أكد المتدخلون في منتدى «الشعب»، أمس، أن السوق الوطنية تعيش فوضى حقيقية في غياب وضعف أجهزة الرقابة وعدم تحيين آليات الضبط في مواجهة ارتفاع الأسعار والمضاربة، مشيرين إلى أن الضبط لا تقتصر مسؤوليته على وزارة التجارة، حسب ما يعتقد البعض، بل هي منظومة كاملة تتدخل فيها عديد القطاعات كل في حدود اختصاصها.
يرى الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي، أن منظومة الضبط بالجزائر تستدعي إعادة النظر فيها وتحديد المسؤوليات والصلاحيات والأولويات، مؤكدا أن الضبط لا يقتصر فقط على الأسعار، بل حتى الإنتاج، ومن ثم لابد من الحديث عن الضبط العقلاني والسوق هو من يقاوم بذلك، في حين يبقى السعر هو السلطان.
وقدم كاوبي عديد النقاط التي تدخل في منظومة الضبط، منها اعادة النظر في الاستهلاك بالابتعاد عن التبذير، تشجيع الانتاج المحلي للرفع من قيمة الدينار، خلق المنافسة والتحكم في الأسعار وبالتالي رفع القدرة الشرائية، بالإضافة الى توجيه الدعم نحو الانتاج وليس المستهلك من أجل خلق قيمة مضافة تعتمد على الانتاج المحلي لا الاستيراد.
ويرى الخبير الاقتصادي، أنه يتعين التوجه إلى حلول حقيقية وتغيير المنطق السائد للسوق وكذا الاستهلاكي، ما يعني تحديد الأولويات بالنسبة للقطاعات الحيوية والتوجه نحو التنويع في الإنتاج والابتعاد عن الاستيراد لأنه ليس الحل، ونفس الأمر بالنسبة للاستهلاك.
من جهته شدد رئيس المنظمة الوطنية لإرشاد وحماية المستهلك مصطفى زبدي، على أن الضبط ليس مسؤولية وزارة التجارة فقط، فكل الوزارات مسؤولة، سيما تلك التي نشاطاتها لصيقة بالمواطن وتمس وتؤثر في استهلاكه وحياته، على غرار قطاع الفلاحة، كل الدواوين التي تحت وصايتها مسؤولة، وزارة النقل وغيرها... ومن ثم تبرز ضرورة إعادة النظر في القوانين التي تؤطر وتؤسس للضبط وآليات الرقابة.
وتطرح الثقافة الاستهلاكية للمواطن الجزائري، إشكالا آخر، فبين التبذير واللهفة يقع سلوك الجزائري في المحظور فيكون لقمة سائغة لبارونات المضاربة الذين يستغلون الأزمات من أجل تحقيق الربح السريع وفي كل المواد، بما فيها ذات الاستهلاك الواسع أو الأساسية، خاصة وأن أجهزة الرقابة تجاوزها الأمر ولم تعد قادرة على تغطية كل السوق، وحتى وإن قامت بوظيفتها فهي توجه للتاجر البسيط وليس للبارونات الكبار.
ويبقى السؤال فيما إذا كانت الدولة قادرة على إنشاء سلطات ضبط اقتصادية بآليات تكرس التوجه الاقتصادي الجديد أو ما يعرف بنظام اقتصاد السوق، وضبط القطاعات التنافسية، وربما الذهاب الى الدولة الضابطة للأنشطة الاقتصادية.