في ظروف حجر الكورونا

توجيهات لضمان التناغم بين الزوجين

د عبد الحكيم معيزية كوتش ومدرب تنمية ذاتية

دون سابق انذار، وجدنا أنفسنا امام ازمة صحية استثنائية بعدما كان أغلبنا غارقا في حياته اليومية ومتطلباتها وسرعة أحداثها، وبهذا الحجر المنزلي الذي فرض علينا البقاء بمنازلنا مع أزواجنا وزوجاتنا وأطفالنا، الذين كنا نلتقيهم نهاية اليوم لمدة ساعتين أو ثلاث قبل النوم، و أدت هذه الزيادة في التقارب زمنيا ومكانيا من اكتشاف أشخاص آخرين سوآءا الأزواج أو الأولاد، بل يمكن القول اننا انصدمنا ببعض السلوكيات عندنا أو عند أزواجنا وشركائنا ومن هنا وجب علينا كمستشارين أو موجهين في مجال التربية والأسرة تقديم بعض التوجيهات لضمان الاستفادة من هذه الأزمة أسريا واستثمارها لتقوية الرابط بين الزوجين لتسهيل تربية الأولاد وللاستمتاع بالزواج تحت أي طارئ مستقبلا، خاصة ونحن اليوم نعيش يوميات رمضانية مختلفة بسبب جائحة كورونا.
هناك مثل صيني يقول: بين طيات كل مشكلة مجموعة فرص أو المشكلة هي فرصة، أما في إنجلترا فالمشكلة تسمى تحدي. وعندنا في ديننا الحنيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
« عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ «.
هذه الأزمة هي فرصة لإعادة تقييم العادات والسلوكيات اليومية للزوجين كل على حدى، ثم بعدها نقوم بتعزيز وتقوية العادات الإيجابية والتفكير في العادات السلبية التي علينا حذفها من حياتنا الأسرية.
. هي فرصة لإعادة ترتيب البيت وإصلاح التجهيزات المكسورة والتخلص من الأشياء التي لا نستعملها لأنها تستهلك منا جهد وطاقة لترتيبها وإعادة ترتيبها.
. هي فرصة لتقييم حياتنا السابقة، واكتشاف اخطائنا سويا والتفكير في رؤية وخطة أسرية تضمن استمرار التناغم بين الزوجين وتربية الأولاد تربية سليمة.
. هي فرصة للحوار الإيجابي وإعادة اكتشاف شريكك من جديد، وضرورة معرفة متى يغضب ولماذا ومتى يفرح ولماذا كي نضمن جو أسري يغلب عليه طاقة الفرح والسعادة.
هي فرصة لنتخلص من الكماليات في حياتنا، التي كانت تستهلك الكثير من الموارد المالية والزمنية والطاقية. كما يمكننا تقوية الروابط الأسرية مع عائلاتنا الكبيرة.
من جهة أخرى، إذا لاحظنا أحد الشريكين مضغوط في هذه الظروف علينا التركيز لمعرفة الأسباب دون الدخول في صراعات وجدالات لا طائل ولا فائدة مرجوة منها، فقد يكون السبب ضغط مالي او نفسي أو مخاوف من المرض والموت والمستقبل. وهنا وجب على الشريك الأكثر توازنا ووعيا أن يتحمل ويساند شريكه كي يساهم في إخراجه من هذه الضغوط شخصيا أو باستشارة أهل الاختصاص. وقد يكون سبب الضغط والتوتر عدم وجود المشروع الشخصي والأسري، عندها تصبح هذه الازمة فرصة ذهبية للتفكير في مشاريع شخصية وأسرية مستقبلية والاستعداد لتجسيدها.
وعلى الصعيد الرومانسي، هي فرصة لإعادة مجرى نهر مشاعر المحبة بين الزوجين والأدوات سهلة وبسيطة، تكمن في إعادة وتكرار الحوارات والسلوكيات التي كنتم تفعلونها في الفترات الذهبية من الزواج كالخطوبة والسنوات الأولى للزواج. فهدية بسيطة أو صورة من تلك الفترة أو مظهر معين أو عطر خاص كفيل بإعادة بعث مشاعر المحبة بينكما.
وكل هذا سيسمح لكم بمواجهة هذه التحديات، ويسهل عليكما تقاسم وتبادل الأدوار والمهام الأسرية التي منها المساهمة في تربية الأولاد، فكل ميسر لما خلق له.
أما في المجال الروحي، فهي فرصة للتقرب من الله عز وجل، والتفكير في أعمال خيرية من صدقة ومساندة للمحتاجين والمرضى ماديا ومعنويا. خاصة ونحن في هذه الأيام المباركة من شهر الرحمة والغفران.ونختم هذا المقال بحديث ملهم أسريا:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، قَالَ:
«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024