عضو أمانة المجاهدين، بولعوير:

من ثـــورة التحريــــر إلى معركـــة العلـــم والبنــاء

هيام لعيون

يروي صالح بولعوير، المجاهد بالولاية الثانية وعضو الأمانة الوطنية للمجاهدين، عضو مجلس الأمة، من على منبر ضيف «الشعب»، تفاصيل معركته إبان الاستقلال، بعدما وصفها بـ «الجديدة»، بعد حسم معركة استرجاع السيادة الوطنية سنة 1962، والمتعلقة بمعركة العلم بعدما وجد المجاهدون، الذين اتخذوا من الجبال معاقل لهم للجهاد ضد الاحتلال الفرنسي، أنفسهم دون أسلحة البناء والتشييد، ما جعلهم يعيشون ظروفا صعبة جدا في تلك الحقبة مع عدم التحكم في التسيير الإداري، وهي تفاصيل ـ يضيف ـ ترتبط بجزائر ما بعد الاستقلال، أين تم إفراغ الإدارة في الجزائر من الإطارات الفرنسية.
مسترجعا ذكرياته وقبل أن يكمل شهادته التاريخية عن أولى خطواته بعد الاستقلال، توقف عمي صالح بكل حسرة عند نقطة المنظمة المسلحة السرية OAS، التي مارست إرهابا لم يحدث له مثيل من قبل من قتل وتنكيل وتعذيب، حيث أحرقوا العباد ولم تسلم الكتب من همجيتها، وأحرقت مكتبة الجامعة المركزية بالعاصمة، وتم تفجير مكتب التشغيل لميناء الجزائر، وقال: «بعد سبع سنوات ونصف من التعذيب والمرارة التي تجرعها الجزائريون خلال ثورة التحرير الخالدة ضد فرنسا الاستعمارية، كانت المنظمة السرية في انتظارنا وهي لا ترحم»، كما أوضح.
ويعود «عمي صالح» من جديد بذاكرته، متحدثا عن معركة التشييد والبناء، فبعد الانسحاب من جيش التحرير الذي كان يقود مهمة مواجهة الاستعمار الفرنسي، عمل لمدة شهرين في الإدارة بولاية المدية، ونظرا لمسيرته الدراسية التي توقفت عند بضع سنوات من الدراسة، والتي لم تكن كافية لشغل مناصب إدارية عليا، مثل بقية المجاهدين الذين لم يتمكنوا من الدراسة بسبب إلتحاقهم بالجبال، ليضيف: «لم أقتنع بالمنصب الإداري الذي شغلته، حيث بقيت بمعية رفقاء السلاح مدة تحت الصدمة، لأنه من لا يملك شهادة علمية لا يمكن اعتباره مؤهلا لشغل مناصب عليا، بالرغم من امتلاكنا لشهادة الجهاد، لذلك فضلت العودة للدراسة من جديد رفقة بعض الرفقاء، منهم المجاهد أولمان خليفة من ولاية جيجل، ليزاول الدراسة في الثانوية».
أما أنا، يقول، عضو المنظمة الوطنية للمجاهدين، «عثرت صدفة على إعلان توظيف من خلال تصفح إحدى الجرائد على مسابقة للدخول إلى المدرسة الوطنية للإدارة وكنت حينها بولاية سطيف من إجل الدراسة سنة 1964، التي تخرجت منها بعدما ثابرت في العمل والسهر والتعلم لمدة أربع سنوات، ليتم توظيفي سنة 1968 بوزارة الداخلية، لأنها- في اعتقادي- هي التي تشرف على المدرسة الوطنية للإدارة».
في السياق، أشار عمي صالح إلى نصيحة تلقاها من عند أحد رفقائه، حينها قال له إنهما كانا بالأمس في الجبال مسؤولين واليوم أصبحا إداريين بسيطين، في حين يرغبان في استكمال معركتهما التحريرية الجديدة، ما يستجوب إظهار مواهبهما، وهو ما تحقق حين التقيا وزير الداخلية آنذاك الراحل أحمد مدغري، مطالبين إياه باعتلاء مناصب المسؤولية، ليجيب بأن العمل في جيش التحرير هو واجب وطني، لكنه أخذ مطلبهما بعين الاعتبار.
واسترسل ضيف «الشعب» يقول، « تم تعييني بعد ستة أشهر رئيس دائرة القالة، ثم حُولت إلى ولاية سوق أهراس لمدة وعملت بها ست سنوات، ثم شغلت منصب أمين عام ولاية بسكرة سنة 1978، فواليا لتمنراست،، ليشيد بخصال الطوارق الذين يتميزون بالصبر، حيث تحدث عن اتصالاته بمسؤولين بالنيجر ومالي للقيام بواجبه على أعلى مستوى.
وأكد عضو مجلس الأمة عن الثلث الرئاسي، أن العمل الإداري في مناطق الشمال والجنوب يختلف باختلاف المناخ والسكان، ما جعل الجزائر وشعبها يتميزان بسيوسيولوجيات في منتهى الروعة، شريطة أن يكون التعامل بإيجابية، حيث أن الجزائري قد يمنحك كل ما يملك وبصدق، ليعلق بالقول: «أصبحت أعرف بلادي جيدا».
وعرج صالح لعوير، بالحديث عن فترة الرئيس الراحل هواي بومدين، حينما أوضح أن مرحلة التعريب التي شهدتها الجزائر في وقته، خلافا لما يشاع عنها بأنها شهدت صداما بين المعربين و»المفرنسين»، سببها رغبة البعض في إحداث مقارنة بين الطرفين، علما أن المعربين كانوا أقل بكثير من نظرائهم، لاسيما وأن التكوين في اللغتين في سيتينيات القرن الماضي كان ناقصا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19473

العدد 19473

السبت 18 ماي 2024
العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024