نقطة إلى السطر

طفولة تتحايل.... في زمن الكورونا

فتيحة كلواز

 هم اهم فئة تشعر بتأثير الفيروس على يومياتها التي تحولت الى حجر صحي ومنزلي صارم خشية اصابتها بالعدوى، الأطفال وعلى خلاف ما اعتادوا فعله في الشهر الكريم وجدوا أنفسهم مجبرين على البقاء في البيت منذ ما يقارب الشهرين، زادهم حلول الشهر الفضيل حزنا على حالهم الذي أصبح حسبهم يرثى له، حيث لم تنفع مع الاولياء أي من الحيل التي يتفنون في ابتكارها لإقناعهم بالخروج للعلب حتى آذان صلاة المغرب والإفطار، لا حتى السماح لهم بالخروج ليلا ،الخاصية التي ينفرد بها رمضان، فكما يصبح خروج المرأة ليلا للتسوق والصلاة مباحا ولا تستهجنه التقاليد يصبح كذلك خروج الأطفال في السهرات الرمضانية للعب.
وصف احد الأطفال هذا الفيروس العالمي بعنف كبير لم تر  مثله الطفولة  وانه سيكون السبب في مشاكل حقيقية على شخصية الطفل ان كبر و اصبح رجلا، وانه لو استطاع الطيران
 والذهاب بعيدا الى مكان لا يجتمع فيه رمضان و كورونا «المصيبة» -كما اسماها- لفتح جناحيه و غاب عن الأنظار، هذا التعبير المجازي الذي استطاع التعبير عن مكنونات طفل استنفذ كل حيله ليقنع والديه بالخروج الى الشارع وانتقاد نسائم الشهر الكريم ، اكثر من ذلك يصوم وهو لم يبلغ بعد الثماني سنوات فقط ليغير نظرة الكبار اليه. فوفق فهمه الخاص الصيام يعني شخص بالغ، ما يعني انه اصبح «كبيرا» بامتناعه عن الاكل و الشرب و النتيجة الحتمية وفق حساباته الخاصة السماح له بالخروج الى الشارع، وهذا امر مستحيل في زمن كورونا حتى وان واصل صيامه ليلا ونهارا.
يحاول العديد من الاولياء ملء وقت فراغ ابنائهم بالتكنولوجيا الرقمية لتجاوز حالة الملل والاكتئاب التي أصابت صغارهم، لكن دون جدوى، فللشارع شهر رمضان سحر لا يضاهي ، بالإضافة الى ان ادمان التكنولوجيا أيضا له اثار سلبية كبيرة قد تمتد الى ضرر معنوي تظهر علاماته على شخصية الطفل التي تتحول الى شخصية انطوائية تفضل العزلة في العالم الرقمي وانزواء في وحشة مظلمة بعيدا عن الواقع بكل تفاصيله. هي مشكلة حقيقية للأولياء الباحثين على ارضاء صغارهم بحلول سريعة عواقبها وخيمة ان ادمنوها.
لذلك كان لا بد من التفكير في استغلال وقت فراغ  الصغار بطريقة تسمح بتقوية العلاقة التي تربط بين الآباء والأبناء لأنها فرصة لا تعوض، فأَن يجتمع الاب والام والأبناء لما يقارب الشهرين كان لوقت قريب من المستحيلات السبع، الامر الذي جعل المختصون النفسانيون يعتبرون كورونا سببا حقيقيا لتجديد العلاقات الاسرية التي تربط بين مختلف افرادها، بالتعرف عن قرب على شخصية كل واحد منهم، عن تفاصيل دقيقة فيها لم يكن بالإمكان معرفتها من قبل بسبب الالتزامات المختلفة لكل واحد منهم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024