أثار الخبير الاقتصادي والممثل السابق للجالية الجزائرية بأمريكا محمد قحش، مشكلة توجيه الدعم إلى مستحقيه، خاصة وأن الدولة تخصص له مبلغا كبيرا يوجه لدعم المواد واسعة الاستهلاك، مؤكدا أن سياسة الدعم تتبعها الكثير من الدول، لكنها تحرص من خلال آليات دقيقة على حصول الفئات الهشة منه، بينما يحول في الجزائر إلى غير مستحقيه.
أكد محمد قحش، على ضرورة توجيه الدعم إلى مستحقيه حتى يؤدي الدور المنوط به في مساعدة الفئات الهشة من المجتمع. فعلى الصعيد العالمي نجد أن الدعم كسياسة تتبعها كل الدول في العالم حتى في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أولوية الغرض منها إعطاء الفئات المعوزة متنفسا ماديا تساعدهم على تجاوز أعباء الحياة.
بينما في الجزائر لم تضبط بعد قائمة دقيقة لمستحقيه من الفئات الهشة، بالرغم من أنها ومنذ الاستقلال تحرص على تخصيص مبالغ مالية معتبرة من ميزانية الدولة لسياسة الدعم، فقد قدرت قيمة الدعم هذه السنة بـ1800 مليار دينار جزائري.
وقال الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي في هذا الصدد، إن أكبر مشكل يواجه سياسة الدعم في الجزائر هو تحويله إلى غير وجهته، حيث يستفيد من هم خارج الفئات الهشة منه، لذلك كان الأجدر توجيهه إلى المنتجين حتى يستفيد المستهلك من الحركية الإنتاجية
في حين أرجع الإشكالية التي تعيشها الجزائر فيما يتعلق بسياسة الدعم، إلى كونها قدمته إلى المستهلك بدلا من المنتج، ما تسبب في توقف بعض الفروع المهنية أو تقلصها كالخبازين بسبب التسقيف.
واعتبر الخبير الاقتصادي عدد المواد المدعمة الكبير أكبر مشكل في سياسة دعم الدولة، فعوضا عن توجيهها إلى فئة محددة، استفاد منها الجميع، ما كرس مبدأ اللاّعدالة، بالرغم من أن هذه السياسة هدفها الأول تحقيق العدالة الاجتماعية، ما جعل سكان مناطق الظل ينزحون إلى المدن الكبرى لبناء بيت من صفيح للمطالبة بحصتهم منه، ما حول الآلية التي وضعت من اجل أهداف اجتماعية واقتصادية عادلة سببا في الحيلولة دون انطلاقة صناعية وإنتاجية.
وشدد كاوبي على ضرورة الانتقال من ذهنية الاستهلاك إلى الإنتاج لتجاوز تداعيات انهيار أسعار النفط والأزمة الصحية لجائحة كوفيد-19، فتحسين القدرة الشرائية مرتبط بتحسين الإنتاج، لذلك كان لابد من إعادة النظر في نظام السوق لتتحكم فيه القوانين الاقتصادية لإخراجه من الفوضى التي يعيشها، لأن المعادلة المتحكمة فيه مقلوبة، فعوض قانون العرض والطلب، تسوده قرصنة قلبت المعادلة رأسا على عقب.