طرح أستاذ التكنولوجيات الرقمية بجامعة هواري بومدين فريد فارح، عدة إشكاليات مرتبطة بالجريمة الإلكترونية والتحديات الجديدة المفروضة، مبرزا ما يتعرض له أكثر موقع تواصل اجتماعي استعمالا في الجزائر «الفايسبوك» من مختلف الجرائم الخطيرة خاصة ما تعلق بالمعلومات المغلوطة والتحريض على الكراهية والعنصرية، مشيرا إلى أن أكثر من 53 بالمائة من الجزائريين يستعملون هذا الموقع في حين لا تتعدى نسبة مستخدمي تويتر 1.98 بالمائة من أصل 24 مليون جزائري من رواد شبكات التواصل الاجتماعي.
تطرق الأستاذ فارح خلال عرض قدمه حول موضوع الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي بمنتدى جريدة «الشعب» في انطلاقته الجديدة، إلى الحديث عن التداعيات السلبية للأخبار المغلوطة وكيفية مواجهتها والتصدي لها خاصة مع انتشار وباء كورونا الغامض الذي غذى الشائعات خلال هذه الفترة، ما جعل «الفايسبوك» المكان المفضل لتداول مختلف المعلومات والأخبار المرتبطة بالفيروس، كاشفا عن آخر إحصائيات إدارة الفايسبوك منذ بداية الحجر العالمي التي تهدف إلى الحد من الإشاعات المتداولة، حيث أن أزيد من 2،6 مليار شخص يستعمل الموقع بصفة دورية ويستغرق كل شخص على الأقل 38 دقيقة يوميا، بالإضافة إلى أن أكثر من 90 بالمائة يلجون للموقع عبر هواتفهم النقالة.
وأوضح المختص في التكنولوجيات الرقمية أن مطوري المحتويات جعلوا من موقع «الفايسبوك» وسيلة هامة تنافس عدة مهن في مقدمتها الصحافة وحتى النشاط السياسي الذي أصبح يمارس بطريقة رقمية، زيادة على جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بخصوصيات جميع رواد الموقع، حيث يعد أكبر مخزن للمحتوى الإعلامي في العالم ولكن في المقابل لا ينتج ولا 1 بالمائة من هذا المضمون والمحتوى، مضيفا أن المعلومات المضللة المتداولة عبر صفحاته باتت مشكلة على نحو متزايد وازدادت شهية رواد هذه المواقع للأخبار المفبركة التي تنتشر بكثافة أكثر وبسرعة أكبر ومن مصادر متعددة.
وفي ذات السياق، يرى الأستاذ أن التعايش الذي فرضه هذا الموقع نتجت عنه مشاكل قانونية وعدة إشكالات، إذ سمح بتنامي الجرائم الإلكترونية بمختلف أنواعها، كما أصبح العالم الافتراضي موازيا للمجتمع الحقيقي مستدلا على كلامه بالأحزاب السياسية وأصحاب القرار الذين يفضلون الاستثمار في الوجود الافتراضي على الواقعي، زيادة على أن أغلب الشركات والبنوك الاقتصادية يسوقون لإعلاناتهم عبر الفايسبوك، مستغلين العدد الكبير لمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي لكسب المال وتحقيق الأرباح.
كما حذر المختص في التكنولوجيات الرقمية من استعمال «الفايسبوك» بصفة عشوائية، بالإضافة إلى خطر تداول المعلومات الشخصية بدون أخذ الاحتياطات، موضحا أن الجزائريين عاشوا خلال سنوات سابقة فراغا رقميا كبيرا، ومع فتح الفضاء الافتراضي وميلاد شبكات التواصل الاجتماعي وإتاحتها للجميع أصبحوا يستخدمون الموقع بدون حدود ولا ضوابط قانونية أو أخلاقية نظرا لعدم إدراكهم للتأثيرات السلبية الناتجة عنه وكيفية التعامل بالطريقة السليمة التي لا تعرض حياتهم إلى الخطر بعد أن أصبحت حياتهم الواقعية أسيرة عبر تلك الشبكة.
وفي سياق آخر، أضاف الأستاذ فارح قائلا: «رغم أن مصانع إنتاج البيانات تخزن في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن الأخبار المغلوطة مشكل كبير لا يحدث في الجزائر فقط بل في مختلف الدول»، أولها أمريكا التي لم تسلم من التداعيات السلبية والخطيرة للمعلومات الكاذبة والشائعات بسبب تجييش الفايسبوك واستعماله في الترويج للأنشطة السياسية، والتحريض على الاحتجاج والشتم والانتقاد المشكوك فيه عبر هذا الموقع.