تعتبر المقاربة الجزائرية لحل الأزمة في مالي صورة واضحة عن بلد يربط استقراره وأمنه القومي باستقرار البلدان المجاورة لحدودها، على عكس الكثير من الديبلوماسيات التي تعتمد على خلق الحروب في مناطق مختلفة للحفاظ على أمنها القومي، وهو الفارق الذي جعل من الجزائر دولة تلقى احتراما كبيرا من مختلف الأطراف الموجودة بهذا البلد الجار.
خلال النقاش الذي عرفه منتدى «الشعب»، أمس، كشف وزير الخارجية صبري بوقدوم، أن مساعدة الجزائر للماليين لم تتوقف، فهي مستمرة في مد الجسور بين جميع الأطراف، على اعتبار انها دولة جارة يجمعها بالجزائر تقارب عائلي وقبائلي وتاريخ عميق، وهو ما منحها احتراما كبيرا في مالي، كاشفا أن البؤر المشتعلة على حدودها الشرقية والجنوبية تستوجب وجود جزائر قوية لتبني الخيار والحل السلمي في مالي، لأن استقرارها وأمنها ينعكس بالإيجاب على أمنها القومي.
وأكد صبري بوقدوم، أنه لا يمكن فصل مستقبل الجزائر عن مستقبل جيرانها في ليبيا ومالي اللذين يعيشان أزمة أمنية زاد التدخل الأجنبي وتناطح المصالح على أرضيهما من معاناة شعبيهما. فالمتتبع للدور الذي لعبته الجزائر في تحقيق الاستقرار في مالي، يجد أمامه دولة تبحث عن أمنها واستقرارها في أمن واستقرار الدول المجاورة لها، والتي صنع منها صراع المصالح لدول خارج القارة الإفريقية إحدى البؤر المشتعلة التي تحرص الجزائر منذ نشوبها على إخمادها، بفرض الحل السلمي وجلوس الأطراف المتصارعة على طاولة الحوار، خاصة وأن حروب اليوم تحولت الى حروب بالوكالة، الخاسر الأكبر فيها هو الشعب المالي.
وصرح بوقدوم، أن استقرار منطقة الساحل يعني استقرار الجزائر وكل ما يمس أمن هذه الدول يمس الأمن القومي الجزائري. فما تعرفه من تهريب للأسلحة والمخدرات ونشاطات أخرى غير مشروعة، هو تهديد حقيقي لأمن المنطقة ككل، بل ويجعل منها منطقة ملغمة بوجود حرب مصالح متضاربة ومتصادمة، على عكس الجزائر التي تبحث عن حل بعيدا عن الهيمنة أو المصلحة وهو السبب الذي جعل منها محل ثقة من مختلف الأطراف المالية التي تبحث عن حل سلمي لأزمتها.
وكشف في سياق حديثه، أن مالي طلبت من الجزائر مشاركة الجيش مع قوات حفظ السلام المتواجدة هناك، لما تملكه من احترام وثقة من هذا البلد الجار. مؤكدا أن عدم مشاركة الجزائر معها مرتبط بمانع دستوري ينص على عدم مشاركة القوات الجزائرية خارج حدودها الجغرافية. وأبدى تأسفه لعدم وجود أفراد من الجيش الجزائري في البعثات الأممية وقال إنه من غير المعقول تواجد 15 ألف جندي من قوات حفظ السلام في مالي، لا يوجد بينهم جندي جزائري واحد، نظرا لدورها الإقليمي المحوري والأساسي في حل النزاع في هذا البلد. وكشف في الوقت نفسه، أن الجزائر مطلوبة في كثير في قوات حفظ السلام، حيث تصر بعض الدول على وجودها بسبب الثقة التي تضعها فيها.