دعا الدكتور سليمان أعراج أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 03، للتدقيق في مصادر المعلومات والتحلي بالمسؤولية فيما يكتب ويقرأ، والإلتزام بأخلاقيات المهنة، مؤكدا أن الرهان الحالي يدور حول المعلومة التي تعد إحدى النقاط التي تتقاطع حولها جملة من المفاهيم الديمقراطية وحرية التعبير والتفكير وحقوق الإنسان، متسائلا عن كيفية التعامل مع المعلومة في ظل التطور التكنولوجي، كما أشار إلى أن مسألة ضخ المعلومات وتعددها تضرب مصداقيتها وتشتت تركيز المتلقي.
حاول الدكتور أعراج من خلال مداخلته، أمس، بمنتدى جريدة «الشعب» الموسومة بالإعلام في مواجهة صناعة الأخبار الكاذبة تقديم تشخيص لما هو حاصل، خاصة وأننا أمام أحد الصور الجديدة للصناعة الإعلامية، لكن بأهداف واستيراتيجيات أخرى، قائلا :»هناك محاولات لتضليل العقول انطلاقا من استغلال حق من الحقوق، هذه المسألة لابد أن يتفطن إليها الجميع وأن نختار طريقا آخر للتعامل «.
وأضاف أن الرهان اليوم يدور حول المعلومة، هذه الأخيرة هي أحد النقاط التي تتقاطع حولها جملة من المفاهيم الديمقراطية، مفاهيم حرية التعبير والتفكير بما فيها حقوق الإنسان، متسائلا عن كيفية التعامل مع المعلومة في ظل التطور التكنولوجي الذي تعزّز بمسألة الإنكشاف، الذي يسمح بطريقة سهلة جدا باختراق واقع المجتمعات في إطار الأمن الفكري، لأنه عندما يكون لدينا أمن المعلومة ننجح في صيانة مفهوم الأمن الفكري.
في هذه النقطة أبرز الباحث الجامعي أن الحقيقة هي أهم نقطة يركز عليها الصحفي المحترف بخصوص ما تعلق بنقل الأخبار وممارسة أدواره الإعلامية أو الوظائف التنموية للإعلام، وأنه إذا نجحنا في الإجابة على سؤال هل تغيرت علاقتنا مع الحقيقة؟ نتمكن من الوقوف على الإشكالات التي يمكن من خلالها وضع إطار مرجعي لمواجهة هذا الخطر الجديدة ألا وهو صناعة الأخبار الزائفة، مشيرا إلى أننا بصدد التعامل مع شكل جديد من أشكال التطرف، لأن هناك تعامل غير منطقي مع المعلومة وبطريقة مغلوطة تضرب بها سيادة الدول والدور التنموي للإعلام وغيرها من المسائل.
وحسب أعراج فإن المعلومة المتداولة، أصبحت تقاس من خلال عدد الإعجابات في الفايسبوك، فمثلا فيديو ينشر أخبارا مغلوطة يلقى نسبة مشاهدة عالية بمليون متابع تقريبا، بحيث تصبح الوسيلة الإعلامية مجبرة على التعامل مع هذه الظاهرة رغم أنها تحمل من المغالطات ما يشكل تهديدا للسيادة الوطنية، علاوة على ذلك فقد انتقلنا من النوع إلى الكم ودخلنا في التمييع، هذا الأخير يضرب المصداقية والدور التنموي للإعلام، كما فرضت علينا شبكات التواصل الإجتماعي الإنتقال من الحديث عن النوعية والتوعية إلى إثارة الإنتباه كمحاولة الفوز بالسبق الصحفي، أضحت خطرا آخر يؤثر على الحقيقة ومصداقية الوسيلة الإعلامية وذلك في إطار البحث عن الأصداء والتميز بشكل أو آخر بإستعمال أدوات غير قانونية.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أننا اليوم أصبحنا في ظل التطور التكنولوجي الذي لا نملك القدرة على المسايرة نظرا للسرعة الكبيرة للإنتشار، ما أنتج لنا فجوة في إستعمال المعلومة وعدم قدرتنا على مراقبة المعلومات، وهنا تبدأ الإشكالية قائلا:» 70 بالمائة من المعلومات التي تضخ عبر شبكات التواصل الإجتماعي بالولايات المتحدة الأمريكية تخضع للمراقبة، التحكم في المضامين المسوقة عبر شبكات التواصل الإجتماعي في الدول النامية خاصة العربية تفرض عبئا آخر يستدعي التعامل معه بحذر».
بالمقابل تأسف أعراج عن أن ما يروج اليوم عبر شبكات التواصل الإجتماعي يلقى قبولا ومتابعة والمعروف بجمهورية المستبقين، مشيرا إلى أن الإشكال في سرعة إنتقال المعلومة والكم الهائل لها عبر شبكات التواصل الإجتماعي جعلت المتلقي يتلقاها ببديهية وكأنها مسلمات ومعلومات دقيقة قائلا:» هذه المسائل أصبحت اليوم تؤثر بصورة مباشرة على العمل الإعلامي وامتدت للتأثير على أمن المجتمع، ومن الصورة السلبية هي ممارسة الشحن العاطفي، وهي من بين الإشكالات التي تجعل المضامين المسوقة لا تهتم بالموضوعية بقدر ما تهتم بالعمل على نشر أي كلام لأغراض».
في هذا السياق أوضح ضيف منتدى «الشعب» أنه كلما خاطبنا العاطفة ولم نخاطب العقول كلما اتجهنا نحو التعدي على المصلحة العامة، وحسبه فإنه لابد من ضوابط تراعي سبل مواجهة الإشكالات التي ينتجها التطرف في إستعمال المعلومة، ونبه لمسألة من يمتلك الحق في القول بحكم أن هناك أشخاصا يحتكرون الأحقية في الكلام بدل قول الحقيقة، وهو من الوقائع التي أنتجتها شبكات التواصل الإجتماعي وصناعة الأخبار الزائفة عبر هذه الشبكة و بعض المنصات الإلكترونية وتقدم نفسها كبديل وفيه تأثير على عقول الناس.
موازاة مع ذلك تحدث أعراج عن مسألة ضخ المعلومات والتعدد الذي ضرب المصداقية وشتت تركيز المتلقي، بصنع الأخبار الزائفة التي تستهدف سيادة واستقرار الدول والأمن المجتمعي لكثير من المجتمعات، قائلا إنه حينما نفهم التشخيص نستطيع بناء الوعي فالإدراك، هذا الأخير ينعكس بصورة مباشرة على السلوك ويأتي في شكل قرارات ومراسيم قوانين أو تعاملات يحتكم إليها الصحفي في تعامله مع المعلومة.
نشر الأخبار الزائفة هي مسؤولية مشتركة
وأضاف أن نشر الأخبار الزائفة هي مسؤولية مشتركة لا يتحملها الصحفي فقط، بل أن مؤسسات الدولة تتحمل جزءا من المسؤولية بسبب غياب التنسيق، وحسبه فإنه لابد من خلق نمط معين خاصة في ظل حساسية الظرف الذي نعيشه وأهمية المضي في إنتخابات رئاسية يسودها جو من الهدوء والشفافية بما لا يؤثر على قدرة المواطن على الإختيار وبما يتيح مسألة تكافؤ الفرص بالنسبة لكل المترشحين، وللإعلام دور أساسي في ذلك.