عندما يصرّح مسؤول سابق في الدولة الجزائرية بتصريحات تتنافى تماما ليس مع توجهات أو خيارات ظرفية ولكنها تناقض مبادئ وثوابت راسخة لدى الجزائريين شعبا ودولة، مبادئ تمت ترجمتها إلى مواد في دستور الجمهورية الجزائرية، فإن ذلك يطرح الكثير من التساؤلات لعل أهمها، كيف لشخص كهذا أن يتبوّأ المناصب العليا التي وصل إليها في الدولة وكذا الوصول إلى الأمانة لحزب تاريخي بحجم «الآفلان» التي قامت فلسفته أصلا على مبدأ التحرر و تقويض الفكر الاستعماري أينما وجد، بل إنها الفلسفة التي شكّلت الوقود الذي حرّر البلاد من الاستعمار و على ضوئه تحدّدت لاحقا كل مواقف الخارجية الجزائرية تجاه القضايا الإقليمية والدولية من أهمها، مناهضة النظام العنصري في جنوب إفريقيا والقضيتان الفلسطينية والصحراوية، باعتبارهما مسألتا احتلال وضعتهما الشرعية الدولية و لوائح الأمم المتحدة في خانة الأراضي المحتلة قبل الجزائر ؟.
لقد ظلّت و لا تزال السياسة الخارجية الجزائرية منسجمة مع مبادئها و أسسها وخارج هذه الاعتبارات لا يمكن قراءة السلوك الخارجي لبلد مثل الجزائر الذي لم يبن أي موقف على ضغينة أو حقد، لأنه لا يكّن أي عداوة للأشقاء المغاربة التي تربطنا بهم وشائج الجوار والأخوة والدين واللّغة... إلخ وهي الوشائج نفسها التي تربطنا بأشقائنا الصحراويين كذلك، لهذا لا يمكن للشعب الجزائري، إلاّ أن يتألم عندما يرى شقيقا يرزح تحت احتلال شقيق آخر لهذا لا يمكنه أن يغض الطرف عن الظلم وهو الذي تجرّع «حقرة» احتلال لأكثر من قرن ؟ لهذا فإن أي جزائري يفكر بغير هذا المنطق هو شخص مصاب إما بانفصام أو إنسلاخ أو بهما معا ؟ !