المؤسسات تشكو غياب الدراسة التقنية والمرافقة الحقيقية
أكد رئيس المجمع دعم المؤسسات المصغرة ياسين قلاّل عند نزوله ضيفا على «الشعب» رفض الصيغة الجديدة لإعادة جدولة ديون المؤسسات المصغرة، لأنها لا تخدم روح المقاولاتية، لاسيما وأن هذا النوع من المؤسسات العمود الفقري لإطلاق عجلته وانتعاشه.
رفض ياسين قلاّل إعادة جدولة ديون المؤسسات المصغرة جملة وتفصيلا، حيث يستفيد من لم يبع عتاده من إعادة جدولة ديونه في مدة لا تتعدى خمس سنوات كلٌ حسب حالته، أما من اضطر إلى بيعها ستعاد جدولتها في مدة أقصاها 15 سنة مع عدم استفادته من أي دعم آخر بأي صيغة كانت، ما يراه قلاّل تحفيزا غير مبرر لصاحب المؤسسة المصغرة لبيع عتاده ليستفيد من طول المدة، وهو سبب مباشر في خلق هوة بين السلطة المعنية والذي يعيشه الشباب، خاصة في ظل وجود مليون و400 ألف مؤسسة استحدثت في إطار سياسة للدولة منذ اطلاقها.
إعادة الجدولة الأخيرة غير مدروسة
وأشار المتحدث في هذا السياق، إلى ضرورة استرجاع الثقة كنقطة في غاية الأهمية كمرحلة أولى أساسية للوصول إلى نجاعة اقتصادية لهذه المؤسسات، بسبب قتل روح المقاولاتية داخل الشباب المدمر نفسيا وماديا، كاشفا أن وكالة «أونجام» سجلت 900 ألف مؤسسة 70 بالمائة منها تقريبا نساء.
وقال المتحدث أن مجمع دعم المؤسسات المصغرة قدم طلبا إلى الحكومة لأخذ هذه الحالات بعين الاعتبار بسبب الضغط الكبير الذي يعيشه هؤلاء ما تسبب في حالات انتحار وانهيار عصبي، مؤكدا في نفس الوقت تحملهم مسؤولية مدنية وجزائية لاستفادتهم من القرض المصغر، لكن غياب المرافقة والمحاسبة جعل أغلب المستفيدين منها لم تطالبهم أي جهة بتسديد الديون التي تقع على عاتقهم ما جعلهم يقعون في مغالطة إعفائهم من تسديد الأقساط.
وأضاف ياسين قلاّل أن وجود نظام سياسي فاسد في تلك الفترة استعمل شتى الطرق لامتصاص غضب الجبهة الاجتماعية ساهم في تغليط أصحاب المؤسسات المصغرة خاصة في ظل غياب المرافقة والمحاسبة، معتبرا انهيار سعر برميل النفط في 2014 ليس المشكل الحقيقي وراء فشل هذه الآليات، لأن غياب الدراسة التقنية والاقتصادية لوكالة «أونساج» وعدم وجود خارطة نشاطات تعكس الحاجيات الحقيقية للسوق، وخلق مؤسسات مصغرة بطريقة عشوائية سببه الأول.
واعتبر المتحدث إعادة الجدولة الأخيرة غير مدروسة وغير مطابقة للواقع، وتخدم البنوك ولا تخدم أصحاب المشاريع، لأن تقيدها بخمس سنوات يعني إعطاء البنك فرصة ثانية، لذلك فإعادة الجدولة ليست حلا ناجعا.
وفي نفس السياق، قال قلاّل توجّه بعض أصحاب المؤسسات المصغرة الفاشلة إلى السوق الموازية، سببه الظروف والضغوط التي مردها المتابعات القضائية، مذكرا في هذا الصدد بالرقم الذي قدمه المدير العام للجمارك منذ أربع أو ثلاث سنوات بوجود 200 ألف شاحنة لوكالة أونساج في الحجز، لذلك كان من الضروري معرفة الأسباب التي جعلتهم يفضلون هذا الخيار خاصة وأنهم غير مسبوقين قضائيا.
صندوق ضمان القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الغائب الأكبر
أكد ياسين قلال أنّ صندوق ضمان القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا يقوم بالدور المنوط به، فمن مهامه تسهيل حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على التمويل البنكي أثناء إنطلاق مشاريع خلق أوتوسيع النشاط من خلال توفير ضمانات للبنوك، من أجل إكمال الترتيبات المالية المتعلقة بالمشاريع، كما يأتي ضمان هذا الصندوق ليكمّل الضمانات الفعلية التي يطلبها البنك لزبائنه لتحريك القروض الممنوحة.
