كل شيء جميل هرب مني، لعبتي التي كنت أتباهى بها أمام أصدقائي فرحتي بعودتي من المدرسة، حضن أمّي الدّافئ الذي كان يعيد لي الطمأنينة ويرسم لي المستقبل الجميل، البسمة التي كانت تطل بها ابنة الجيران كل صباح، وكأنّها وجه النّهار الضّاحك المرتاح. وهي تحمل في جيدها طوق الياسمين الشامي تزين به قدها المنير، كل شيء أصبح جحيما وأنتظر أن تطل علينا الحياة، هنا موتُ بطيء وبطيء يقتل بالخنجر صدأ لا يرحم جلاده حتى الموتى، الموت أصبح شبحٌ مرهبٌ يمر كل لحظة على شوارعنا،وبيوتنا ويأخذ منّا أعزّ النّاس. هذه الدروب التي تشبه القيامة كانت ذات يوماً معبئة بالفرح والجمال، لم يعد متسعٌ للفرح، ولا لانتظار العيد وفرحته وطقوسه التي تجدّد تلاحم الأفئدة التي ضيعت بوصلة الإيمان ويستمر الجرح للطّفل العربي الجريح.