التغافل عن الاحتلال الإسرائيلي، وما يقوم به من جرائم ضد الإنسانية، وطمس الحقيقة وإخفائها، من خلال إبراز واقع آخر مشوه لمعاناة الشعب الفلسطيني تحت طائلة هجمات استمرت لعقود طويلة من الزمن، حاول الاحتلال خلالها إفقاد الشعب الفلسطيني شرعية مطالبه وحقوقه ليكون بمثابة الرقم المفتاح في معادلة الاحتلال، وهو ما أبرزه السفير الفلسطيني في مقارنة مع الإعلام الجزائري الذي جعل من القضية الفلسطينية قضيته المركزية، بأدائه دورا كبيرا في دعم وإسناد القضية في كل المناحي والعقبات التي تمر بها القضية، ما يعكس الموقف الرسمي والشعبي الجزائري اتجاهها.
يعتبره المختصون الرقم الأصعب في «حرب» الطمس وتضييع القضية ومسخ مبادئها، الإعلام السلاح السري لأي مؤامرة لتحوّل سلس «يعمي» الأبصار وينوم العقول مغناطيسيا بغية تلوين القضية الفلسطينية بغير لونها الحقيقي، فاستعان إعلام «التضليل» بلعبة المفردات فسمى الحق الشرعي للشعب الفلسطيني في المقاومة من اجل استرجاع أرضه وتاريخه بـ»الإرهاب» والاختلاف بين الفصائل الفلسطينية بـ»الانقسام» و»التشتت»، في محاولة لغرس بدور الفتنة الشقاق بين شعب واحد موحد.
دور وصفه سفير الدولة الفلسطينية بالجزائر فايز محمود أبو عيطة بالمحوري والأساسي يؤديه الإعلام الموجه لمنع إعادة القضية المركزية للوطن العربي إلى الواجهة الدولية، بتحريف الحقائق والوقائع حتى جعلوا من الأطفال «سجناء» و»إرهابيين» ومن الحجر سلاحا فتاكا ومن الشجاعة فعلا إجراميا، مؤكدا أن الفلسطينيين في مواجهة حرب إعلامية ممنهجة.
في المقابل، أبرز ضيف منتدى «الشعب» ما قام به الإعلام الجزائري من اجل وضع قطار القضية الفلسطينية في السكة، بوقوفه كدرع واق ومانع أمام كل تحريف للصورة الحقيقية للنضال الفلسطيني من اجل استرجاع الأرض المسلوبة، فمختلف وسائل الإعلام الجزائرية يعطي اهتماما غير تقليدي لأم القضايا.
نباهة إعلامية عكست حسبه الصورة الحقيقية لمعاناة الشعب الفلسطيني على مختلف الأصعدة وليس العسكرية فقط، فمن التهجير إلى الإبادة إلى التهويد وكتابة تاريخ جديد يقصي وجود أصحاب الأرض عن أرضهم، لاقتلاع جذور شعب عرف انتماءه منذ آلاف سنين، معاناة بأوجه متعددة يصورها الإعلام الجزائري نصرة للقضية الفلسطينية ولحقهم الشرعي في الحرية.
«لعبة» المفاهيم تلك في وصف كاذب لما يحدث في الأراضي المحتلة، تمارسها وسائل إعلام دولية لخدمة أجندات ضبطت خطتها لـ»شرعنة» سرقة ثلاثية الأبعاد الهوية، التاريخ والأرض، بعيدا عن كل الدماء الفلسطينية التي تشربتها الأرض لتحريرها من محتل يحاول منذ عقود من الزمن سلب روحها وجذورها واعتقادها وتاريخها دون خجل، محاولات كُرست لخدمتها أقلاما «مأجورة» تعمل بتفان بالغ لإلباس الكيان الصهيوني ثوب الضحية بنشر «قَسم» كاذب بأنه بريء من دم الفلسطينيين.
وفي حرب استباحت كل أنواع الأسلحة منها ما يستعمل لقتل الجسد وأخرى تقتل العقل والضمير، يتحركان في وقت واحد بتواطؤ إعلامي لأكبر العناوين الإعلامية والفضائيات ضبط البوصلة العالمية على ما اصطلح على تسميته بمشروع القرن، فأصبح التطبيع «علاقات تعاون دبلوماسية» والخضوع والخنوع سلاما وحوارا للأديان، والمقاومة «عملا مسلحا»، إن لم يكن «عملا إرهابيا»، و»الاختلاف» بين الفصائل الفلسطينية إلى «انقسام» بين الشعب الفلسطيني الواحد.
المبادرة الجزائرية التي ينتظر منها مشاركة أكثر من فصيل فلسطيني يجتمعون في الأسبوع الأول من الشهر القادم، من اجل فلسطين أولا ومن اجل المنطقة العربية، على اعتبار أنها القضية المركزية للم الشمل العربي.
الجزائر تبحث عن حلّ .. ولا تريد إدارة أزمة
في هذا الصدد، قال ابوعيطة إن الجهود الجزائرية الصادقة للم الشمل الفلسطيني تظهر جليا أن الجزائر لا تريد إدارة أزمة بل تبحث عن حل لإعادة لحمة الفصائل الفلسطينية، مؤكدا على وحدة الشعب الفلسطيني بالرغم من كل المحاولات المتواصلة دون كلل أو ملل لتفرقته، لكن هيهات أن تتبعثر قوة صاحب الحق.
وقد اطلعت الجزائر أيضا - يقول السفير- العديد من الدول العربية من خلال زيارة وفد جزائري لها، كان في مقدمتها مصر لاطلاعهم على خلاصة الجهود المبذولة التي تقوم بها، لأن الجزائر تريد أن يكون كل العرب معها لاسيما الدول ذات العلاقة مع القضية لبذل جهد لتحقيق هذه المصالحة.
وأكد السفير أن الجزائر تحرص كل الحرص على الوصول إلى نتائج حقيقية واستثنائية وهو ما يميز الموقف الجزائري، جازما أن الجزائر من خلال علاقتها مع بعض الدول ذات العلاقة في هذا الملف قادرة على تحقيقها.
وكشف في الوقت نفسه أن 14 فصيلا سيشارك في اللقاء المرتقب في الجزائر منها منظمة التحرير الفلسطينية على رأسها حركة فتح، وكذا حركة حماس والجهاد الإسلامي، في الأسبوع الأول من الشهر القادم.
