6 آلاف مؤسسة أفلست وأخرى عالقة في ديون

المقاولات المحلية مصدر ثروة ويجب الاعتراف بها

زهراء بن دحمان

مدت مقاولات البناء والأشغال العمومية المحلية، يدها للسلطات العمومية للمشاركة في تجسيد برنامج الإنعاش الاقتصادي ولكن الأمر يحتاج، بحسب رئيس الكنفدرالية العامة لأرباب العمل حكيم دامو، إلى الإعتراف بالدور الهام للمؤسسات المحلية كمصدر لصناعة الثروة، ورفع العراقيل والقيود التي حالت دون استمرار الكثير منها، حيث فقد القطاع 600 ألف منصب عمل منذ 2013، وأفلست عدة مقاولات بسبب تراجع الطلب العمومي وارتفاع أسعار المواد الأولية بعد الحراك وجائحة كورونا، بالرغم من امتلاكها الخبرة والتجربة التي تؤهلها لتنفيذ العديد من المشاريع التنموية بدل منحها للأجنبي.

شخّص رئيس الكونفدرالية العامة لأرباب العمل حكيم دامو، الواقع الصعب الذي تمر به مقاولات قطاع البناء والأشغال العمومية والري، نتيجة أزمات متتالية. وقال لدى نزوله ضيفا على جريدة «الشعب»، رفقة أعضاء من الكنفدرالية، إن»تراجع أسعار البترول سنتي 2013 و2014، وتفشي فيروس كورونا 2020-2021، تسببت في إفلاس عدة مؤسسات بلغ عددها 6 آلاف مقاولة وفقدان 600 ألف منصب شغل». أما التي بقيت في حالة نشاط، فهي تصارع اليوم من أجل البقاء والحفاظ على مناصب العمل، إذ يعد هذا القطاع خزانا لليد العاملة بتشغيله 1.2 مليون عامل، تم تكوين العديد منهم منذ أكثر من 25 سنة، يتوزعون بين أصحاب الشهادات العليا من مهندسين، وكفاءات، ومهنيين، وحرفيين من ذوي المستوى المتوسط أو دون شهادات تأهيل، وهؤلاء بإمكانهم اليوم، يقول دامو، «المشاركة في عملية البناء والتشييد وتجسيد برنامج الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي».
تراجع الطلب العمومي بـ70٪
سجل دامو تراجع الطلب العمومي بنسبة 70٪ منذ تفشي وباء كورونا، ما أدى إلى توقف نشاط العديد من المقاولات.
ومن أجل تجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية والصحية، قال رئيس كونفدرالية أرباب العمل، إنه طالب من المنخرطين في الكنفدرالية، بالتوجه إلى الاستثمار في قطاعات منتجة أخرى، غير قطاع البناء، وهو ما تجسد بالفعل، حيث استطاعت عدة مقاولات العودة للنشاط في مهن جديدة، في قطاع الصناعة والخدمات، والترقية العقارية، بعد منح السلطات العمومية تراخيص لأصحابها لتغيير النشاط.
ولكن هذا لا يكفي، بحسبه، لأن قطاع البناء «راكد» بسبب استمرار توقف المشاريع والارتفاع القياسي لأسعار المواد الأولية التي تجاوزت نسبة 200٪، خاصة الحديد والرمل، وحتى الخيوط الخاصة بالبناء، مشيرا إلى إمكانية تجاوز هذه المعضلة بتشجيع استعمال المواد المنتجة محليا، مثلما حدث مع الحديد، حينما أمر رئيس الجمهورية بالاعتماد على الإنتاج المحلي وتوقيف تصديره.
بنك الإسكان قرار ممتاز
من بين القرارات المهمة التي اتخذتها السلطات العمومية ويمكن أن تمنح حلولا للمقاولات المتخصصة في البناء، إنشاء بنك السكن. ووصف دامو هذا القرار بـ»الممتاز»، إذ يمكن له استقطاب أموال الخواص واستعمالها في مشاريع سكنية، لكن بشرط منح أولوية تنفيذ المشاريع للمقاولات المحلية والمؤسسات الوطنية، فلا يعقل -كما قال- «حرمان صاحب مقاولة بـ30 سنة خبرة، من صفقات إنجاز المشاريع العمومية ومنحها للأجنبي».
