معاناة ولدت عزيمة على استعادة وطن مسلوب

فتيحة كلواز

يناضل من أجل العدالة من خلال عمله الإنساني الذي اعتبره لغة تتجاوز حدود الجغرافيا والاسمنت المسلح الذي صنع جدرانا طويلة فصلت بين الإنسان وأخيه، سعيد عموري واحد ممن اختار الرياضة لإبلاغ صوت كل مواطن من الصحراء الغربية يحلم في كل يوم بوطن حر يبني دولته بسواعد أبنائه المشتتين في الملاجئ، هو الإنسان عندما يحمل على عاتقه قضية لا رابط له بها سوى معاناة شعب يبحث عن وجوده كأمة.
عند نزوله ضيفا على جريدة « الشعب» رفقة وفد من المشاركين في مراطون «سمرا – العيون»، أكد  سعيد عموري أن مشاركته فيه هي استمرار لأول مشاركة خاضها في 2009 معتبرا في ذات السياق أنها أول خطوة في مسيرته النضالية لإسماع صوت الشعب الصحراوي ومعاناته اليومية عن قرب، معتبرا أن غياب البنى التحتية والمرافق والخدمات والأفق الغامض ساهموا في جعل الصحراوي في حالة ترقب دائم لما يحمله الغد لهذا الشعب المسالم، كاشفا أن نضاله السلمي هو تجربة متفردة الهدف الأول منها التحسيس بالقضية الصحراوية التي تعرف تعتيما إعلاميا مقصودا كان السبب وراء بقائها مجهولة للكثيرين من الشعوب الأخرى.
وأرجع سعيد عموري سبب هذا التجاهل الإعلامي للقضية الصحراوية خاصة في فرنسا إلى حرب المصالح التي أصبحت تتحكم في المواقف السياسية للدول، وهو الأمر الذي يقف وراء انحياز الموقف الفرنسي إلى الجانب المغربي، قائلا أن الإنسان هو الغائب الأكبر في الحسابات السياسية، لذلك وعند نزولهم ضيوفا على العائلات الصحراوية في تندوف لمسوا إجحاف السياسة في حق الإنسانية، خاصة عند اطلاعه على قلة الإمكانيات الموجودة في المناطق المحتلة، ما زاد من معاناة شعب تعود على الحياة دونها.
معتبرا أن الجدار الذي شيّد على طول 2700 كم بالاسمنت المسلح رسم بقسوة المأساة الذي يعيشها الشعب الصحراوي منذ إعلان البوليساريو قيام الجمهورية العربية الصحراوية الغربية في 1976، لذلك ومنذ 2009 لا يستطيع تجاهل الحديث عنها لأن حربهم سلمية سلاحهم فيها التحسيس والتوعية من خلال التضامن والعمل الإنساني، كاشفا في ذات السياق أن المجتمع الصحراوي استطاع الوقوف صامدا أمام كل ما يقوم به الاحتلال المغربي فقط بسلميتهم وقناعتهم الراسخة يستطيعون بلوغ الهدف.   
وعن هذه الحياة كشفت ايما التي استضافتها إحدى العائلات الصحراوية لأربعة أيام، الأسبوع الماضي، أنها تجربة مهمة ساهمت بالاطلاع على الحياة الحقيقية التي يعيشها الصحراويون، الذين رغم ذلك لم يفقدوا المعاملة الإنسانية نحو الآخر، لأنها وباقي الوفد الفرنسي المكون من أربعة أشخاص وجدوا حرارة استقبال لا توصف وكرم ضيافة مميزة رغم الإمكانيات القليلة، كما نوهت في حديثها عن المجتمع الصحراوي عن الدور المحوري الذي تلعبه المرأة الصحراوية في الإبقاء على تماسك كل تلك الروابط الاجتماعية التي تجعل منهم هوية متفردة والمكون الأساسي للشعب الصحراوي.
واعتبرت ايما أن مشاركتها وزملاءها في المراطون هو انعكاس لإيمانهم الراسخ بالدور الذي يمكن للرياضة أن تلعبه في التضامن مع القضية الصحراوية وكذا لنقل المعاناة التي يعيشها الشعب الصحراوي إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، خاصة وأن القضية تعرف تلاعبا كبيرا من طرف الدول الكبرى بغية استغلال ثرواتها الطبيعية من بوابة المملكة المغربية، وهو تعبير صريح عن تضامنهم مع القضية الصحراوية التي زادها التماطل الدولي في إيجاد حل سياسي لإنهاء احتلال آخر مستعمرة في إفريقيا.
هي الغاية التي وضعتها 51 جنسية من مختلف مناطق العالم شاركت في المراطون من أجل إيصال القضية الصحراوية إلى بلدانهم  لصناعة رأي عام عالمي يقف مع شعب يناضل في كل يوم من أجل البقاء كوحدة وهوية لها كيانها الخاص بعيدا عن التبعية المغربية، ولتوسيع رقعة التضامن مع هذا الشعب الذي يعيش تحت نير الاعتقالات لكل من يحاول التعبير عن حق الشعب الصحراوي في الاستقلال والحرية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024