30 بالمائة من «المطروحات» المنزلية عبارة عن مواد مغلّفة
يرى المدير العام للوكالة الوطنية للنفايات، كريم ومان، أنّ الكثير من البلديات فقدت في مرحلة ما التسيير عن طريق التخطيط في بعض النشاطات التي تقع تحت مسؤوليتها المباشرة، بينها التكفل بالمحيط الذي يقع ضمن إقليمها الإداري بكل ما يحتويه من ثروات طبيعية يوفّرها أو ناتجة عن نشاط الإنسان كالنفايات، والعمل على استغلالها بالشكل الأمثل ليكون مصدرا بديلا للمداخيل، ما يستدعي - حسبه - وضع رؤية استشرافية لتسييرها.
أوضح ومان لدى نزوله ضيفا على «الشعب»، أنّ البلدية مطالبة بالتكيف بطريقة استشرافية مع المستجدات والتطور الحاصل في محيطها والذهاب نحو تسيير النفايات بطريقة مدروسة، وإعادة النظر في بعض النشاطات التي كانت فيما مضى إشكالية، وتحوّلت اليوم بفعل التكنولوجيات الحديثة إلى مصدر اقتصادي مدرّ للثروة ومنشئ لمناصب الشغل.
وفيما تعلق بالجانب التنظيمي للبلدية، أوضح ومان أنها المعنية الأولى بتسيير النفايات المنزلية في محيطها باعتبارها أداة للتكفل بانشغالات المواطن المنتج لهذه النفايات في المحيط الذي يعيش فيه، وصلاحياتها واضحة، حيث لديها مسؤولية مباشرة.
كما أن المشرّع وضع الأطر القانونية للتصرف فيها، منها مرسوم مكمّل للقانون 01-19 المتعلق بتسيير النفايات المنزلية على مستوى البلديات، والذي يعتبر إطار تخطيط وتسيير لأي بلدية.
وأشار المدير العام للوكالة الوطنية للنفايات، أنّه في سنة 2001 لما انطلقت الإستراتيجية الأولى التي وضعتها وزارة البيئة في هذا المجال، أخذت على عاتقها إعداد مخططات تسيير لكل البلديات الجزائر، لكن للأسف الكثير من المخططات لم تر النور وبقيت دون تنفيذ.
في المقابل، تطرّق المتحدث إلى مقاربة جديدة في الجزائر تمّ تبنيها فيما بعد خاصة مع إنشاء الوكالة الوطنية للنفايات بموجب المرسوم 01-19، وجاء مرسوم يحدّد مهامها، ومن بينها مرافقة الجماعات المحلية، هذه المرافقة تكمن في تأطير جديد من خلال اتفاقيات إطار لتنفيذ مهام رئيسية موجهة للبلديات، وهناك برنامج كبير وموسّع في هذا السياق.
ويرى ومان أنّه من الضروري الذهاب نحو تخطيط التسيير في النفايات والذي يرتكز على المعلومة، تشخيص الواقع الحال، والسبل الناجعة للتسيير في أي محيط للبلدية، على أن يراعي الأمور التقنية المادية لاسيما التكاليف وكيفية التخفيض منها، وحتى الجوانب التحسيسية التي يجب وضعها حيّز التنفيذ، بالإضافة إلى وضع نظرة استشرافية على مدى 10 سنوات، ما يسمح بإعطاء للبلدية نظرة شاملة من أجل وضع إستراتيجية لتسيير النفايات.
وحسب المتحدث، البلدية يخوّل لها القانون التسيير المباشر للنفايات، غير أن هذا الأمر أصبح مشكلا لأن التسيير أصبح مهنيا أكثر يتطلب خبرة وكفاءات لا تتوفر بالمصالح الإدارية للبلدية، مقترحا بهذا الخصوص إمكانية التعاقد مع مؤسسة عمومية في إطار تفويض المرفق العام، أو وضع دفتر شروط وفتح مناقصة والاختيار سيكون الأفضل، حيث سيعمل وفقا للأهداف والإستراتيجية المسطرة من البلدية.
تغيّر مفهوم النفايات من مشكل إلى مورد اقتصادي
يتطلّب دفتر الشروط تمويلا أيضا من خلال مداخيل الرسم على القمامة، ومساهمة منتجي المغلّفات باعتبارهم أصل هذه النفايات المنزلية.
ويؤكّد ومان أنّ مفهوم النفايات تغيّر، فبعد أن كانت إشكالية والهدف هو التخلص منها وبأقل تكلفة، أصبحت اليوم مصدرا لمنتجات أخرى، كما تعدّدت نوعيتها بين منزلية، خطرة وهامدة، مشيرا إلى أن تحديد المسؤول عنها يختلف على حسب مصدرها.
وبخصوص الفوضى التي يعرفها انتشار النفايات، أرجع المدير العام للوكالة الوطنية للنفايات ذلك إلى ارتفاع معدل النفايات بحكم تزايد عدد السكان، وتغير النمط المعيشي والاتجاه نحو المواد المغلفة، والتي أصبحت تشكّل 30 % من النفايات، وبالتالي زيادة حجم هذه النفايات ما يطرح إشكالا آخر يتعلق بالتخزين والنقل.
وكشف المتحدث عن التوجه نحو المرافقة على أساس التخطيط في إطار اتفاقية مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية باعتباره يمثل أساس أي إستراتيجية، بالإضافة إلى تنظيم عدة ندوات عن طريق التحاضر عن بعد، طوال فترة الجائحة موجّهة لفائدة رؤساء البلديات، وهو ما أدى إلى عودة ووعي البلديات بأهمية هذا الأمر، ومنها من شرع في وضع مخططات لتسيير النفايات.