وقال دامو، إن المقاولات المحلية تمكنت من تطوير قدراتها وتأهيل كوادرها وعمالها، والكثير منها قبل الأزمة لم تستثمر بأموال البنوك، بل بأموالها الخاصة، وقامت بإنجاز عمل نوعي ومشاريع وفق المعايير العالمية، ولكن اليوم الكثير من المقاولين خسروا 82٪ من رقم أعمالهم، وهذا لا يؤثر على نشاط المقاولة فقط، بل حتى على مداخيل الخزينة العمومية، مشيرا إلى أن بعض الولايات كانت تحصّل 1200 مليار دينار، أصبحت اليوم دون مداخيل، وهذا راجع إلى ركود قطاع البناء.
واقترح في هذا السياق، رفع الحظر عن المشاريع المتوقفة على مستوى التراب الوطني. وتأسف لعجز بعض المديرين الولائيين عن حل المشاكل التي عطلت المشاريع منذ 10 سنوات، وقال مستغربا «هناك مديرون يعملون المستحيل من أجل رفع التجميد عن أموال المشاريع ومديرون آخرون لا يبالون بذلك»، قبل أن يضيف «لا داعي للخوف، فاليد التي ترتعش لا يمكن أن تتخذ قرارا».
9 مقترحات استعجالية
استغل دامو الفرصة، لرفع مقترحات وصفها بـ «الاستعجالية» من أجل إخراج قطاع البناء والأشغال العمومية من الركود وتخليصه من البيروقراطية. وقال إن الأمر «يتطلب تنظيم جلسات وطنية للسكن، تجمع المسؤولين والمهنيين والفاعلين في قطاع البناء والأشغال العمومية، تطرح فيها المشاكل وتقدم الحلول لتفعيل نشاط المقاولات المحلية، من خلال إشراكها في برنامج الإنعاش الاقتصادي».
كما قدم 9 مقترحات فورية، منها إعادة النظر في تكلفة المشاريع وذلك تماشيا مع الأسعار الحقيقية في السوق الوطنية، وإعادة النظر في إدماج أرباب العمل في مختلف لجان الطعون التابعة للمصالح الضريبية، التقليل من كميات الأشغال ذات السعر الثابت خلال طرح المناقصات، العودة إلى مسح الكميات المنجزة فعليا، دفع تكاليف الأشغال الإضافية ضمن الغلاف الأصلي للمشروع، فتح عطاءات للمنافسة ولواقع الأسعار، مما يمكن المقاولات من تحقيق الجودة بالأسعار التنافسية، إرساء الصفقات للعروض الأكثر نجاعة من الناحية الاقتصادية، مع احترام مبدإ المنافسة الحرة وجودة الأشغال، وإعادة النظر في نسبة المساحة الحرة المخصصة للمرقي والمحددة بـ25٪ من المساحة الإجمالية، وإعادة النظر في كلفة السكنات الترقوية المدعمة لما آل إليه ثمن مواد البناء في جميع أطواره، وتصميم سياسة إسكان مختلفة وجعل السكن متاحا في السوق للتأجير بنموذج السكن الترقوي الإيجاري من خلال المساعدات والتحفيزات للمرقين العقاريين.
بالموازاة مع ذلك، رفع 16 مقترحا آخر لتذليل الصعوبات وحل المشاكل التي تعترض المقاولات، من بينها إعفاء ضريبي وشبه ضريبي على مؤسسات الإنجاز منذ 2014، إمهال المؤسسات التي ترغب في الاستفادة من جدولة ديونها البنكية مدة ثلاث سنوات، وتقليص نسبة الضريبة على الأرباح المعاد استثمارها إلى 5٪، وتشجيع المؤسسات على الاستثمار في اقتصاد المعرفة من خلال تعميم التكوين على التقنيات الجديدة، وتذليل جميع العراقيل البيروقراطية عن طريق تدعيم الرقمنة ومنح جميع التسهيلات للمؤسسات، وتجديد وتحديث وسائل الإنجاز عن طريق منح قروض طويلة المدى، وإشراك المؤسسات الخاصة في تحضير القوانين والتنظيمات ذات الطابع الاقتصادي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19473

العدد 19473

السبت 18 ماي 2024
العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024