزلها دون رعاية، هي صورة محسنة لدار العجزة ، الفارق بين الأولى و الثانية طاقة الاستيعاب ، فالأولى عدد نزلائها كبير و الثانية عدد نزلائها لا يتعدى اثنان او حتى واحد، بل الأمّر من ذلك كله ان يعيش معها في منزل واحد ويجبرها على البقاء في غرفتها لان زوجته «العزيزة» تشمئز من وجودها داخل البيت ، حتى بلغ بإحداهن رفض جلوس حماتها معها على طاولة الإفطار والسبب الوجيه الذي قدمته لزوجها ان لا مكان لها على  طاولة تتسع لستة اشخاص او كما قالت بالعامية» مكانش بلاصة» ؟؟، المضحك في الحادثة أن الأم عادت الى سجنها داخل غرفتها تبكي و الزوجة تناولت وجبة الإفطار وهي تجدث زوجها الذي وجد نفسه خارج مجال التغطية؟؟.
هناك زوجة «عزيزة» أخرى ترى نفسها عادلة لدرجة انها قامت بتقسيم الطاولة لنصفين نصف لها وزوجها والنصف الباقي  لحماتها، يلتقي ثلاثتهم على طاولة الإفطار. لكن لكل طرف جهته التي يفطر فيها يسمع ابنها وزجته الآذان فيهرولان الى إقامة صلاة المغرب ويجلسان يدعوان الله ليمنحهما الرضى والتوفيق، وعند جلوسهما على تلك الطاولة لا يعيان أن الأم الجالسة في الجهة الأخرى تتناول افطارها الذي حضرته بنفسها هي أصعب لهما في تلك العجوز الهرمة مفتاح الجنة الذي يبحث عنه امثالهما في صلاتهم ودعائهم ولا يجدوه.
هي الغفلة عندما تسكن جنبات النفس، تحيدك عن طريق الحق والعدل تعمي أبصارك وتفقدها أي قدرة على رؤية تلك الفرص التي يعطيها الله تعالى لعبده ليرضى عنه. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024