اتفقا رئيس الجمعية الوطنية للمدارس الخاصة آيت عامر سليم، ومديرة مدرسة، عضو بالجمعية شمشم خيرة، أنّ المدارس الخاصة المقدر عددها بـ 500 مدرسة على المستوى الوطني، مكملة للقطاع العمومي تعمل معه وتحت وصياته، وهي شريك فعال في تحسين مستوى التعليم في الجزائر.
جزم كل من آيت عامر سليم وشمشم خيرة، خلال نزولهما ضيفان على» الشعب «، أنّ التعليم الخاص يساهم في تحسين المنظومة التربوية، لأنّ المدارس المعتمدة الخاصة تعتمد الصرامة والانضباط وتستعمل أحدث الأساليب التعليمية الحديثة.
الخاص لا يعني الخوصصة
أكد آيت عامر سليم، أن وجود المدارس الخاصة المقترن ظهورها بفتح الاستثمار أمام الخواص في قطاع التعليم سنة 2004 لا يعني خوصصة القطاع، وإنما إشراكها في تحسين المنظومة التعليمية، لافتا أنّ مهمتها تلقين التعليم الوطني الصحيح الذي يعتمد على أفضل النخب التعليمية والأساتذة المختصين كل في مجاله، بالإضافة إلى الاستفادة من خبرة المتقاعدين في الميدان لترقية التعليم الخاص.
وقال المتحدث، إنها جزء من المنظومة التعليمية التي تضم 500 مدرسة خاصة على المستوى الوطني و300 بالعاصمة، خاصة في الجهة الغربية التي تحظى بحصة الأسد، مشيرا أن العدد قليل مقارنة بالدول المجاورة، خاصة وأن هذا الاستثمار قائم اليوم على جعل القطاع الخاص مرافقا للقطاع العمومي في مهمة إنجاح التعليم في بلادنا.
وأضاف أنّ الجدل القائم حول المدارس الخاصة سببه الذهنيات التي ترفض كل ما هو خاص، بالإضافة إلى كونها ظاهرة جديدة فرضت نفسها، وفتحت المجال أمام القطاع الخاص ليساهم في التعليم إلى جانب فتح الأبواب أمام التلميذ لزيادة قدرته على الفهم والاستيعاب وتوفير كل الأجواء والشروط اللازمة له من أجل الحصول على تحصيل علمي ومعرفي يسمح له الانتقال إلى الأطوار التعليمية الأخرى دون عقبات وحتى حصوله على شهادة البكالوريا.
دخلاء حولوها إلى تجارة
أكد آيت عامر أنّ المدارس الخاصة في الجزائر لديها إيجابيات وسلبيات، غير أنها تشارك في تقديم رسالة نبيلة، خاصة الخدمات العديدة التي تسعى لتوفيرها للتلاميذ المتعلقة بدروس دعم وتقوية، وذلك في مختلف المواد العلمية والأدبية والشعب الدراسية، ناهيك عن الشق الاجتماعي المتعلق بالإطعام ونصف الداخلي ومختلف المرافق الرياضية والترفيهية.
وأوضح آيت عامر أن المشاكل التي تعانيها المدارس الخاصة بعد 15 سنة من إنشائها ترجع إلى دفتر الشروط الذي وضع سنة 2004 بطريقة غير مدروسة، خاصة في الجانب البيداغوجي أيّ «منح الترخيص وتطبيق المنهاج الوزاري بشروط معينة كفيل بضمان بقائها ،الأمر الذي سمح بوجود ما يسمى تحول فيلات خاصة إلى مدارس وفتح المجال أمام الدخلاء على القطاع.
وأضاف في سياق موصول، أنّ هذه المدارس تستقطب من له رغبة في العمل والمساهمة في المجهود الوطني للتعليم والتكوين، ويوجد من يتجه إليها لكسب الرزق وتحويلها إلى تجارة، الأمر الذي خلق جدلا حولها مؤخرا، أدى إلى تدخل وزارة التربية الوطنية والتجارة لحل النزاع بين الطرفين، سواء الأولياء أو المدارس.
