شخّصوا التحوّل الاقتصادي في ظل قانون الاستثمار الجديد

خبراء يرافعون لضبط المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية

هيام لعيون

 كفاءة اقتصادية وعدالة اجتماعية لإصلاحات هيكلية

أجمع، أمس، خبراء أكاديميون مختصون في الاقتصاد وبرلمانيون، خلال نزولهم ضيوفا على منتدى «الشعب»، أثناء مناقشتهم مسألة التحول الاقتصادي في ظل قانون الاستثمار الجديد، على أنّ التّحول الاقتصادي في الجزائر مرهون بتنفيذ إصلاحات هيكلية تمزج بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، كما أنه يحتاج إلى إصلاحات عميقة وقوية، بمعالجة مكامن الضعف القائمة منذ وقت طويل بإعادة بلورة التحوّل الاقتصادي المبني على تنويع الاقتصاد وإعادة تشكيله بعد انخفاض الإيرادات النفطية بعد الأزمتين المزدوجتين النفطية والصحية

أكد منشطو المنتدى أن بداية مسار التحول تكون بالقوانين الاقتصادية التي تتعلق بالمالية، الصرف، الجباية النقد والقرض وغيرها، التي تحتاج لتكييفها وإدخال إصلاحات جذرية عليها، حتى تتماشى والتغيرات الحاصلة على ضوء مناخ داخلي وخارجي متغيّر، أوّلها قانون الاستثمار الذي يعدّ القاطرة التي تقود إصلاحات قوانين أخرى، فضلا عن ضرورة الاعتماد على الطاقات المتجددة التي تزخر بها الجزائر وتمكّنها من تطوير اقتصادها وتقيها شر «الصّدمات النفطية».
حركية لابد أن يواكبها إدماج الجامعة في هذه الديناميكية غير المسبوقة، وكل هذا في منظوره، لن يتحقق إلا بتوفير شروط تواكب الإقلاع الاقتصادي، أولها محاربة البيروقراطية واعتماد الرّقمنة وإرساء استقرار التشريع لجذب الاستثمارات الأجنبية، من أجل تحويل الجزائر لقطب صناعي بامتياز.
رؤية استراتيجية
تحدّث عبد الرحمان مبتول، الخبير الاقتصادي الدولي وأستاذ جامعات، خلال مداخلة له، عن استطاعة الجزائر تحقيق الإقلاع الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد على الإيرادات النفطية، وذلك من خلال التوجه نحو الاستثمار في الطاقات المتجددة، مبرزا «ضرورة انتهاج مسار الانتعاش الاقتصادي لعام 2022، من خلال مكافحة الإرهاب البيروقراطي، والفساد الذي يخنق الطاقات الإبداعية، وإنهاء عدم الاستقرار القانوني وتجنب رؤية نقدية بحتة من أجل الحفاظ على احتياطي النقد الأجنبي؛ ذلك أنه بدون رؤية إستراتيجية للتنمية تتفاقم الأزمة».
وأضاف، أنه من «الضروري تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي يجب أن توفق بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، التي تتطلب تضحية مشتركة ستكون، بلا شك، مؤلمة على الأمد القصير، لكنها تحمل الأمل على الأمدين المتوسط والبعيد، داعيا إلى «إقامة جبهة وطنية واسعة تأخذ بعين الاعتبار الحساسيات المختلفة، وشفافية الاتصال حول الوضع الاجتماعي والاقتصادي، في مواجهة التوترات الجيو- ستراتيجية على مستوى منطقة البحر الأبيض المتوسط والمنطقة الأفريقية، ومن ثمة يمكن للجزائر مواجهة التوترات الاجتماعية والمتعلقة بالميزانية على المستوى الداخلي بفضل تمتعها بإمكانات كبيرة، وبالتالي تجاوز الأزمة الحالية».
المربع السحري
من جهته، شدّد البروفيسور كمال بداري، رئيس جامعة المسيلة، على أن قانون الاستثمار المنتظر، يأتي في سياق مرحلة تتسم بمحيط اقتصادي متميز ومحيط صناعي مختلف عن المراحل السابقة، كما يأتي مع محيط عالمي يشهد التصنيع فيه تراجعا، خاصة بدول الغرب، مع بروز لافت لصعود الصين وبلدان جنوب شرق أسيا، حيث «ظهر ما نسميه بالفواصل التجارية والاقتصادية».
وأوضح بداري، أنه «من الناحية الصناعية نشهد تراجع التصنيع المادي واستبدالها بما هو رقمي في إطار اقتصاد المعرفة، مع ظهور الثورة الصناعية الرابعة، حيث أن أي أمة لا تنخرط في المتغيرات الحاصلة لا يمكن لها أن تواكب متطلبات العصر، لذلك وجب علينا الدخول إلى الثورة الصناعية الرابعة المرتكزة على اقتصاد المعرفة ورأس المال البشري».
