رافع رئيس الكنفدرالية لأرباب العمل المواطنين، محمد سامي عقلي، لصالح ضرورة النهوض بالإقتصاد الوطني، بما يضمن مستقبل الأجيال القادمة، ومساهمة كل الفاعلين في رسم حلول للأزمة.
تحدّث محمد سامي لدى نزوله ضيفا على «الشعب»، عن وجود «نظرة أولية لبناء نموذج اقتصادي جديد»، ودعا «للسير بهذه المنظومة قدما في هذه الفترة الصعبة، التي تتطلّب قرارات شجاعة ووضع اليد باليد مع السلطات من أجل الخروج من مخلفات الأزمة الصحية التي ألقت بظلالها على العديد من القطاعات، وتسبّبت في شلل الكثير من المشاريع الإقتصادية الكبرى، ما جعل رقم أعمال العديد من المؤسّسات تحت الصفر».
وقناعة منه بضرورة نجاح الخطة الإقتصادية الوطنية حتى لا تبقى الجزائر سوقا للبضائع المستثمرين الأجانب فقط، قال «ضيف الشعب»: «يتوجّب علينا اليوم الإنتقال إلى الإنتاج الوطني ضمن خطّة إجبارية تضمن الإنعاش الإقتصادي، وعلينا العمل معا وأخذ القرارات بالتشارك مع كل الفاعلين، وهي الإرادة التي لمستها غير أنّها تحتاج حلول للتأقلم مع الأزمة بترجمة حقيقية».
وعرج المتحدّث عن أزمات عاشتها الجزائر في السنوات الأخيرة من تدهور أسعار البترول ومشاكل إجتماعية وسياسية أثّرت سلبا على عجلة النمو الإقتصادي، غير أنّه وبعد إنتخاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، شهر ديسمبر، عادت الثقة بالإستقرار، وبتقدير عقلي، هذا ما خلق مجدّدا جوّا مناسبا للإستثمار والأمان لدى المتعاملين الأجانب.
كثيرون، حسب رئيس الكنفدرالية لأرباب العمل المواطنين، عادوا لفتح ورشات البناء وبعث الدراسات، غير أنّ الوباء العالمي الذي لم تسلم منه الجزائر أيضا، أخلط من جديد كل الأوراق الإقتصادية، وعرف تدهورا تاريخيا لأسعار البترول، ما أثّر بشكل كبير على الوضع الإقتصادي الوطني، خاصة وأن إقتصادنا للأسف، يضيف، «مبني على الريع والمدخول الوحيد الذي يمثل الأغلبية القصوى من المدخول الوطني القادم من المحروقات».
واستطرد عقلي «أنّ الأزمة الصحية أثّرت بشكل كبير على الإقتصاد الوطني، وتمّ غلق العديد من ولايات الوطن جراء الحجر صحي وتوقف النقل، التجارة، شركات مقفلة، مثلما عرفته ولاية البليدة حيث أنّ 100 بالمائة من المؤسسات المتمركزة بها كانت متوقفة، وبالتالي كان من المنتظر أن يؤثر الوضع على الإقتصاد والقدرة الشرائية وسيولة الشركات»، و»نحن اليوم ـ يقول سامي ـ نتحدث عن خمسة أشهر من أزمة، وخطة الحكومة كانت فيها صحة المواطنين قبل كل شيء.
وحسب توضيحات المسؤول: «الأزمة شلّت العديد من القطاعات كالبناء الذي يعرف أزمة قصوى والخدمات السياحية، ونحن في موسم الاصطياف حيث أن الشركات والفنادق لم تقم برقم أعمال واحد ما سيؤثّر على المدى المتوسط، خاصة الشركات ضعيفة الدخل ليسجّل الاقتصاد 3 بالمائة، وهو ما لم نعشه من قبل».
وفي ردّه على سؤال حول تقييمهم لعمل لجنة الحماية المكلفة بتقييم آثار وباء كورونا على الاقتصاد الوطني، ثمّن خطة الحكومة في إنشاء هذه اللجنة التي عملت بكل شفافية، حيث كانت صرحا لكل الشّركاء من أجل التشاور ومعرفة ما يحدث في المؤسسات. وقد تمخّضت عن هذه اللجنة قرارات جد شجاعة تمّ إتخاذها بعد عمليات تشاور مع الوزير الأول، جاءت عقب عشرات اللقاءات مع المسؤولين لطرح الاقتراحات.
و»نحن كمنظّمة ـ يقول عقلي ـ عملنا كقوة اقتراح وإعطاء نظرة مستقبلية للخروج من الأزمة التي خلّفها الوضع الصحي، واليوم هناك نظرة جديدة وقرارات أخذت ويتم تنفيذها على عكس مكان معمول به سابقا أين كنّا نسمع بقرارات غير أنّ تطبيقها يكون غائبا في الميدان».
وفي هذا الإطار، ذكر المتحدث بقرارات رئيس الجمهورية التي حرص فيها على مرافقة الشركات والمتعاملين الاقتصاديين والحرفيين بطريقة فعلية، وتم العمل به لمساندة وضمان أجور مئات الآلاف من المتعاملي،ن كل هؤلاء المتعاملين الاقتصاديين يقول عقلي، تم التكفل بهم.
وأشاد رئيس الكنفدرالية لأرباب العمل المواطنين، بالإجراءات المتخذة من قبل لجنة الحماية، والمتعلقة أساسا بتجميد كافة الأعباء المالية الخاصة بالمتعاملين الاقتصاديين المتأثرين بتداعيات جائحة كرونا، واستفادتهم من تعليق تطبيق جميع العقوبات والغرامات فيما تعلق بأداء التزاماتهم الجبائية في فترة الحجر عن طريق الإعفاء الضريبي، ومنح مساعدات مالية لفائدة أصحاب المهن الصغيرة على غرار سائقي سيارات الأجرة، الحلاقين..وغيرهم بقيمة 30 ألف دج مدة 3 أشهر.
خطوات جريئة، يقول رئيس الكنفدرالية لأرباب العمل المواطنين، جاءت لحماية المتعاملين من جهة وللحفاظ على صيرورة الاقتصاد والمحافظة على مناصب الشغل والقدرة الشرائية من جهة أخرى، وهي قرارات جد هامة ترجمت الإرادة الحقيقية والمتابعة المدقّقة من قبل السلطات.
ولعل أهم ما يجب الإجابة عليه هو كيف سيكون الإقتصاد في حال استمرار هذه الأزمة، فعلينا - يقول عقلي - التأقلم مع هذا الوضع، حيث لا يمكن حسبه غلق دولة فيجب إعادة القدرة الشرائية لتمويل الإقتصاد للعودة إلى المسار العادي، ومن هنا توجّب على الشركات التأقلم والتقيد بكل ما طلب من طرف السلطات من تعقيم وارتداء الكمامات، وكل عامل في شركة هو مسؤول على نفسه.