المعلومات والأبحاث الأخيرة حول طبيعة الفيروس تغيّرت
اعتبر المختص في علم الأوبئة والطب الوقائي، بمستشفى فرانس فانون، الدكتور بوعمرة عبد الرزاق، ان الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها السلطات لمنع تفشي الفيروس جنبتنا الكارثة، خاصة على ضوء غياب المعطيات العلمية والمعلومات الكافية حول طبيعة الفيروس، مشيرا ان التعايش مع الوباء والتوّجه نحو الحياة العادية يكون تدريجيا، وبعد رفع المناعة السكانية إلى 60 بالمائة.
أوضح الدكتور بوعمرة عبد الرزاق لدى نزوله ضيفا على «الشعب» أن الالتزام بالتباعد الاجتماعي والجسدي يضمن السلامة من عدوى فيروس كورونا، خاصة على ضوء ضعف المناعة السكانية إلى أقل من 20 بالمائة والتي لا يمكن رفعها إلا عن طريق اللقاح الذي يعتبر الحل الأنسب لزوال الأزمة أو جعل الوباء موسمي ليس بنفس الخطورة المعروف بها.
قال في قراءته للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات لمجابهة جائحة كورونا، إن الحجر في المرحلة الأولى من الوباء اعتمد على الكثير من المعايير التي سمحت بتسيير الأزمة الصحية، حيث تم التعامل مع كوفيد 19 بطريقة علمية عكس البداية بالغلق دون وجود معلومات وأبحاث، خاصة أمام الصور الرهيبة التي وصلتنا من بلد الوباء ووهان وبعدها ايطاليا التي سجلت أرقاما رهيبة جعلت السلك الطبي يختار بين مرضاه في قسم الإنعاش.
كل المعطيات والأبحاث العلمية لم تكن تصلنا بعد - يقول الدكتور - أين اتخذت السلطات قرار الحجر الكلي الذي كان صائبا إلى أن توفرت الأبحاث بخصوص الفيروس المتحوّل،وتعاملت بلادنا مع الوباء بالشكل المطلوب حتى وصلنا إلى مرحلة التعايش التي تستوجب المتابعة والمراقبة التي تقول «إن زيادة عدد الإصابات يقابله وضع مقاييس علمية تنتهي بالتضييق من جديد وبعد انخفاض التراخي «مع الأخذ بعين الاعتبار العامل الاقتصادي والاجتماعي».
أكد أيضا ان المعطيات والأبحاث حول الفيروس تغيّرت بتغير الوضع الوبائي عبر العالم، مشيرا ان غياب المعلومات في البداية جعل السلطات تتخذ قرار غلق المدارس، لأن الطفل يمكن أن ينقل العدوى للكبار وأنهم أقل عرضة لالتقاط الفيروس من البالغين، ولاسيما الأطفال تحت سن 12 سنة، إلا أن المعطيات العلمية الأخيرة أثبتت العكس ان الكبير من ينقل العدوى للصغير ما جعل الكثير من الدول الأوروبية تبتعد عن قرار الغلق.
كما أردف قائلا: «كل القرارات يجب أن تكون تدريجيا»مع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الوبائية لبلادنا، مشيرا أن قرار العودة للدراسة بالشكل العادي يمكن تحقيقه مستقبلا إذا استمرت المعطيات العلمية حول عدم نقل العدوى من الأطفال إلى الكبار مع البقاء في ترقب وتتبع دائم للوضع، خاصة وأن التحقيقات الوبائية في بلادنا أثبتت أن الأطفال الذين أصيبوا بـ كوفيد 19 سببهم الوسط العائلي، لكن يجب العودة بالتدريج من أجل تطبيق البروتوكول الصحي، المتعلق باستعمال الكمامة واحترام التباعد الجسدي.
بخصوص الفتح الكلي صرّح قائلا، إنه مستبعد في الوقت الراهن، لأن المناعة السكانية لا تسمح بذلك، لكن هذا لا يمنع ـ يضيف المتحدث- من وضع مخطط لتخفيف الحجر واستئناف النشاطات الاجتماعية والاقتصادية تدريجيا في انتظار اقتناء اللقاح الذي يساهم في رفع المناعة السكانية.
اعتبر في الختام، أن المعطيات الوبائية في بلادنا إيجابية بالرغم من أن الأرقام المعلن عنها ليست مؤكدة مائة بالمائة بالنظر إلى وجود الكثير من الحالات لم تفصح عن إصابتها وأخرى لم تقم بالتحاليل، غير أنها مؤشر إيجابي لتقييم الوضع الوبائي، الذي مازال تحت السيطرة طالما يستمر المواطنون في التقيد بالإجراءات الاحترازية.