في ضـوء غياب أي شرعية للاحتلال المخزني

قانون المحتلّ المغربي لا يمكن تطبيقه في الصحراء الغربية

علي مجالدي

 أكّد رئيس اللّجنة الوطنية الصّحراوية لحقوق الإنسان، في إجابته على أسئلة الصّحفيّين حول وضعية حقوق الإنسان في الصّحراء الغربية، أنّ الإشكال الجوهري المرتبط بملف حقوق الإنسان في الأراضي الصّحراوية المحتلة، هو المفارقة القانونية الخطيرة المتعلقة بعدم وجود أساس قانوني شرعي يمكن على أساسه الحديث عن حماية الحقوق في ظل الاحتلال.

أوضح ميليد منذ البداية أنّ الحديث عن مراقبة حقوق الإنسان في الصّحراء الغربية لا يمكن أن يتمّ بمعزل عن الإطار القانوني الدولي، معتبرًا أنّ هذه المنطقة تمثل “البيئة الأممية الوحيدة في العالم التي لا تُراقب فيها حقوق الإنسان”، وهو واقع يعكس، برأيه، خللًا بنيويًا في تطبيق القانون الدولي.
وفي هذا الإطار، بيّن أنّ التمتّع بالحقوق لا يمكن أن يتحقّق دون وجود قانون شرعي ينظمها، مشيرًا إلى أنّ المرجع في ذلك هو القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما فيه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينصّ في مادته الأولى على أنّ “لكل شعب الحق في تقرير مصيره، وأنه هذا الحق هو مصدر كل الحقوق الأخرى”. وبالتالي، فإنّ أي شعب لم يحصل على حقه في تقرير المصير، لا يمكنه أن يتمتّع بأي حق آخر، ممّا يعني، في حالة الصّحراء الغربية، أنّ الحديث عن “حقوق الإنسان” هو اختزال للواقع، لأنّ الأمر الحقيقي هو أزمة حقوق الإنسان، وانتهاكها الصارخ، وجرائم الاحتلال.في نفس السياق، أوضح أنّ الدول توقّع على التزامات حقوق الإنسان كجزء من التزاماتها الدولية مع الأمم المتحدة، لكن هذه التوقيعات لا تكون مشروعة إلا إذا وقّعت على أراضٍ سيادية. وهنا، طرح تساؤلًا محوريًا: هل وقّع المغرب اتفاقياته الحقوقية باسم أراضيه السيادية أم باسم الصّحراء الغربية؟ ليؤكد أنّ المغرب وقّع تلك الاتفاقيات سنة 1979 باسم أراضيه فقط، وليس على الصّحراء الغربية، لأنه ببساطة “لا يمكن لمن لا يملك السيادة أن يوقّع على أرض لا يملكها”.
كذلك، شدّد على أنّ القانون المغربي لا يمكن تطبيقه في الصّحراء الغربية لأنه قانون غير شرعي في إقليم خاضع للاحتلال، موضّحًا أنّ الوضع القانوني للمغرب في الصّحراء الغربية هو “قوة احتلال”، وفق توصيف الأمم المتحدة، وبالتالي فإنّ كل ما يُفرض من طرف الاحتلال المغربي لا يمتّ للشرعية بصلة.
علاوة على ذلك، تطرّق ميليد إلى قضية المعتقلين السياسيّين الصّحراويين الذين حوكموا أمام محاكم مغربية عسكرية ثمّ مدنية، حيث أكّد أنّ فريق العمل الأممي المعني بالاحتجاز التعسّفي صنّف تلك الاعتقالات بأنها احتجازات تعسفية، لأنهم حوكموا بقانون لا يسري على الصّحراء الغربية. وبيّن أنّ القانون الذي يجب أن يُطبّق هو القانون الدولي الإنساني، وتحديدًا اتفاقيات جنيف والبروتوكولات المكملة لها، والتي وقّعتها الجمهورية الصّحراوية بتاريخ 15 جويلية 2015، بصفة حصرية للدول وحركات التحرّر المعترف بها من الأمم المتحدة، في إشارة إلى اعتراف المنظمة الدولية بجبهة البوليساريو كممثل شرعي للشّعب الصّحراوي.بالإضافة إلى ذلك، أوضح أنّ “الفيتو” الفرنسي داخل مجلس الأمن يشكّل أحد أكبر العوائق أمام إنشاء آلية أممية لمراقبة حقوق الإنسان في الصّحراء الغربية، وهو موقف اعتبره انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي الإنساني وخرقًا لميثاق الأمم المتحدة، بل ويمثل تدخّلًا أجنبيًا في عمل الأمم المتحدة نفسها.وفي نفس الإطار، أشار إلى أنّ المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة تنصّ على أنّ الإدارة المؤقتة للأراضي غير المتمتعة بالحكم الذاتي تظل بيد الدول المعترف بها أمميًا، موضّحا أنّ القوة المديرة للصّحراء الغربية حسب قرار الجمعية العامة رقم 2072 هي إسبانيا، وليس المغرب. ويُلزم القرار الأمين العام للأمم المتحدة بإبلاغ إسبانيا رسميًا بأنها تظل القوة المديرة للإقليم، إلى حين تصفية الاستعمار.وانطلاقًا من هذه المعطيات، شدّد ميليد على أنّ أي إدارة للإقليم من طرف المغرب تُعد باطلة قانونًا، ولا يمكن تحويل إدارة الأرض إلى قوة محتلة، مؤكّدًا أنّ الحل الوحيد المتاح هو تصفية الاستعمار، وفق ما يقتضيه إعلان مبادئ القانون الدولي.كذلك، أضاف أنّ الاحتلال جريمة تتفرّع إلى جريمتين: الأولى جريمة حرب عندما يُستخدم السلاح وإطلاق النار، والثانية جريمة ضدّ الإنسانية عندما يكون هناك وقف لإطلاق النار، مشيرًا إلى أنّ كلتا الجريمتين موثقتان في حالة الصّحراء الغربية، حتى من طرف محكمة العدل الأوروبية.كذلك، بيّن رئيس اللّجنة الوطنية الصّحراوية لحقوق الإنسان أنّ المسؤولية الكاملة عن حماية الشعب الصّحراوي وسبل عيشه تقع على عاتق الأمم المتحدة، بموجب القانون الدولي، وبما أنّ المغرب يُصنّف كقوة احتلال عسكري، فإنّ القانون الذي يجب أن يُطبّق هو قانون الاحتلال العسكري، كما هو محدّد منذ تعديل قواعد القانون الدولي الإنساني عام 1977 عبر البروتوكولين الأول والثاني، ثمّ تحديثه سنة 2005 ليصبح يُعرف باسم “قانون الاحتلال العسكري والحرب”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19856

العدد 19856

السبت 23 أوث 2025
العدد 19855

العدد 19855

الخميس 21 أوث 2025
العدد 19854

العدد 19854

الأربعاء 20 أوث 2025
العدد 19853

العدد 19853

الثلاثاء 19 أوث 2025