الأمن الغذائي الوجه الآخر للاستقلال الاقتصادي
ماذا تحقق في معركة الأمن الغذائي التي تخوضها الجزائر منذ سنين؟ ولماذا التمادي في استيراد الحبوب وغبرة الحليب رغم ملايير الأموال الموجهة للدعم الفلاحي؟ هل من تقييم للحصيلة المسجلة في هذا المجال؟ إنها اسئلة مطروحة بحدة في هذا الظرف وأعيدت في “منتدى الشعب” من قبل الكثير من الحضور ومتتبعي الشان الفلاحي الذي يعد بحق عصب البناء والتطور بصفته الثروة الدائمة والممر الحتمي لاستقلالية القرار السياسي ومكسب السيادة الوطنية على الاطلاق.
اكد هذا الطرح محمد عليوي من “منتدى الشعب” مرافعا لإجراءات جذرية وإصلاحات تعيد الأمل لفلاحة لم تقو على تحقيق المردود الأنسب في مختلف الشعب فاتحة المجال للاستيراد وما يحمله من خطر على الامن الغذائي الوجه الاخر للسيادة غير القابلة للابتزاز والمساومات من قبل قوى تتخذ من المواد الغذائية ورقة ضغط تلوح بها متى تشاء وتستعملها وقت ما تستدعيه المصلحة وما يفرضة النفوذ.
اكد هذا الطرح عليوي متوقفا عند الاختلالات والفوضى التي عرفها القطاع الفلاحي الذي يتعرض لاعتداءات ونهب من مافيا العقار وتطاله جماعات ضغط تتحكم في دواليب المال ، تفرض قانونها على الجميع دون وازع ضمير واخلاقيات وظيفة او ردع تشريعي. هي مافيا تاخذ اشكالا متعددة وانماطا لكنها تتفق حول الهدف الواحد الوحيد: نهب العقار الفلاحي وتحويل الارض التي استولت عليها في اطار قوانين وتشريعات منها قانون 87 حول المستثمرات الفلاحية ، لاغراض غير اغراضها.
والنتيجة تقلص الاراضي الفلاحية بطريقة تبعث على القلق والحيرة. وتراجع المحاصيل لا سيما القمح الذي منح الاولوية في كل السياسات منذ الاستقلال ووضع في اولى الاهتمام والعناية. وكادت الامور ان تبلغ درجة اخطر لولا تدخل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي اصدر تعليمة في هذا الشان تمنع المساس باي ارض فلاحية ثم دسترة ذلك في مادة قانونية لا تسمح باي خلل واختلال.
« التهديد مستمر رغم الجلسات الوطنية واللقاءات مع مختلف الاطراف الفاعلة في الفلاحة. التهديد اخل بتوازن معادلة خدمة الارض.” هكذا تحدث عليوي بنبرة غضب وهو المدرك بشؤون الفلاحة منذ فجر الاستقلال وعاش مختلف الحقب والتطورات والمراحل التي مرت بها.بل عاش الجرائم الاقتصادية جراء التطبيق المعاكس للمبدأ والشعار المرفوع الارض لمن يخدمها وتحويلها بصورة سلبية مقززة الارض لمن لا يخدمها.
استمر الوضع على هذا المنوال رغم صرخات اهل الاختصاص والفلاحين ومن له غيرة على هذا الحقل من يحمل مثقال ذرية من المواطنة والوطنية حتى جاءت تعليمة رئيس الجمهورية 3 دفعة واحدة شهر رمضان المعظم ووضعها خطوطا حمراء لاستغلال الأرض بطريقة عشوائية من قبل دخلاء ، مافيا المال والأعمال الذين يرون في العقار الفلاحي مصدرا مؤمنا لتحقيق مدا. خيل وإرباح وزيادة نفوذ اكثر من رفع الإنتاج والاندماج بوفاء في معركة الأمن الغذائي الذي تعد امتدادا لمسعى تحقيق الاستقلال الاقتصادي اكبر تحد لجزائر البناء والتشييد.
لا يعقل ان تبقى الجزائر التي تحدت الصعاب وكسبت الرهان في مواقع عدة ان تتعثر في تحقيق الهدف الاسمى الممثل في الامن الغذائي برفع محاصيل الانتاج الوطني وتقليص قدر الممكن من الاستيراد لا سيما الحبوب الذي يتراجع ويبقى ليس فقط عرضة للتقلبات المناخية بل لممارسات من لا علاقة لهم بخدمة الارض وزعت عليهم مستثمرات منذ 1987 لم يلتزموا بالتعهدات أو بما ورد في عقود الاستفادة مساهمين في هذا التدحرج الخطير فاتحين المجال لتهديدات الخارج الملوح دوما بورقة المواد الغذائية واتخاذها من اجل المساومة والابتزاز وفرض املاءات تعزز التبعية وترهن السيادة الوطنية .
من المؤكد ان المستثمرات الفلاحية تقررت في حملات ظرفية لم تخضع للمتابعة ، الإصلاح والتقويم تبعا للوضعية التي الت اليها وجراء الافرازات التي احدثت فوضى عارمة ، قلصت المنتوج الوطني وفتحت الباب على مصراعيه للاستيراد العشوائي الذي اغرق السوق الجزائرية بمنتوجات هي في غنى عنها وسلع غير ضرورية ولدت التساؤل المحير ثم ما ذا بعد؟ ما العمل لاخراج البلاد من هذه الاختلالات واعطاء اجوبة كيف السبيل لتحريك الالة الانتاجية لارض تنبت كل شيء في الجزائر التي كانت تغذي اوروبا باكملها في وقت مضى لتتحول الى مستورد لقوتها اليومي؟
قالها عليوي بمرارة وتحسر ان الاتحاد العام للفلاحين الجزائريين الذي يعز عليه رؤية هذه الصورة يرافع لتغييرات جذرية تجعل من مختلف الوزارات التي لها علاقة بالارض من قريب او بعيد شركاء في معركة الامن الغذائي بتقاسم وظيفة الانتاج، التخزين والتوزيع بعيدا عن قاعدة هذا ليس من اختصاصي وصلاحياتي او ترديد عبارة “تخطي راسي”.