ويقوم أيضا بدفع الأقساط إلى البنك عند وصولها إلى ثلاثة أقساط غير مسدّدة من طرف صاحب المؤسسة الصغيرة أوالمتوسطة، ولاحظ في ذات الصدد غياب هذا الدور تماما في الميدان، ما جعل البنك يتوجه مباشرة إلى صاحب المشروع، رغم أن اتفاقية الشراكة بين البنك الممول للمشروع وصندوق ضمان القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يسمح للبنك طلب تعويض 70 بالمائة من قيمة القرض، أما 30 بالمائة فتقع على عاتق الخزينة العمومية، وهو شرط أساسي، والمشكل أنه لما يصل ثلاث أقساط غير مدفوعة يراسل البنك الصندوق لتعويضها لكن الصندوق لا يعوض شيء.
وقال أنه ليس من حق البنك مقاضاة صاحب المشروع مباشرة دون المرور على صندوق الضمان القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
واعتبر قلال غياب المرافقة من أهم أسباب فشل المؤسسات المصغرة، ففي الدول المتقدمة مرافق واحد لديه 10 مؤسسات يرافق عملها في الميدان، مقابل مرافق واحد لمئات المؤسسات في بلادنا، كاشفا أنه عندما طرح المجمع هذا المشكل على الوصاية أجابت بعدم توفر المال لدفع أجور المرافقين، لذلك شكل غياب ميكانيزمات وهياكل المرافقة مشكلا إضافيا لأصحاب المشاريع، ما اعتبرها متابعات غير مؤسسة، وتصرف فردي من طرف البنك، ما جعل الكثير منهم يطالبون بإدراج أونساج كطرف في النزاع أو الخصومة.
تحسين مناخ الأعمال ...خطوة ضرورية
صرح قلال أن تحسين مناخ الأعمال مرتبط بإعطاء المؤسسات المصغرة الدور المنوط بها في الإنعاش الاقتصادي، فدولة مثل سنغافورة لا تملك ربع ما تملكه الجزائر من ثروات طبيعية تبوّأت تلك المكانة الاقتصادية من خلال اهتمامها بهذا النوع من المؤسسات، في حين أرجع السبب إلى غياب توزيع حقيقي للفرص والحقوق والثروة، فمن البديهي أن يعيش الجزائري في بحبوحة، لتوفر الموارد الطبيعية والمورد البشري من ذوي الكفاءات، لأن استغلالها يجعل الجزائر بالضرورة أحسن من الدول الأوروبية.
وأوضح المتحدث ضرورة مواجهة المشكل الحقيقي الذي تعانيه الجزائر في الواقع من أجل إيجاد الحلول المناسبة لإطلاق عجلة الاقتصاد الوطني، حيث لديها كل الفرص والإمكانيات لتحقيق مشروع الجزائر الجديدة، يكفي فقط امتلاك الشجاعة اللازمة لاتخاذ القرارات المناسبة، ووضع خطة للإنعاش الاقتصادي تعتمد على فتح حوار حقيقي في الملفات الشائكة التي تشكل عائقا أمام التقدم في مختلف المجالات، مع التوجه في المرحلة القادمة إلى الاحترافية والامتياز بالخروج من النظام الكلاسيكي.
تغيير نمط دعم الدولة للمؤسسات المصغرة ..أنجع الحلول
وكشف في ذات السياق، تقديم مجمع الدعم للمؤسسات المصغرة اقتراحات لمستشار رئيس الجمهورية لخضر بن عيسى كان من بينها استغلال الركود الاقتصادي العالمي لخلق قفزة نوعية، مع إلغاء وكالة «أونساج» و»أونجام» و»كناك» لفشلها الذريع في تحقيق مؤسسات صغيرة ومتوسطة ناجحة، وكذا خلق أجهزة دعم على مستوى كل وزارة بحيث تتكفل كل واحدة منها بالمؤسسات التي تدخل في سياق تخصصها، ما يجعل من مهمة مرافقتها ممكنة بتوفير حاضنات تساعدهم على الانطلاق في عالم الأعمال، بالإضافة إلى مسرعات ليتماشى مع الاقتصاد المتسارع الذي يعرفه العالم، إلى جانب العمل مع الأكاديميين والجامعيين.
وتأسف قلال للواقع الذي تعيشه المؤسسات المصغرة، حيث تشهد اليوم إعادة رسكلة للمؤسسات الفاشلة، ما يعني تمديد معاناة الشباب والعائلة وكذا هدر للمال العام، لذلك نصرح برفضه القاطع لإعادة الجدولة، معتبرا الحل كمرحلة أولى وأساسية لاسترجاع الثقة بزرع داخل الشباب الروح المقاولاتية والعفو الشامل، مقترحا في نفس الصدد المحافظة على المؤسسات الصغيرة من خلال ابتكار آليات للوقوف في وجه تعسف الإدارة وفسادها.