إعادة النظر في دفتر الشروط بعد 15 سنة
تعكف وزارة التربية الوطنية مؤخرا، بعد الجدل القائم حول المدارس الخاصة على ضوء جائحة كورونا، على التدقيق والتمحيص في وضعيتها بعد اللقاءات العديدة التي جمعتها بالجمعية الوطنية التي طالبت بإعادة النظر في دفتر الشروط الذي وضع سنة 2004، من أجل معرفة النقائص والوقوف عند المشاكل التي تعرقل عمل القطاع الذي يضم الجانب التجاري، لأنها خدمات مقابل الدفع،غير أنّ مهمته بيداغوجية وتربوية.
أوضح الأستاذ أنّ المدارس الخاصة تعمل إلى جانب القطاع العمومي في منظومة تربوية بحاجة إلى إصلاحات، سواء من حيث المناهج أوطرق التدريس، مشيرا أنّ المدارس الخاصة تعمل وفق توصيات الوزارة وتعمل على تقديم الأحسن دائما، خاصة في حال تغيير دفتر الشروط وضبط المهنة بطريقة بيداغوجية وتربوية.
وأشار بخصوص الفئات التي تقصد المدارس الخاصة أنها تتمثل في الأشخاص الذين يبحثون عن جودة التعليم والخدمات التي تقدمها المدارس، وهناك فئات تبحث عن الحماية والأمن لأبنائها من خلال بقائهم في المؤسسة إلى غاية الفترة المسائية، بالإضافة إلى فئة أخرى من التلاميذ الذين يتلقون صعوبات تعليمية في القطاع العمومي يلجؤون للقطاع الخاص لحل هذا المشكل، في حين توجد فئة من المدارس لا تقبل التلميذ إلا شرط أن يكون تحصيله العلمي فوق معدل 15 وتقصدها فئات خاصة من التلاميذ.
نجاح بعد الفشل
من جهتها، أكدت المسؤولة على المدارس الخاصة على مستوى عدة مقاطعات، شمشم خيرة، خلال حديثها في ضيف» الشعب»، أنها لم تعد مقتصرة على فئة معينة من الأسر، وإنما أصبحت تستقطب جميع فئات المجتمع من أبناء الطبقة الميسورة إلى الموظف البسيط، فبعض الأولياء دخلهم متوسط يدفعون تكاليف التمدرس حسب رغبتهم، إما شهريا أو سنويا، مع مراعاة الوضعية الاجتماعية للأولياء حالة بحالة.
وفي ما يخص فئة التلاميذ على مستوى مدارسها قالت «إنها تقبل كل الفئات في مختلف الأطوار على عكس بعض المدارس التي تجري مسابقات لمعرفة مستوى التلميذ قبل قبوله «، أما عن مدرستها فقالت إنها لا تضع شروطا في استقبال وقبول التلميذ حتى لوكان ضعيفا المستوى أو مطرودا من المدارس العمومية، لأنها ترى أن الكثير منهم يمكن أن يحقق ما فشل في تحقيقه هناك.
وأضافت أنّ الكثير من التلاميذ الذين تمّ تحويلهم إلى المدارس الخاصة، يستفيدون من أخطائهم السابقة ويحققون نجاحات، ويمضون قدما في حياتهم الدراسية، موضحة بخصوص تسعيرة الانخراط، أنّها حرة أي كل مدرسة تفرض التسعيرة حسب الخدمات التعليمية التي تقدّمها.
20 ألف دينار في الابتدائي
قال المتحدثان بخصوص الأسعار، إنها تصل إلى 20 ألف لتلميذ الطور الإبتدائي، غير أنّها تبقى أسعارا حرة وغير موحدة بين جميع المدارس الخاصة، حيث أفادت أنّ هناك مدارس توفر أسعارا منخفضة والدفع يكون إما شهريا أو سنويا حسب الوضعية الاجتماعية للأولياء.
أما تلميذ الطور المتوسط فهو مطالب بدفع 24 ألف دينار شهريا، في حين يدفع تلميذ الثانوي مبلغ 28 ألف دينارا شهريا، وهناك تسعيرات أقل حسب خصوصية المدرسة.
تعتمد المدارس الخاصة- حسب شمشم خيرة - نفس منهاج القطاع العمومي وعدد الساعات حسب المؤسسات، حيث هناك من تعمل بنفس الحجم الساعي المعمول به في المدارس العمومية، والاختلاف الوحيد هو العمل بساعات إضافية لتدريس اللغة الفرنسية والإنجليزية، في حين أوضحت بخصوص الأساتذة أنها تملك معلمين ذوي كفاءة عالية بدؤوا كشباب واليوم صاروا يمتلكون خبرة ولا يمكن الاستغناء عنهم.