ولتحقيق استثمار ناجح، يؤكد منشط منتدى «الشعب»، «يجب أن تكون التنمية الاقتصادية مرتكزة على البحث العلمي والابتكار لمواكبة التطور، والدخول للمربع السحري الذي يعتمد على البحث العلمي، الابتكار صناعة الثروة والتنمية».
وألحّ الأكاديمي، على ضرورة «الاستفادة من خريجي الجامعات وامتصاص المتخرجين، لإنتاج الثروة وإنشاء مؤسسات اقتصادية، يجب الذهاب إلى اقتصاد المعرفة الذي يفتح أفاقا من الخدمات لا متناهية، لا تتأثر بالأزمات المالية والتذبذبات العالمية في إطار صناعة الجيل الرابع».
قانون الاستثمار
من جهته، شدّد أستاذ الاقتصاد والنائب بالمجلس الشعبي الوطني، عبد القادر بريش، على «أن مخطط عمل الحكومة تضمن مجموعة من القوانين التي تؤسس لمرحلة التجدد والإقلاع الاقتصادي. إلا أنه ربط نجاح الإصلاحات باعتماد منهجية واضحة تتعلق بحزمة متزامنة ومترافقة ومحددة الزمن».
وتحدث البرلماني عن «تأخر الحكومة في إعداد قانون الاستثمار بسبب تدحرج الأجندة، التي فرضتها تداعيات الأزمة الصحية وما أفرزته من جائحة مست العالم ككل»، كاشفا عن «عدم نزول المشروع التمهيدي لقانون الاستثمار للغرفة السفلى للبرلمان لحدّ كتابة هذه الأسطر، بالرغم من أهميته، في انتظار الإفراج عن تفاصيله».
كما أكد الخبير الاقتصادي، على ضرورة اعتماد إصلاحات قوانين أخرى ترافق قانون الاستثمار الجديد، منها مشروع قانون الامتياز الخاص بالعقار الصناعي والتجاري، إصلاح العقار الاقتصادي، وكذا قانون إصلاح القطاع المالي والضريبي لتحسين مناخ الاستثمار، منبها إلى ضرورة تجسيد الإطار التشريعي نظرا لأهميته.
وبخصوص نجاح قانون الاستثمار المنتظر، دعا بريش إلى «مرافقته بإصلاح في النظام الضريبي، والذي كان من المفروض أن يكون من بين الأولويات، لاسيما ما تعلق بإصلاح عميق للجباية، على غرار إصلاحات سنة 1991 على أن يرافقه إصلاح في النظام المصرفي».
كما أبرز، عضو لجنة المالية بالبرلمان، أنّ «الرهان قائم اليوم على طلب قوانين أجنبية»، مطالبا «بمواكبة بنك الجزائر لهذه الديناميكية، والنهوض من سباته ليلعب دوره في مرافقة الإصلاحات ونجاحها»، ليتابع: «خاصة ونحن في مرحلة جديدة تتطلب الاستقرار المؤسساتي، بعد أن تجاوزنا مرحلة تأسيس المؤسسات الدستورية والتوافق السياسي بخطوة لمّ الشمل، حيث فتح الرئيس ذراعيه للسياسيين وفواعل المجتمع المدني، للتوافق قي القضايا الاقتصادية الكبرى، مع الإبقاء على الطابع الاجتماعي الدولة».
وتساءل، عن كيفية طرح وإقناع الرأي العام بملف الدعم في القريب العاجل، ومخاطبة ذهنيات وعقول الجزائريين قبيل تنصيب لجنة الدعم قريبا.
15 قانون استثمار
بدوره، كشف البروفيسور والخبير الاقتصادي فريد كورتل، أن «التشريع في الجزائر عرف 15 قانونا للاستثمار، بمعدل قانون كل سبع سنوات، ما يبرز سلبية الأمر هو الزخم في إعداد القوانين»، مبرزا أن «تعطيل قانون الاستثمار الجديد لم يكن محفزا للأجانب للولوج إلى الجزائر، حيث أن تعطّل إصداره أثّر على حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة».
واستند كورتل الى إحصائيات تخص الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث «سجلت الجزائر في سنة 2009، (2) ملياري دولار، أغلبها في المحروقات، بينما لا يتعدى الاستثمار خارج المحروقات ملايين الدولارات فقط». مضيفا، أن «من بين معطلات الاستثمار في الجزائر، الأزمة الأمنية التي شهدتها في فترة التسعينيات التي أثرت على جلب الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو أحد الأسباب التي أثّرت على عدم استقرار القوانين».
وأبرز أن القانون الجديد عرف مخاضا عسيرا، حيث خضع للدراسة ثلاث مرات في مجلس الوزراء، ليتماشى والتطورات وتصحح الاختلالات في نص المشروع، أولها القضاء على البيروقراطية واعتماد الرقمنة التي توفر الجهد على المستثمر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19473

العدد 19473

السبت 18 ماي 2024
العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024