وأفادت أنّ الخبرة ضرورية في المدارس الخاصة، لهذا تلجأ لتوظيف المتقاعدين، وهناك من يعمل في المدارس العمومية والخاصة في نفس الوقت، فيما أكدت أنّ بعض المؤسسات تقدم الفرصة للمتخرجين حديثا الذين لم يسبق لهم العمل في المجال وذلك بتجربتهم لفترة قصيرة ثم العمل بشكل عادي مقابل راتب يليق بمكانة المعلم.
المدارس الخاصة مهمتها وطنية
دعا آيت عامر سليم إلى تغيير النظرة حول هذه المدارس، التي وضعت فيها السلطات الثقة الكاملة بالسماح لها بتدريس عدد من أبنائها الذين يمثلون 2 بالمائة، لتصبح أمام تحد صعب وهواستكمال مهام إنجاح التعليم في منظومة تعرف نقائصا، مؤكدا أنّ القطاع الخاص ليس منافسا للعمومي، وإنّما مكمل له على غرار قطاع الطب.
أكد الأستاذ أيضا، أنّ الهدف تحسين التعليم وإعطاء قاعدة تعليمية صحيحة للمتمدرسين، موضحا أنّ المدارس الخاصة ليست أحسن من المدارس العمومية، بدليل أنّ أحسن التلاميذ وأكثرهم تفوّقا في المشوار الدراسي موجودين بالقطاع العمومي، إلى جانب القطاع الخاص الذي يضمّ ناجحين من التلاميذ يدرسون كلهم في المنظومة التربوية الوطنية، مستبعدا تماما وجود منظومة تربوية خاصة، بل مدارس خاصة تعمل تحت وصاية وزارة التربية الوطنية.
واعتبر أنّ التجربة الفتية للمدارس الخاصة ليست كافية لترسيخ هذه الفكرة، مشيرا أنها تساهم في المنظومة التربوية بشكل أو بآخر، لأن هذه الأخيرة عندما تكون قوية يصبح دور المدارس الخاصة قويّا وفعالا.
الحصول على الاعتماد يخضع لشروط
قال آيت عامر أنّ الحصول على اعتماد فتح المؤسسات الخاصة، مرتبط باحترام الشروط الموجودة في دفتر الشروط، على غرار المساحة، غير أن الفيلات التي يتحدث عنها الكثيرون بإمكانها أن تتحوّل إلى مدارس وإن ضمّت عددا قليلا من التلاميذ، مشيرا إلى أزمة العقار التي تعيشها العاصمة وحالت دون إنشاء مدارس وفق المعايير المطلوبة. أضاف أيضا، أنّ الوصول إلى قطاع خاص حقيقي يستوجب الاستثمار في المجال بمنح تسهيلات.
وهذا ما تعمل عليه السلطات مؤخرا، من خلال السماح للكثيرين ممارسة النشاط بالرغم من غياب الشروط الضرورية أحيانا على غرار توفير مترين لكل تلميذ في القسم وتخصيص 4 أمتار في الساحة، وهذا للنهوض بهذا القطاع وتحسين مستوى التعليم الخاص.
التعليم غير مرتبط بنسبة النجاح
وبخصوص معايير نجاح المدارس الخاصة، أوضح المتحدث أنها ليست مرتبطة بنسب نجاح الامتحانات الرسمية، لأنّ التعليم في أحسن المدارس عالميا أكبر نسب النجاح فيها تقابلها أكبر نسب الرسوب.
واستنادا إليه تحقق المدارس الخاصة في الطور الإبتدائي، نسب نجاح 100 بالمئة مثل العمومي، غير أنه بالتوجه نحوالمتوسط الإشكال يكبر وفي الثانوي يتعقد أكثر.
وبغض النظر عن العوامل المتحكمة في معيار نجاح المدارس الخاصة العديدة، فإنّ الأهم تقديم تعليم صحيح مبني على أسس تعليمية وبيداغوجية صحيحة، يطمح من خلاله تكوين جيل واع يميّز بين الصحيح والخطأ، والمقبول والمرفوض، أي جيل قادر على النهوض بالمجتمع.